الولايات المتحدة قد تكون متجهة للحديث مع حماس
زفي بارئيل* – هآرتس
ترجمة/ جهاد أبو سليم – بال ثينك للدراسات الإستراتيجية
كيف سيكون رد إسرائيل إذا أعلن مسؤول أمريكي رفيع أن الولايات المتحدة كانت على استعداد للحديث مع قيادة حماس؟
لا داعي للقلق حتى اللحظة. الولايات المتحدة لا زالت تحافظ على سياسة عدم الحديث مع حماس، و لكن الولايات المتحدة الأسبوع الماضي قد أنهت الحظر على الحديث مع الإخوان المسلمين في مصر. من هذه النقطة، فلن تكون هناك حاجة لاجتماعات في الظلام. ممثلين أمريكيين رسميين بامكانهم الحديث مع أي عضو من الإخوان. واشنطن لم تتصرف قبل الأوان. الجيش المصري و الحكومة المصرية المؤقتة، بالاضافة الى غالبية المرشحين الرئاسيين في مصر ينظرون الى الاخوان كجزء لا يتجزأ من المجتمع و السياسة في مصر. و اعلان احد قادتها ، عبد المنعم ابو الفتوح ، عن نيته للتشرح للرئاسة لم يرى كخطوة غير اعتيادية في مصر.
“لن يكون هناك انتخابات حرة و عادلة في مصر الا اذا وافقنا على الحديث مع الاشخاص الذين هم جزء من الديمقراطية” قال إدوارد نيد والكر، السفير الامريكي السابق في كل من الولايات المتحدة و اسرائيل ، وبينما تستهر اسرائيل باسطول الحرية و تستعد لاعلان الحرب على بضعة مئات من مواطني العالم الذين يريدون تحدي “سيادتها” على غزة، فإن واشنطن قد قررت فجأة الى اتباع دبلوماسية واقعية.
قرار من هذا النوع يجب أن لا يكون مفاجئاً. الادارة الامريكية التي دخلت في حوار مع طالبان في افغانستان، و التي دخلت في نقاش سياسي مع المنظمات الارهابية في العراق، و التي تتعاون مع الحكومة اللبنانية التي تشتمل على اعضاء من حزب الله، فانها لا تحتاج الى اختلاق اعذار عندما تعقد اجتماعات مع الحركة الاسلامية التي تشكل جزءاً من السياسة المصرية، حتى لو كانت أيديولوجية هذه الحركة راديكالية.
هؤلاء المحذرين من قضية حوار أمريكا مع الاخوان يبحثون عن “تسونامي” و سيجعلون من حوار امريكا مع الاخوان المسلمين الموجة الاولى لهذا التسونامي. و سبب ذلك أن الاخوان المسلمين هي المنظمة الأم لحماس، و السؤال التالي الذي سيطرح هو أنه لماذا لا يجب على الولايات المتحدة الحديث مع حماس. بعد كل شيء، فأن حماس جزء لا يتجزأ من السياسة و المجتمع الفلسطينيين، و قد فازت أيضاً باغلبية كبيرة في الانتخابات، و الآن بعد مصالحتها مع فتح، فان حماس سوف تذهب الى الانتخابات البرلمانية الفلسطينية. العذر الرسمي لسياسة عدم الحوار مع حماس يكمن وراء عدم استنكار حماس للارهاب كوسيلة لانجاز الاهداف السياسية، و أنها لا تعترف بدولة اسرائيل –لا كدولة يهودية و لا كأي دولة. للوهلة الأولى، تبدو هذه الذرائع والاعذار مقنعة، و لكن الاخوان المسلمين لا تمارس الارهاب، ولكن في نفس الوقت فإن الاخوان لا ترى الكفاح الفلسطيني المسلح ارهاباً، على العكس من ذلك، فان الاخوان المسلمين ترى في الكفاح المسلح نضالاً تحررياً ضد الاحتلال. و اذا كان الارهاب هو المقياس، فكيف باستطاعة واشنطن ان تبرر تعاونها مع الحكومة اللبنانية التي تشتمل على حزب الله، المجموعة التي تم وضعها من قبل الولايات المتحدة على قائمة الارهاب؟
هذه التناقضات في السياسة الخارجية الامريكية ليست النقطة المهمة بحد ذاتها. بدلاً من ذلك، فإن جوهر المسألة هو الكيفية التي ترسم من خلالها واشنطن خارطتها الجديدة للاعداء و الاصدقاء. باختصار، فإن الولايات المتحدة لا ترسم الخريطة. في حقيقة الأمر، فإن التطورات في العالم العربي هي التي تقنع واشنطن باعادة النظر في سياستها الاقليمية. الأمور التي حدثت في مصر،و مدن سوريا، وفي البحرين لا تنبع من سياسات امريكية مخطط لها مسبقاً، و لكن هناك أماكن تجعل السياسة الامريكية تعيد تشكبل نفسها، و هؤلاء الذين يدعون لهذه السياسة سوف يكونون مضطرين لاعادة النظر في مواقفهم من النزاع الفلسطيني الاسرائيلي. واشنطن لا تعيد تعريف الاصدقاء و الاعداء لنفسها فقط، فمواقف سياساتها الخارجية تصبح فيما بعد خارطة طريق لدول اخرى من العالم.
إن التهديد المطروح أمام إسرائيل عليه أن يتعاطى مع هذه الحقائق. بشكل مفاجئ، أضحى من الأوضح للإدارة الأمريكية أن محمود عباس لن يتراجع تحت الضغط عن اللجوء للأمم المتحدة من أجل الحصول على الاعتراف بالدولة. لقد أصبح جلياً أن اتفاق المصالحة الفلسطينية الداخلية تم توقيعه على الرغم من المعارضة الامريكية، و أن حماس ستكون حجر زاوية في أي عملية دبلوماسية. ماذا ستفعل واشنطن عندما يتم عقد الانتخابات الفلسطينية؟ هل يجب عليها أن تقاطع المجلس التشريعي الفلسطيني و الحكومة الفلسطينية؟ هل يجب عليها أن تتجاهل الرئيس الفلسطيني الجديد اذا كان منتمياً لحماس؟ بعد كل شيء، فان حماس “جزء من الديمقراطية”.
ربما ستحاول أمريكا أن تستبق الكارثة الدبلوماسية و تتجه للحديث مع حماس قبل الانتخابات حتى تتمكن من اجراء حوار مع المنظمة بعد الانتخابات؟ من المرجح أن أسطول غزة سيشكل رحلة بحرية ممتعة إذا ما قورن بالأسطول الأمريكي الذي نزل في مصر. ولكن لماذا التضايق من هذا الحراك السياسي الآنً طالما أنه بقدرتنا قضاء الوقت في التفكير في أسطول غزة (الحرية)؟
*زفي بارئيل محلل لشؤون الشرق الأوسط- صحيفة هآرتس العبرية.
http://www.haaretz.com/print-edition/opinion/the-u-s-may-be-heading-toward-talks-with-hamas-1.370965