اختتمت مبادرة شغف الثقافية مشروع “الثقافة والفن لتعزيز التسامح واللاعنف” بالشراكة مع مؤسسة “بال ثينك للدراسات الاستراتيجية” ومؤسسة FXB الفرنسية، بحضور نخبة من الشباب المثقفين والشعراء والروائيين والموسيقيين، وذلك ضمن مشروع “تعزيز ثقافة اللاعنف” الذي يسعى لنشر فلسفة وثقافة اللاعنف كأسلوب حياة.
حيث تم تنفيذ المشروع على مدار خمسة أسابيع متتالية ، مستهدفين بذلك زهاء المئة وخمسين شخص من النخبة المثقفة والموسيقيين والمسرحيين والكتاب والأدباء والفنانين ،محاولة منا لتسليط الضوء على المشهد الثقافي المتطور في فلسطين رغم الحواجز والتحديات والعوائق التي تواجهه ، ولمعرفة إلى أّي مدى نستطيع بدورنا أن ندعمه ونطوره ونعمل على طرد الخواء الثقافي الداخلي للإنسان من خلال منهجية ثقافية علمية ، مستندين على قيم انسانية أهمها التسامح .
بدوره أكد أ. يسري الغول مؤسس مبادرة شغف على أن الفنون هي نتاج الثقافات على تنوعها، وهي وسيلة التعبير عن الجوهر الإنساني، وعبرها تتبلور رسالة سامية تتجاوز حسية المادة، إعلاء قيم الحب والخير والجمال، عبر استنطاق الذات للتعبير المنفتح الذي يترجم المشاعر والأفكار، فتغدو انتصاراً للإنسانية الحرة أمام خطاب مناقض يُعلي الفئوية المقيتة، ويروج للكراهية، ويعادي الآخر المختلف .
بدورها أكدت منال عبيد عضو مبادرة شغف على أن الثقافة لأي مجتمع الفضاء الذي تتنفس فيه آمالها وتتحدد اهدافها ،الثقافة بشكل عام لا تخص طبقة دون غيرها، بل تخص المجتمع بأكمله وهي انعكاس لداخل الانسان ، لمعتقداته و قيمه ومبادئه، وهي مفتاح كرامة الإنسان .
بدوره أشاد عضو اتحاد الكتاب الفلسطيني والروائي شفيق التلولي بأهمية هذه اللقاءات وأثرها على المشهد الثقافي الفلسطيني الذي هو في حالة تطور ونمو دائم ، وناقش مع الحضور الكريم موقع الثقافة الفلسطينية محلياً ، وإقليمياً ، وعالمياً . مع تسليط الضوء على التحديات التي تواجه المشهد الثقافي الفلسطيني والسبل المتاحة لدعمه والنهوض به .
وناقشت شغف عبر لقاءاتها الخمس الدور الذي تقوم به الثقافة والفنون، من أجل تعزيز سيادة التسامح بين أبناء الحضارات والثقافات والمجتمعات المختلفة، وصولاً إلى أبرز التوصيات التي من شأنها تعظيم هذا الدور حاضراً ومستقبلً .
فقد ارتبطت الثقافة والفنون بالمجتمع الفلسطيني ارتباطاً عضوياً، فلم تكن، رغم تبدل الأحوال، والملابسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية تكويناً أو عضواً قابلاً للبتر أو التحوير أمام محاولات ذاتية أو فئوية، مدفوعة بمصالح وأجندات ضيقة الأفق، بل ظلت بمثابة الدماء، والقلب النابض، والعقل الملهم، عاكسة حيوية حضارة ثرية، تقابل الآخر بتسامح وتعايش إيجابي، ومؤاخاة إنسانية، رافضة دعاوى الكراهية والتمييز والإقصاء والعنف .
لطالما انشغل المبدعون، على مدى عصور وحقب متوالية، بأدواتهم: قصيدة، نثر أدبي، آلات موسيقية، ريشة ألوان ،فن مسرحي, وغيرها من وسائط الصياغات التشكيلية والأدبية والفنية المختلفة، للمدافعة عن الإيمان بالأخوة الانسانية، الذي تجلى أفكاراًوصياغات متعددة، أكسبتها الإلهام والابتكار، وقدرة ناهضت صلابة السيف، وقوة المدفع، وبطش أيادي المعتدين .
وناقشت المبادرة ضمن محاورها أيضا , الثقافة والفنون مظلة التسامح وحائط صد الكراهية والتطرف ، والدور الملقى على عاتق الثقافة والفنون في المشهد الفلسطيني ، من أجل المدافعة عن سيادة قيم التسامح والتعايش الإيجابي، وتأكيد المؤاخاة الإنسانية، والتصدي لخطاب ودعاوى ممارسة الكراهية والعنف والتمييز تجاه الآخر المختلف .
هذه الأفكار النيرة التي زخرت بها الثقافة الفلسطينية استطاعت أن تكون حائط صد منيعاً ضد الأفكار الظلامية الهدامة، ولعل النضال المتمثل في الجانب الثقافي الذي تخوضه بعض الدول في العالم خلال السنوات الأخيرة، هو أشبه بمحاولة حصر موجات الكراهية والعنف .
كما وناقش الحضور الكريم بعض تجاربهم الشخصية ضمن السياق ، مؤكدين على أهمية هذه اللقاءات التي تتيح لهم تشارك الأفكار والتجارب ، وتعمل على تعزيز القيم الانسانية خاصةً في الأعمال الأدبية والفنية.