مصر ليست غزة، والاخوان المسلمين ليسوا حماس
ترجمة/ جهاد أبو سليم (بال ثينك للدراسات الاستراتيجية)
(*) هآرتس 2/7/2011
أي تفسير للأحداث في مصر يجب أن يتم بعناية، حيث أن السلام بشكل خاص هو أصل استراتيجي لمصر واسرائيل، و أي تعليق خالي من المسؤولية تطرحه شخصية اسرائيلية هامة عاقبته الاضرار باتفاق السلام، يجب أن نتذكر أن أغلبية 82 مليون شخص يعيشون في مصر تحت ظروف اقتصادية صعبة، وأن السلام مع هذه الدولة يقوم على أربعة مصادر للربح: السياحة، العبور الحر عبر قناة السويس، منشآت انتاج النفط الواقعة قرب القنال، بالاضافة الى الدعم الاقتصادي الامريكي و الوظائف الأمنية.
الشعب المصري يمتلك ميزة مغايرة للشعوب العربية في الاقليم، المصريين ليسوا كالفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن، وليسوا كالشيعة في لبنان، انهم شعب يمتلك درجة عالية من الفخر ولم يكونوا يوماً من الأيام مستعبدين للتعصب الديني بصرف النظر عن الثورات الاسلامية التي عصفت المنطقة.
حتى لو وصل الاخوان المسلمين الى السلطة تحت غطاء انتخابات ديمقراطية (والاخوان ليست منظمة يمكن ربطها بحماس) فان هناك احتمال ضئيل انضمام مصر لما يسمى بـ”محور الشر” الذي يتركز في إيران، ان الحماس الديني لا يفرخ تطورات سياسية في مصر كتلك التي تحصل في مناطق أخرى من العالم العربي.
قوى الأمن المصرية قوية وكثيرة العدد، وقوة المظاهرات الجماهيرية في الواقع تشكل قطرة في بحر عندما تقارن بهذه العناصر (أي قوة الجهاز الأمني)، وطالما استمرت قوى الأمن في طاعة سلطة النظام الحاكم فان فرص الثورة هي فرص ضئيلة.
على أية حال، فان موجة التظاهر خلقت وضعاً أجبر النظام على الاستماع للناس وأجبرته كذلك على تغيير أجندته الاقتصادية والاجتماعية، ان الوضع الذي تعيش فيه الطبقة العليا في حياة مرفهة وغنى فاحش بينما يعيش تقريباً نصف السكان في الجوع والعوز، وأن العديد من المواطنين يعيشون في مقابر ومساكن متداعية، هذا الوضع وهذه الأنماط سوف يتغير.
التغيير يجب أن يكون تدريجياً، لهذا السبب أؤمن أن قرار الرئيس المصري بعدم التنحي كان صائباً، فيجب على حسني مبارك أن يقود الانتقال نحو انتخابات سبتمبر، من اجل ان يسمح للجماهير المعارضة ان تنظم تصويتها وكي يمنع صعود الاخوان المسلمين “الديمقراطي” للسلطة.
الفوضى في مصر لا بد لها وأن تنتقل عبر حدودنا مع هذه الدولة (يقصد الحدود الاسرائيلية-المصرية)، وبشكل خاص بما يخص تدفق اللاجئين من أفريقيا، والأمر الأشد اقلاقاً هو حدود مصر مع قطاع غزة، لهذا فان الامور التي قلتها في الماضي بخصوص قلة تحكم جيش الدفاع الاسرائيلي بامتداد الحدود هي اليوم امور اوثق من ذي قبل.
البعض يعرض احتمالية “حدود مفتوحة” بين غزة ومصر كبداية لعملية تصبح من خلالها غزة مرتبطة بتلك الدولة، ولكن فيما يظهر هذا الحل “جيداً” لاسرائيل، فانني اشك في كونه احتمالاً واقعياً كونه يتعارض مع مصالح كلا الشعبين في غزة ومصر.
على دولة اسرائيل بشكل عام، وجيش الدفاع بشكل خاص أن يبقيا متنبهين للظروف في مصر دون أن أخذ أي خطوات للتدخل، فجهودنا لمكافحة التسلل يجب ان تتصاعد، ويجب أن نكون مستعدين للسيطرة على محور فيلادلفيا على حدود غزة مع مصر، ولكن دون التسبب باي اذى لقوات الامن المصرية.
يجب على اسرائيل ايضاً ان تسمح للعديد من كتائب الجيش المصري بدخول سيناء (بشكل ينحرف عن اتفاق السلام مع مصر، ولكن باتفاق يحمل ضمانات أمريكية بان القوات المصرية سوف تنسحب بمجرد اكمال مهمتها، أو عندما تطلب اسرائيل الانسحاب). ان انتشار الجيش هذا من شانه ان يعزز سيطرة مصر على سيناء، وسوف يستبق أي أفعال تقوم بها حماس أو البدو الذين يفعلون ما يحلوا لهم هناك (في سيناء).
(*) مقال لـ يوم-توف ساميا: لواء متقاعد (عمل الدكتور يوم-توف ساميا رئيساً للقيادة الجنوبية لجيش الدفاع الاسرائيلي)