تضامن إسلامي واستنكار شعبي للاعتداء الفردي على كنيسة “دير اللاتين” بغزة
ميديا 24 / غزة / أحمد الفيومي / نفى الأب جورج هرنانديز راعي كنيسة دير اللاتين المسيحية في قطاع غزة، اليوم (الأحد)، أن تكون الكنيسة حمّلت تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” الذي يترأسه أبو بكر البغدادي، أو أي جهة أخرى مسؤولية الاعتداء الأخير الذي تعرّضت له الكنيسة.
ووقع انفجار كبير واحترقت أجزاء من سيارة تابعة للكنيسة الأربعاء الماضي، إضافة إلى كتابة شعارات على الجدران تهاجم “المسيحيين”، ردًا على ما يتعرض له مسلمي أفريقيا الوسطى من عمليات قتل علي يد مليشيات مسيحية.
وقال الأب هرنانديز خلال زيارة تضامنية لممثلين من المجتمع المدني وصحفيين وحقوقيين برئاسة مدير مؤسسة “بال ثينك للدراسات الإستراتيجية” عمر شعبان: “لم نتهم تنظيم داعش أو جهة أخرى بما جرى من اعتداء لكنيسة دير اللاتين”.
وذكّر الأب هرنانديز بالتعايش الإسلامي المسيحي في الأراضي الفلسطينية المقدسة التي عاش فيها السيد المسيحي عليه السلام “عيسي”، والقواسم المشتركة التي تربط مكونات المجتمع بجميع فئاته وطوائفه.
وقال: “من الواجب أن نحافظ معا على الأماكن المقدسة سواء المسيحية او الإسلامية”، مطالبا بضرورة عدم ربط ما يجري في أفريقيا الوسطي من صراع داخلي بمهاجمة المسيحيين في الأراضي المقدسة.
وأضاف “رغم أنه كُتب على جدران الكنيسة التي تعرّضت للتفجير شعارات تتوعد بالانتقام لمسلمي أفريقيا الوسطى، فنحن نرفض أي عملية قتل من مسيحي لمسلم، أو العكس من منطلق ديني وأخلاقي”، مستنكراً أي عملية قتل تجري في أي مكان على أساس طائفي.
وأوضح ان عمل الكنيسة يتعلق بالجانب الاجتماعي وليس لها أية اهتمامات أخرى، سوى نشر المحبة والتسامح بين أبناء الشعب الواحد بكافة طوائفهم وانتماءاتهم، مشدداً على ضرورة الكشف عن منفذي الاعتداء على الكنيسة وتقديمهم للعدالة.
ورحب راعي كنيسة دير اللاتين بزيارة الوفد المتضامن مع الإخوة المسيحيين والذي ضم العديد من الطلبة والصحافيين والحقوقيين، قائلاً: “نحن كنا نعيش تاريخ معاً وسنبقي معاً”.
من جانبه، أكد مدير “مؤسسة بال ثينك للدراسات الإستراتيجية” عمر شعبان، ان ما تعرّضت له كنيسة دير اللاتين يتنافى مع أخلاق الشعب الفلسطيني وثقافته وتراثه، قائلاً: “كنيسة دير اللاتين جزء من التراث الفلسطيني”.
وأضاف “فلسطين وطن الجميع وأرض التسامح (…) كل ما يحدث في المجتمع الفلسطيني من قتل واعتداء نرفضه رفض قاطع، ونرفض استخدام الدين لتبرير عمليات القتل”.
وتابع “الدين لم يخلق للقتل إنما لتوحيد الأمة وللصفاء وتوحيد الشعوب من أجل تحقيق أهداف التنمية والازدهار”، داعيا الحكومة الفلسطينية والقوى السياسية ورجال الدين في المساجد لتحمّل مسؤولياتهم وتوعية المجتمع بضرورة التسامح.
وقال: “ما حدث مع كنيسة دير اللاتين هو ضد المجتمع الفلسطيني بأكمله، ويجب ان نقف وقفة واحدة وجادة ضد تلك الأفعال التي تدمر نسيج المجتمع من الداخل”.
وطمئن مدير مؤسسة بال ثينك للدراسات الإستراتيجية، الطائفة المسيحية في قطاع غزة بأن المجتمع الفلسطيني بأكمله يستنكر ما حدث ويقف وقفة واحدة ضد هذه الإجراءات، متعهداً بمواصلة العمل مع كافة شرائح المجتمع للمحافظة والدفاع عن المسيحيين وحقوقهم.
وفي السياق، التقى رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في غزة حسن الجوجو بالطائفة المسيحية، و استنكر اعتداءات بعض الأفراد على كنيسة “دير اللاتيين” بغزة، وكتابة بعض الشعارات “المسيئة للمسيحيين” على بعض جدرانها.
ووصف الجوجو خلال زيارة للكنيسة تزامنت مع زيارة وفد من ممثلين المجتمع المدني وصحفيين وحقوقيين، الفاعلين بـ”بعض الأشخاص الجهلة”، داعيًا المسلمين والمسيحيين بغزة إلى تجنب ما يحدث من صراعات بين الديانتين خارج البلاد.
وقال: “نحن هنا تمتينًا وتتويجًا للعلاقة المتميزة بين المسلمين والمسيحيين من أبناء شعبنا، الذين اختلطت دمائهم معًا في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي”.
وأدان ممثلو القوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة حادثة الاعتداء الذي تعرضت له كنيسة دير اللاتين، محذرين من محاولات المس بالوحدة والتعايش بين المسلمين والمسيحيين.
وطالب ممثلو القوى الحكومة في القطاع بالكشف عن منفذي الاعتداء على الكنيسة وتقديمهم للمحاكمة، داعين إلى نبذ الفتنة وتعزيز الوحدة باستمرار، وعدم إعطاء مشعلي الفتنة أية فرصة لتحقيق أهدافهم.
ويبلغ عدد المسيحيين في قطاع غزة الذي يقطنه نحو مليون و700 ألف فلسطيني قرابة 3500 نسمة، وتوصف علاقاتهم مع المسلمين بـ”الإيجابية”.
ويوجد في القطاع عدد من الكنائس المسيحية مثل “كنيسة القديس بيرفيريوس” في حي الزيتون شرق مدينة غزة، والتي بنيت في القرن الرابع الميلادي، وكنيسة “دير اللاتين” التي تعرضت لتفجير من قبل مجهولين منذ يومين.
كما يوجد عدد من المؤسسات المسيحية التي تقدم الخدمات الاجتماعية للمسلمين والمسيحيين على حد سواء، أبرزها: “جمعية الشبان المسيحية” و”جمعية اتحاد مجلس كنائس الشرق الأوسط”، ناهيك عن المدارس الخاصة منها “مدرسة العائلة المقدسة” و”مدرسة البطريركية اللاتينية”، و”مدرسة راهبات الوردية”، وجميعها مدارس يعمل بها مسلمون.