حلقة إذاعية بعنوان اللاعنف في القانون الفلسطيني

برعاية بال ثينك وتنفيذ جمعيه دير البلح للتنمية- اختتام مبادرة اللاعنف والشباب والمجتمع الأهلي
5 سبتمبر، 2019
الحلقة الإذاعية الثانية عشر بعنوان مشاهدات مجتمعية من نافذة اللاعنف
8 سبتمبر، 2019

حلقة إذاعية بعنوان اللاعنف في القانون الفلسطيني

أغسطس، 2018

استأنفت مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية بث حلقات برنامج “اللاعنف منهج حياة” بعد عيد الأضحى المبارك بحلقة جديدة حملت عنوان “اللاعنف في القانون الفلسطيني” ضمن مشروع “تجمع المؤسسات الأهلية من أجل نشر ثقافة اللاعنف”، مستضيفة المحامي والباحث في مركز التخطيط الفلسطيني محمد التلباني، والمحامية في الجمعية الوطنية للديمقراطية والقانون سعاد المشني.

وذكر التلباني أن العنف ينقسم الى شكلين رئيسيين من حيث الممارسة إذ يكون سلوكا رئيسيا في جرائم القتل والاغتصاب واللفظي والجسدي وعلى الممتلكات، ويكون سلوكا عارضا لحالة أخرى أكبر كحالة الاختناق السياسي وغياب النظام السياسي السليم والذي يضمن التداول السلمي للسلطات ويفتح للمواطنين طريق الديموقراطية واضحا، فيلجأ المواطنون للأساليب العنيفة من أجل التغيير والمطالبة بحقوقهم مثلما شاهدنا مؤخرا في السودان وبعض دول الجوار، مردفا أن هذا الحراك الجمعي العنيف سببه عدم وجود آليات ينظمها القانون تكفل التغيير والتداول السلمي للسلطات والعدالة الاجتماعية بشكل راقي، مما يدفع المواطنين لاتباع اساليب مثل العنف والعصيان وأعمال قطع الطريق، موضحا أن المطالب قد تكون بسيطة ولا تتجاوز الحق باستخدام مياه نظيفة.

وأضاف أن القانون الفلسطيني عالج في نصوصه الشكل الأول من ممارسة العنف “السلوك الرئيسي” من ناحية ملاحقة مرتكب العنف بعد ارتكابه ويكون تدخل القانون هنا واضحا، إنما دور القانون الوقائي الذي يتعامل مع العنف من خلال منعه بشكل استباقي، كتعزيز السلم الاجتماعي وتدعيم ركائز المجتمع وتحسين الأوضاع الاقتصادية وتلبية احتياج المواطنين واحترام حقوقهم وغيرها ما زالت بحاجة للعمل والتطوير.

من جهتها أوضحت المشني أن القانون الفلسطيني خلا من المواد الوقائية التي تسبق وقوع حادثة العنف، منها ما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية الذي اتسم بالقصور في معالجة قضايا العنف الأسري وخاصة العنف الواقع من الأزواج على زوجاتهم زمن الأب على أبنائه فهو لا يحمي النساء والأطفال، مستدركة أن هناك بعض القرارات والتعميمات التي لا تخدم الوضع الحالي في المجتمع خاصة مع ازدياد مظاهر العنف الأسري والعنف ضد المرأة والعنف المبني على النوع الاجتماعي.

ونوه التلباني إلى أن هناك تخوف غير مبرر تجاه تعديل قانون الأحوال الشخصية وخاصة في ما يتعلق بقضايا المرأة وتمكينها، على اعتبار أن أي اختراق في هذه القضايا يعتبر اختراق للدين والعادات والقيم المجتمعي، مضيفا أن هناك جهودا بذلت وأثمرت في ما يتعلق بتعديل قوانين العمل والسياسة والأحداث، إلا أن العمل على تطوير القوانين التي تنصف وتحمي المرأة لازال متعطل ويواجه تحديات كبيرة.

وحول ما إذا كان تطبيق القانون سيسهم في تقليل مظاهر العنف في المجتمع، أعد فريق عمل البرنامج استطلاع رأي وكانت آراء أغلب المواطنين مع هذا الطرح مبررين ذلك بأن تطبيق القانون يعتبر الرادع الأول لكل من أراد ممارسة العنف وبعضهم اشترط تطبيق القانون على الجميع لضمان فعاليته في التقليل من انتشار العنف، وبعضهم ذكر أن القانون يعمل على حماية الفئات المهمشة ويساعدها على تحصيل حقوقها، ومنهم أشار إلى أن القانون يعتبر الملجأ الآمن لحل النزاعات. إلا أن البعض قال أن تطبيق القانون سيعمل على انتشار وتعزيز العنف حيث أن أفراد المجتمع غير جاهزين لتحمل التكاليف الضريبية والمالية التي يتطلبها تطبيق القانون بسبب سوء الأحوال الاقتصادية من بطالة وحصار.

وتعقيبا على ذلك ذكر الضيفان أن هناك تطبيق إيجابي للقوانين يعمل على تقليل العنف في المجتمع وتوفير الحماية لكل الفئات المجتمعية وهناك تطبيق سيء لها قد يعمل على زيادة العنف خاصة إن لم يراعي المشرع والمنفذ للقانون أحوال الأفراد وظروفهم، فمثلا فرض غرامات جديدة على فواتير الكهرباء والمياه يحقن المواطن بشحنة عنفية مضاعفة ويدفعهم للتحايل عليه والتهرب من تطبيقه ،وشدد الضيفان على أن للقانون روح يجب أن يفعل قبل تنفيذه بما لا يخل بسيادته لضمان حقوق كل الأفراد.

وأوضحت المحامية سعاد المشني أن هناك مشكلة تواجه منفذي القانون الفلسطيني وهي أن القانون يعتبر “تجميعة” لمجموعة القوانين مثل القانون العثماني وقانون الانتداب البريطاني والقوانين التي كانت موجودة في بعض الدول العربية، إضافة إلى التعديلات التي جرت في الضفة وقطاع غزة بشكل منفصل، وهذه الحالة خلقت مجموعة من القوانين المتعارضة مما أوجد ثغرات يستطيع المُعَنِّف استغلالها للخروج من الملاحقة القانونية والجزاء.

وأضاف الباحث التلباني أن هناك ظواهر عنفية قد تبنى نتيجة غياب تطبيق القانون مثل تعذيب المعتقلين في مراكز التوقيف وسوء معاملتهم واهانتهم وانتهاك كرامتهم، فهناك مواد قانونية كثيرة تحمي المعتقلين وتجرم ممارسات السجان التعذيبية بحقهم إلى أن هذه الظاهرة آخذة في التنامي رغم تجريمها، مع العلم بأنها تعتبر من الممارسات القديمة المتوارثة منذ مئات السنين، مضيفا أن هناك ثقافة لدى رجال الأمن والإصلاح تشرع بعض الممارسات العنيفة داخل الأسرة، حيث انه قد يرفض شكوى سيدة تعرضت للتعنيف من قبل زوجها تحت ذريعة “يريد تربيتها وهذا من حقه”، وهو بهذا يغض البصر عن نصوص القانون ويطبق ما اختمر في ثقافتها وموروثها الاجتماعي.

وأشارت المشني أن المتضرر الأكبر نتيجة هذا الخلل في تطبيق القانون هي الفئات المهمشة التي لا تملك من يدافع عن حقوقها وهي الفئة الأكبر في قطاع غزة، أما الفئات المتنفذة والقوية في المجتمع قادرة على أخذ حقوقها بل وعلى تعطيل تنفيذ الأحكام الصادرة بحقهم إن مارسو العنف بحق الآخرين، لذلك تسعى مؤسسات المجتمع المدني والنشطاء القانونيين على تعزيز سيادة القانون وتطبيقه على كل الأفراد دون تمييز أو استثناء أفراد، مضيفة أن مما تعمل عليه المؤسسات الأهلية والمجتمعية هو رفع الوعي لدى أفراد المجتمع بأهمية اللجوء للقضاء من أجل حل النزاعات كآخر محطة بعد فشل الطرق اللاعنفية في حلها مثل الحوار والوساطة والتحكيم، وعدم اللجوء للعنف وسياسة أخذ الحق باليد دون وجه حق.

 

Comments are closed.