الحلقة الإذاعية الخامسة “الاطفال وثقافة اللاعنف-رؤية نحو جيل يؤمن بالطرق السلمية”

الحلقة الإذاعية الرابـعة “اللاعـنف و التهمـيش الإجتماعي “
19 يونيو، 2019
الحلقة الإذاعية السابعة “النشاطات اللامنهجية لطلاب المدارس وأثرها في تعزيز ثقافة اللاعنف”
7 أغسطس، 2019

الحلقة الإذاعية الخامسة “الاطفال وثقافة اللاعنف-رؤية نحو جيل يؤمن بالطرق السلمية”

2 يوليو، 2019

ما أنت بفاعل إن تعرضت للتعنيف؟ سؤال يجب الوقوف عند إجابته طويلا إن كان المسؤول شخصا بالغا يعلم تبعات التصرف ويدرك عواقب ردود فعله، أما إن كان المسؤول طفلا فهنا يتوجب الوقوف طويلا جدا عند إجابته واتباع الوقوف بالتحليل من أجل استقراء مستقبل اللاعنف في المنطقة.

فريق إعداد برنامج اللاعنف منهج حياة، نزل إلى الشارع الغزي وقام بطرح هذا السؤال على أطفال تراوحت أعمارهم بين الثانية عشر والخامسة عشر، وتنوعت إجاباتهم فمنهم من اختار التسامح، ومنهم من فضل الشكوى للمسؤول عن الطفل المُعَنِّف سواء كان والده في المنزل أو المدير في المدرسة أو اللجوء للشرطة في الشارع، ومنهم من اختار أخذ الحق باليد ورد العنف بالعنف، وهناك من ذهب لوضع مسوغات ومبررات كالوضع العام الذي يعيشه قطاع غزة، لكن هناك طفل واحد قال أنه سيشعر بالإهانة إن تعرض للتعنيف.

هذه الإجابات علق عليها رئيس مجلس إدارة مركز غزة للثقافة والفنون الأستاذ أشرف سحويل، الذي قال أنه من الطبيعي أن يتصرف كل طفل إزاء المواقف التي يتعرض لها بما يتسق مع البيئة التربوية التي نشأ فيها بل ويجب أن تتنوع الردود بين السلبي والإيجابي، وذلك لأن بعض الأهالي يوصون أبناءهم بأن يتوجهوا للمسؤول المباشر في حال تعرضوا لأي موقف عنيف، أو عدم الرد على الإساءة مباشرة والرجوع لأهل وابلاغهم كي يتصرفوا هم بالنيابة عن الأبناء بمعزل عنهم أو بالتعاون معهم، وعلى النقيض هناك أطفال يلجؤون للرد على العنف بالعنف مباشرة فيضرب ويكسر ويشتم، وهذا مرده قد يكون أحد البيئات التي تداخلت في تنشئة الطفل من البيت أو المدرسة أو الحي أو غيرها من البيئات.

“لم أكن البطل في نظر أهلي”

المرشدة النفسية من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ألفت سرور، أكدت أن السبب الأهم في لجوء الطفل لرد العنف بالعنف هو دفع المؤسسة الأولى التي ترعرع فيها لأخذ حقه بيده، فيسعى بدوره لتبني رد الفعل السلبي “العنيف” كي يكون بطلا في نظر الأهل أو المربي، وإلا فهو جبان ومستسلم، منوهة إلى أن الطفل يبدأ بتكوين مبادئه ونزعاته نحو العنف أو اللاعنف في سن ما قبل المدرسة (من ثلاث سنوات حتى خمس سنوات)، وتظهر بمواقف بسيطة تتناسب مع المرحلة العمرية، تنمو وتكبر مع نمو الطفل، لذلك إن نجحنا في جعل الطفل مميزا بين العنف واللاعنف، سينجح الطفل كلما كبر في التحكم بردود فعله تجاه المواقف التي سيتعرض لها مستقبلا.

وحول الآليات الأمثل لرفع وتعزيز القيم الايجابية لدى الطفل، تضيف سرور، هناك أكثر من آلية يمكن للمربي استخدامها منها القدوة، التعزيز، التشكيل، التعميم، والتمييز، أما الآليات التي تساعدنا على محاربة القيم السلبية لدى الطفل هي الإطفاء من خلال التجاهل والإهمال، العقاب التربوي بعيدا عن الضرب.

وأضاف الاستاذ أشرف سحويل، أن جمعية مركز غزة للثقافة والفنون بدأت التحضير مبادرة تحت عنوان “دمية وحدوتة” بالشراكة مع مؤسسة بال ثينك ضمن المشروع الذي تنفذه بعنوان “تجمع المؤسسات الأهلية من أجل نشر ثقافة اللاعنف” ، وهذه المبادرة تندرج تحت إطار الطرق الإبداعية في غرس القيم الراقية وتعزيز مفاهيم اللاعنف لدى الأطفال من خلال استخدام دمى الماريونيت التي لاتزال رغم التقدم التكنولوجي الحاصل لها دور أساسي في غرس القيم الإيجابية عند الأطفال، معقبا أن الطاقم المنفذ لهذه المبادرة خضع لتدريب خاص من “بال ثينك” كي يوائم النصوص المسرحية المعروضة أمام الأطفال مع مفاهيم اللاعنف بهدف ضمان تحقيق الهدف المنشود من المبادرة، إضافة إلى تدريبهم على خلق حوار فاعل بين الشباب المبادر والأطفال المستهدفين، مشددا على أن الأدوار التي تلعبها مؤسسات المجتمع المدني في هذا الجانب هي أدوار تكاملية لما تقدمه المؤسسات التربوية الحكومية والتابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

التفريغ النفسي وطرقه  

تقول المرشدة النفسية أن الضغوط النفسية في المجتمع المدني تتراكم وهنا يجب ترك المجال للمشاعر أن تخرج بهدف التفريغ النفسي في حال مر الطفل بموقف ضاغط من خلال البكاء، الصراخ، الرسم، الرقص، أو الرياضة، منوهة أن الكبار يرددون ان الطفل لا يدرك شيئا أو لا يعرف هموما، وهذه العبارة غير صحيحة بالمطلق، فالأطفال ليست مخلوقات غير مبالية أو تخلو من القلق والهموم، فلو نظرنا على سبيل المثال إلى مجموعة تلهو وتلعب من الأطفال قد نجد طفلا منعزلا عنهم يبكي وغير مدموج معهم، فهذا بالنسبة له قلق وهذا همه الآني، وهذا الهموم تختلف لدى الأطفال من فئة لأخرى ومن مرحلة عمرية لأخرى، ولعل من زيادة القول أن الطفل الذي يعاني ظروفا اجتماعية ركيكة في المنزل مثل انفصال الأبوين.

وذكرت “كمرشدين نفسيين نحن نتبع طرق تفريغ انفعالي عدة مع الطفل الاسترخاء والتأمل والتنفس، العميق الرسم، الرياضة، لكن الأهم هنا هو أن أعرف الطريقة الأمثل للتفريغ مع كل طفل مع التوجيه المرافق للعملية، مثل سؤاله لمَ اخترت الرسم بهذه الألوان؟ ولم هذا الجزء أكبر من غيره في الرسمة؟ وتحليل هذه المعلومات من أجل مساعدته في التخلص من الشحنات السلبية التي يعاني منها، وبهذا سأقلل العنف الذي قد يلجأ له الأطفال.

وشدد الضيفان على أهمية تعزيز الهوية الذاتية لدى الأطفال دون إهمال الفروق الفردية بينهم من خلال إشراكهم في النشاطات والمبادرات المختلفة لصقل مهاراتهم وهواياتهم والتعبير عن أنفسهم بطرق راقية مثل الحوار، خاصة وأن تفاعلهم مع بعضهم البعض يساعدهم على إيجاد طرق ناجحة وراقية لحل النزاعات التي يواجهونها أثناء خوضهم لهذه التجارب، حتى لو كانت التجربة لعب والمشكلة هي توزيع الأدوار فيما بينهم، محذرين المشرفين والأهل من مقارنة الطفل مع أقرانه بهدف دفعه لسلوك ما، فهذا يعزز الحقد والكراهية والغيرة فيما بينهم.

ولفت الضيفان إلى خصوصية أطفال قطاع غزة وأثر التجارب الصعبة التي مروا بها من حروب ووضع اقتصادي متردي يزيد من نزعتهم إلى العنف، وهنا يجب البدء جديا بالتفكير بمحاربة أثر الخوف والقلق الذي يعاني منه الطفل لما له من أثر سيء على هويتهم الذاتية، معبرين عن إيمانهم بالأجيال القادمة من أجل خلق مجتمع خال من العنف.

 

 

Comments are closed.