هذه المرة تناولت بال ثينك التجارب الدولية في تعزيز اللاعنف وكيفية استثمارها في المشهد الفلسطيني، ضمن برنامج اللاعنف منهج حياة الذي يبث كنشاط اذاعي لمشروع تجمع المؤسسات الأهلية من أجل نشر ثقافة اللاعنف، مستضيفة مدير مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية عمر شعبان واستاذ حل النزاعات في الجامعة العربية الامريكية د. أيمن يوسف.
في البداية أكد عمر شعبان أن النهج اللاعنفي والدعوة إلى الحوار والتسامح كان ولا زال العنوان الأساس الذي تتبعه بال ثيمك منذ نشأتها، وترجمت هذا الأمر أكثر من مرة خاصة في ما يتعلق بالسعي لإنجاح المصالحة الفلسطينية من خلال اسهامها في انتاج ما يعرف بالورقة السويسرية التي تعتبر ورقة أساس استندت عليه جولات المصالحة،إلى جانب أن بال ثينك تتفاعل مع العالم في ما يتعلق بالمصالحات الوطنية، مضيفا أن الإقتتالات بين الشعوب، سواء كانت حروبا داخلية أو بينية “بين الدول” عابرة للحدود، هي أمر موجود منذ خلق آدم وكثير من الشعوب مرت باقتتالات داخلية، بعضهم نجحوا في تجاوز هذه الاقتتالات بشكل سريع دون أن تدفع ثمنا غاليا وما حصل في السودان يترجم هذه الحالة بشكل مبهر ويدعو للفخر، على عكس الجزائر التي لم تتجاوز حتى الآن الحراك والشلل الاقتصادي والإضرابات في الشوارع، وبعض الشعوب لم يستطع تجاوز الاقتتال إلى بعد انتشار القتل والعنف بشكل كبير مثل ما جرى في كولومبيا التي قتل فيها أكثر من 80 ألف شخص خلال 30 عاما من الصراع، وفي روندا قتل خلال عدة شهور أكثر من مليون شخص إلا أنها استطاعت بعدما وصلوا لاتفاق وأجروا الانتخابات فيها أصبحت روندا أفضل دول أفريقيا وتحقق أعلى نمو في العالم.
وقال شعبان “أن الشعب الفلسطيني منقسم منذ اثني عشر عاما، وحصل اقتتال بينهم وقتل بعضهم بعضا ولحسن الحظ لم يقتل الكثير منهم اذا ما قورنوا بنماذج آخرى، ونحن في بال ثينك أردنا تعزيز اللاعنف كوسيلة حوار وحل الخلافات كبديل عن العنف الموجود، وهذا يتفق مع كلام الله والدين والأخلاق، وتعزيزنا للاعنف لا نستهدف به التنظيمات بل نستهدف فيه الافراد في حياتهم اليومية في المدرسة في المؤسسات على اختلافها والعمل وداخل الأسرة وحتى في الحي بين الجيران، وهي دعوة لأن نكون هادئين مسالمين يسود حديثنا الحوار ونحاول إقناع الآخر بأفكارنا ونصل بالحوار لنقطة مشتركة، هالحوار هو الطريقة الوحيد للدول لتبني المستقبل”، مضيفا أن فلسفة بال ثينك من خلال تدشين هذا المشروع وغيره هو العمل مع كل الفئات والشرائح المجتمعية نساء ورجال وأطفال وشيوخ، ومع كافة المؤسسات التي تعمل في الوطن كله حيث كانت هناك نشاطات تحدث في الخليل ورفح ورام لله وغزة وكل المناطق في الضقة الغربية وقطاع غزة، وهناك خطط لاختراق الإقليم والدول المجاورة للعمل على رفع مستوى الوعي لدى الفلسطينيين كلهم المنتشرين في كافة أنحاء العالم.
ومن ناحيته قال الدكتور أيمن يوسف في مداخلة هاتفية أن موضوعات العنف واللاعنف، والحرب والسلم، هي بحاجة لدراسة فلسفية معمقة، وعمق في التفكير والرؤية والاستراتيجية، مضيفا اننا لسنا بحاجة لدراسة اللاعنف في فلسطين من أجل وضع حلول نهائية ولكن لأننا بحاجة لإدارة خلافاتنا بشكل سلمي وهذا يكاد يكون موجود في الأنظمة الديموقراطية وهذا ليس رأيي فقط إنا هو رأي أغلب العاملين في مجال الديموقراطية وحقوق الانسان، والعمل ضمن هذه الأنظمة يشجع الفرد والجماعات والتنظيمات والأحزاب السياسية ومظمات المجتمع المدني أن تقوم بإدارة خلافاتها بشكل سلمي، وهذا أحد المداخل للتخلص حالة الاستقطاب وحالة الاستعصاء وحالة التشرذم في وضعنا الخاص وغيره، وذلك سيؤدي للذهاب للإحتكام لصناديق الإقتراع، ليضع الناس غضبهم في الصندوق بدلا من وضعه في الشارع.
وأكد يوسف أن الجلوس لطاولة الحوار بين مجموعتين متخاصمتين أمر ليس بالهين لذلك يجب أن تمر هذه العملية بثلاث مراحل أساسية المرحلة الأولى تسمى صناعة السلام وهي توقيع اتفاقية ما بين النخب القيادية في المجموعتين ومن ثم مرحلة وضع آليات واضحة لحماية هذا الاتفاق وأخيرا نذهب لمرحلة بناء السلام الداخلي ليس بين المجموعتين إنما نشرك فيها مؤسسات المجتمع المدني والإعلام والأكاديميين والمثقفين والحراكات الاجتماعية وذبك لأن عملية بناء السلام الداخلي المجتمعي هي عملية شاملة تستهدف كل قطاعات المجتمع، لأنها رغم إطارها السياسي تدخل في جميع المجالات المجتمعية والحياتية وتتفاعل معها تهدف لتحقيق العدالة التوزيعية والمساواة.
وأضاف أن مؤسسات المجتمع المدني مرت بخصوصيا استثنائية كونها تعمل في منطقة تقع تحت الاحتلال إلا أنها عملت بشكل جيد على ملفات تعزيز الديموقراطية وحقوق الإنسان والأفراد والمرأة, وهذا كله يعمل على تخفيف حالة الاحتقان، منوها أن ما يميز بال ثينك انا دخل مباشرة إلى الميدان ولم تكتفي بالتأطير النظري وعرض المفاهيم إنما جاءت بمجموعة من المهارات مثل مهارات التواصل والاتصال ومهارات المفاوضات والوساطة بالإضافة إلى تقديم العرائض والمؤتمرات، وهذه أدوات التي تعمل على تحويل المجتمع من حالة الاستعصاء والاقصاء إلى حالة العدالة التوزيعية، وهذا جزء مما نحتاجه في الحالة الفلسطينية خاصة في ما يتعلق بحل النزاعات، ونحن بحاجة إل المزيد من هذه الجهود والاستفادة من تجارب العالم في ما يتعلق في حل النزاعات بشكل سلمي.