خلال مؤتمر نظمته بال ثينك: التوجه للطاقة المتجددة يساهم في حل أزمة الكهرباء ويفتح أفاق التنمية المستقبلية

حذر عمر شعبان مدير مركز بال ثينك للدراسات الاستراتيجية من استمرار إهمال الطاقة المتجددة في ظل أزمة الكهرباء التي تمس السلم المجتمعي والاستقرار، خاصة مظاهرات جباليا الاحتجاجية على سوء برنامج الكهرباء.

ودعا شعبان خلال مؤتمر “أفاق الطاقة المتجددة في فلسطين” الى البحث عن بدائل الطاقة بشكل دائم لعلاقتها الوطيدة بالصحة والتعليم والثقافة ومواكبة الزيادة السكانية، ومعالجة المياه العادمة والحفاظ على الأجيال القادمة.

وطالب شعبان المؤسسات الاهلية والمالية والبنوك بتشجيع البحث عن مصادر طاقة بديلة، واعتبار أزمة الكهرباء دافع قوي للبحث عن مصادر جديدة من أجل مستقبل فلسطين، والحياة في قطاع غزة، مشددا على ضرورة ابعاد ملف الطاقة عن الانقسام والاستقطاب السياسي.

أبحاث الطاقة تشغل الجامعات

واستعرضت الجلسة الأولى من المؤتمر جهود الجامعات في البحث العلمي في مجالات الطاقة المتجددة، وارتباطها بالتنمية المستدامة والتنمية الاجتماعية والبيئية، حيث قدم أ. د محمد عبد العاطي نائب عميد كلية الهندسة في الجامعة الاسلامية عرضا لأنشطة الجامعة وأبحاث طلابها في مجال الطاقة المتجددة، مع عرض نماذج تطبيقية أشرفت عليها الجامعة وأحرزت نتائج مهمة في ظل ازمة الكهرباء، فضلا عن قيام الجامعة بتحديث الخطط الدراسية المتعلقة بالطاقة، واعتماد أجزاء من مباني الجامعة على الطاقة الشمسية.

بدوره تحدث د. محمد مشتهى مساعد نائب رئيس التخطيط في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية، عن اهتمام الكلية بعلوم الطاقة في ظل أزمة الكهرباء وتنفيذ مشاريع صغيرة للاعتماد على الطاقة الشمسية في كلياتها وورشاتها، والمساهمة الفنية في انارة حديقتي برشلونة وساحة الكتيبة بمدينة غزة، الى جانب مبادرات بحثية داخل الكلية بتمويل مؤسسات دولية.

من جانبه أوضح أ. د ناجي الداهودي المحاضر بجامعة الازهر أن مشكلة الطاقة في قطاع غزة مشكلة سياسية ناجمة عن الانقسام وتداعياته على الجامعات وكافة مناحي الحياة، ومن ضمنها نقص الطاقة كعبء اضافي على موازنات الجامعات حيث بلغت نفقات السولار لتشغيل مولدات الكهرباء مقدار 20 ألف دولار شهريا، مما دفع الجامعة للطاقة الشمسية بتمويل محلي وأجنبي للتخلص من النفقات التشغيلية مع تغيير منظومة الانارة بإضاءة أقل استهلاك للطاقة وفر 20% منها، داعيا كافة المؤسسات الفلسطينية للاعتماد على أنظمة الطاقة الشمسية للمساهمة في حل أزمة الكهرباء في قطاع غزة.

وأضاف د. الداهودي أن الجامعة أنشئت مجموعة بحثية متخصصة في الطاقة المتجددة تمكنت من الحصول على تمويل مشاريع لإنتاج خلايا الطاقة الشمسية، بالإضافة لفتح تخصص بكالوريوس الطاقة المتجددة والحصول على اعتماد وزارة التعليم العالي.

وخلال الجلسة التي أدارها د. ناصر اليافاوي، حمل مشاركون مسؤولية الضغط على الكهرباء إلى وزارة الصناعة والتجارة التي تسمح بدخول أجهزة كهربائية تستهلك الطاقة بشكل كبير، دون الاهتمام بالموصفات والمقاييس خاصة فيما يتعلق بدورة حياة المنتجات والبطاريات على وجه التحديد كنفايات صلبة وخطيرة تحتاج معالجة، وطالب اخرون بعمل واسع لنشر ثقافة الطاقة المتجددة، والزام البنايات الجديدة باعتماد الطاقة الشمسية، وقال وزير الاتصالات الأسبق عماد الفالوجي أن الطاقة المتجددة مطلب عالمي كبديل للطاقة التقليدية ضمن ثقافة ووعي جماعي، وليس نتاج أزمة الكهرباء الحالية.

أرقام خطيرة ونجاح بلا دعم

اعتبر مدير العلاقات العامة والإعلام بغرفة تجارة وصناعة محافظة غزة د. ماهر الطباع أن الجهات الفلسطينية المسؤولة فشلت في ادارة ملف الطاقة على مدار عشر سنوات، والضحية هو المواطن الذي دفع ثمن بدائل الكهرباء من قوته بمبالغ مجموعها مليار ونصف مليار دولار، وهو مبلغ يكفي لإنشاء أكثر من خمس محطات توليد طاقة شمسية تنتج ما يزيد عن 1000 ميغاواط، وضرب الطباع مثال أن أحد العمارات السكنية دفعت ثمن سولار خلال سنوات الازمة ما يزيد عن ربع مليون دولار، فيما دفع برج سكني خلال عام 2016 المنصرم 96 ألف شيكل ثمن سولار لتوليد الكهرباء، كدليل على استنزاف المواطنين مما يتطلب التوجه بجدية الى مصادر الطاقة البديلة، مشيرا الى أن محطة توليد الكهرباء تحولت من مشروع استثماري الى نقمة بعدما حققت 110 مليون دولار أرباح من عام 2003 الى 2016، أرقام اقتصادية تؤكد أهمية التوجه للطاقة المتجددة.

وأكد د. الطباع الذي أدار الجلسة الثانية على أهمية دور البنوك في تمويل مشاريع الطاقة المتجددة، وضرورة خفض نسبة الفائدة على قروض مشاريع الطاقة الشمسية للمواطن وتوفير تسهيلات ضمن المسؤولية الاجتماعية للمصارف في ظل أرباحها الهائلة سنويا.

وقال م. هيثم غانم مدير مكتب شركة بال سولر في قطاع غزة، أن القطاع يعد أكبر مستورد لأنظمة الطاقة الشمسية المتطورة مقارنة مع الدول المحيطة رغم الحصار المفروض عليه، مما زاد من رصيد الخبرة لدى الشركات الوطنية العاملة في هذا المجال، من خلال تنفيذها مشاريع طاقة شمسية في المدارس والمؤسسات والأبراج السكنية.

وطالب م. غانم بإقامة مشاريع كبرى ذات طابع استراتيجي في مجال الطاقة الشمسية لتساهم مع الكهرباء القُطرية، وتشجيع المانحين الدوليين على تمويل مشاريع طاقة شمسية للأبراج السكنية الجديدة ضمن مشاريع اعادة الاعمار، وتخفيض الضرائب على استيراد أنظمة الطاقة الشمسية.

ودعا م. غانم كل من وزارة الاقتصاد الوطني وسلطة الطاقة والشركات المتخصصة إلى تحديد المواصفات الفنية لأنظمة الطاقة الشمسية التي يسمح بتركيبها في قطاع غزة لحماية المواطن وتقليص عدد المشككين في قدرة أنظمة الطاقة الشمسية.

من جهته أوضح م. علي حسين مدير شركة “Mega Power” لأنظمة الطاقة الشمسية، أن شركته شرعت في تحويل كل مقار شركة جوال للاعتماد على الطاقة الشمسية، بالإضافة لمشاريع ممولة تمت في جامعة الأزهر، واعتماد غرفة عمليات في المستشفى الأهلي 12 ساعة على الطاقة الشمسية،  فضلا عن عدد من مؤسسات القطاع الخاص منها مصانع ألبان مثل ابو عيطة والسوافيري، وعدد من البنوك، ومزرعة كحيل للاستزراع السمكي، ونحو 500 منزل لمواطنين خلال عام 2016 تحولت الى الطاقة الشمسية بقرار ذاتي بعد نجاح عدة تجارب مما ساهم في حل جزء من أزمة الكهرباء.

الطاقة المتجددة حل وليست بديل

وأكد م. فتحي الشيخ خليل نائب رئيس سلطة الطاقة أن استخدام الطاقة البديلة يحتاج الى ثقافة مجتمعية، من خلال تخفيف ضغط الأحمال على الشبكة واستخدام المواطن الكهرباء بطريقة طبيعية، موضحا أن الطاقة البديلة حتى الان لم تصل لمرحلة الاستغناء على الطاقة التقليدية، ويقتصر دورها على تخفيف الأزمة في قطاع الطاقة.

وأضاف م. الشيخ خليل أن سلطة الطاقة قامت بالدعم الفني لكل مشاريع الطاقة الشمسية والاشراف عليها، مثل تزويد المنطقة الصناعية بمقدار 7 ميغا بتمويل البنك الدولي بعد اقناعه بأهمية الطاقة الشمسية، وسينتهي المشروع مع نهاية العام الجاري.

وقال الشيخ خليل أن سلطة الطاقة أشرفت على انتاج 2 ميغاواط، وتركيب انظمة طاقة شمسية، مع اعتماد عدادات للطاقة الشمسية تُمكن المواطن الحصول على ثمن ضخ الكهرباء في الشبكة العامة مما يزيد عن حاجته، ضمن الشبكة الحية.

بدوره قال مدير عام الإدارة العامة في بلدية غزة محمد حمادة أن البلدية قامت بتوفير فوانيس لعدة شوارع وحدائق في مدينة غزة، وسبع مراكز الجباية والتحصيل بغزة، مؤكدا أن البلدية تؤيد تشريع قوانين لكافة البلديات تمنع استخدام كل مساحة أسطح المنازل وترك مكان لتركيب أنظمة الطاقة الشمسية فوق البنايات السكنية.

من جهته قال م. سمير اللوح مدير عام الإدارة العامة للأبنية والمرافق بوزارة الأشغال العامة والاسكان بغزة، أنه في حال وفرت كل اسرة في القطاع 100 واط من خلال استخدام إنارة الليدات يوفر ما يوازي مولد في المحطة توليد الكهرباء ينتج 25 ميغا واط، داعيا الى استخدام مسطحات المدارس والمباني العامة والمساجد لإنتاج الطاقة الشمسية، مشيرا الى أن 200 عمارة سكنية يجب ان تستخدم الطاقة الشمسية حاليا. وأدار النقاش الساخن والمداخلات في الجلسة الثالثة مدير بال ثينك عمر شعبان متسائلا: لماذا لم تعتمد وزارة الأشغال العامة والاسكان نظام الطاقة الشمسية أثناء بناء مدينة حمد السكنية واعتماد جزء من الموازنة للطاقة الشمسية.

وأجرى المشاركون نقاش مكثف حول أزمة الكهرباء، والطاقة المتجددة ونقاط ضعفها كارتفاع تكلفتها في ظل ظروف اقتصادية متردية، وحاجتها لتجديد البطاريات، ونقاط قوتها المتمثلة في المساهمة في حل أزمة الكهرباء والتوفير على المدى المتوسط والبعيد.

وبدى واضحاً من خلال تدخلات الحضور مدى الضيق والاحباط من أزمة الكهرباء وجدية البحث عن حلول فردية وجماعية لتعويض نقص الكهرباء.

وخلص المشاركون في جلسات المؤتمر إلى نتائج وتوصيات هامة أبرزها:

  • اعتبار الطاقة المتجددة ضرورة ملحة للتنمية وليست حلا لمشكلة الكهرباء الخالية فقط..
  • قيام الحكومة بوضع تشريعات وسياسات تساهم في التحول الى الاعتماد على الطاقة المتجددة كبديل أفضل.
  • رفع الحكومة الضرائب عن الواردات المتعلقة بالطاقة المتجددة وأنظمتها.
  • تفعيل رقابة المواصفات والمعايير على أنظمة الطاقة المتجددة والسماح باستيراد أحدثها وأفضلها.
  • تنفيذ سلطة الطاقة مشاريع استراتيجية تعتمد على الطاقة البديلة، ودعم اعتماد المواطنين عليها عبر مشاريع منظمة ومدعومة على المدى المتوسط والبعيد
  • مشاركة المؤسسات المالية والبنوك في دعم مشاريع الطاقة المتجددة التجارية والشخصية عبر قروض مالية ميسرة.
  • وضع تشريعات تخدم مشاريع الطاقة المتجددة واقرار مساحات كافية فوق البنايات والمؤسسات لاستيعاب أنظمة الطاقة الشمسية..
  • الزام كل المشاريع السكنية الجديدة بالاعتماد على الطاقة المتجددة وتأسيس هياكل تساعد على ذلك.
  • تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في الطاقة المتجددة وانتاجها واعادة تدوير مخلفاتها بما يضمن السلامة البيئية.
  • تنفيذ حملات توعية مجتمعية لتعزيز ثقافة استخدام والاعتماد على الطاقة المتجددة وتصحيح المعلومات الخاطئة عنها وتقديم الارشاد والتوجيه للتعامل معها بشكل سليم وفعال.
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى