بال ثينك تعقد مؤتمر “مجتمع مدني فلسطيني من أجل المصالحة الوطنية”
عقدت بال ثينك للدراسات الاستراتيجية المؤتمر الختامي للمرحلة الثانية من مشروع “الائتلاف الأهلي الفلسطيني لتعزيز السلم الأهلي والوحدة الوطنية” بعنوان “مجتمع مدني فلسطيني من أجل المصالحة الوطنية”، تتويجًا للعام الثاني على التوالي للمشروع الممول من الحكومة السويسرية وبالشراكة مع المؤسسة الفلسطينية للتمكين والتنمية المحلية “REFORM”، وذلك في سياق جهود بال ثينك الحثيثة، كمؤسسة بحث وتفاكر مستقلة، لتحقيق المصالحة الفلسطينية.
وحضر المؤتمر مستشارة الأمن الإنساني في الممثلية السويسرية لدى الأراضي الفلسطينية ايميلي زغير، وأكثر من ١٤٠ شخصية من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني الشريكة من الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، والباحثين، والحقوقيين، وأساتذة الجامعات، والنشطاء.
وافتتحت اللقاء منسقة المشاريع في “بال ثينك” أ. سالي السماك بالترحيب بالحضور، وقالت إن مشروع الائتلاف الأهلي الفلسطيني لتعزيز السلم الأهلي والوحدة الوطنية مكون من مجموعة من مؤسسات المجتمع المدني بهدف تحقيق المصالحة الفلسطينية، وقد تشكل ضمن مبادرة من “بال ثينك” بالشراكة مع “ريفورم” وبتمويل من الحكومة السويسرية.
وأشارت إلى أن التنسيق الواسع بين المؤسسات الشريكة في شقي الوطن يهدف للوصول إلى الوحدة الفلسطينية لتحقيق التنمية المستدامة للمجتمع الفلسطيني، وهو الأمر الذي يستلزم تعاون من كافة الأطراف لتحقيق المصالحة المجتمعية الشاملة من خلال الضغط المجتمعي.
وأوضحت السماك أن الائتلاف نُفذ عبر مرحلتين: الأولى منذ اغسطس 2019 إلى يناير 2021، وتعاونت فيها مؤسسات من قطاع غزة للمرة الأولى بعد الانقسام مع منظمات شريكة في الضفة الغربية والقدس، ونفذوا 23 مبادرًة لتعزيز الوحدة الوطنية والمصالحة ومشاركة المرأة والشباب في الحياة السياسية، بالإضافة لإطلاق منصة رقمية لنشر رسائل شبابية حول قضية المصالحة.
أما المرحلة الثانية، فبدأت في نوفمبر 2021 إلى الآن، وكانت تتركز حول وضع خطط وأنشطة لتنفيذ المصالحة، واُطلقت خلالها أربع مبادرات على مستوى الوطن في أربع قطاعات حول الحكم الرشيد وحقوق الإنسان و التحول المجتمعي والسلم الأهلي، وجميعها تهدف لإنهاء الانقسام.
وأشارت إلى أهداف تلك المبادرات والانشطة الرئيسية التي تضمنتها بهدف تحريك الرأي العام نحو المصالحة ونشر السلم الأهلي.
بدوره، رحب مدير “بال ثينك” أ. عمر شعبان بمستشارة الأمن الإنساني في الممثلية السويسرية لدى الأراضي الفلسطينية ايميلي زغير وبالحضور في شقي الوطن، وأكد على أن مؤسسته تضع قضية المصالحة الفلسطينية ضمن اولوياتها منذ وقوع الانقسام، وأنتجت أول ورقة بحثية لمعالجته.
وأضاف: “نحن من المؤسسات التي واجهت تبعات الانقسام والمجتمع المدني المفكك. أنشأت بال ثينك منذ عام 2014 شراكات قوية بين مؤسسات الوطن في الضفة وغزة، وكانت المرة الأولى لهم أن يتحدثوا مع بعضهم، وعززنا الهوية الفلسطينية، وواصلنا العمل على المستوى السياسي، وأنتجنا الورقة السويسرية للمصالحة التي تم اعتمادها من الرئيس الفلسطيني ومن كافة الفصائل، ونحن نعتز بذلك لأن هذا يشير إلى أن الفلسطينيين لم يتوقفوا بل عملوا على إنهاء الانقسام”.
وأشار شعبان إلى أن “بال ثينك” تعمل مع الحكومة السويسرية على صعيد الجامعات منذ عام 2008 مع 13 كتلة طلابية يمثلون 13 حزبًا وفصيلًا فلسطينيًا، وكانت أول مؤسسة تنفذ مشروعًا مشتركًا بين طلبة من الجامعة الإسلامية والازهر وبيرزيت لمدة عام حول قضية المصالحة.
وتابع: “بال ثينك لن تمل أو تتراجع لأنه لا مناص إلى أن نكون شعبًا واحدًا، فالمصالحة تعني التنمية المستدامة وتطوير الوطن، وتسهيل حياة المرضى، والديمقراطية وإصلاح النظام السياسي، وإعادة تفعيل البرلمان، وأن يختار الشباب من يحكمهم، خاصة في ظل غياب الانتخابات منذ عام 2006”.
واختتم حديثه بالتأكيد على أنه “يجب أن نؤمن أن المصالحة هي قدرنا، بغض النظر عن طول مدة الانقسام، فهناك دول كثيرة طال فيها الانقسام وتوحدت في نهاية المطاف”.
من جانبها، شكرت مستشارة الأمن الإنساني في الممثلية السويسرية لدى الأراضي الفلسطينية ايميلي زغير “بال ثينك” على دعوتها.
وقالت: “كنت سأكون أكثر سعادة لو كنتم جميعا هنا، لكني سعيدة أن التكنولوجيا مكنتنا من الالتقاء هنا وأتمنى أن نلتقي المرة المقبلة وجهًا لوجه. المصالحة الفلسطينية جزء أساسي من عمل الممثلية السويسرية منذ حصول الانقسام. أحد أهداف سويسرا في الشرق الأوسط هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة. هذا المؤتمر يتوج جهود مؤسسات المجتمع المدني لتعزيز الأمن المجتمعي وتحقيق المصالحة الوطنية”.
وتابعت المستشارة: “إن تواصل الانقسام والاحتلال والإغلاق المفروض على غزة وبعض المناطق في الضفة الغربية أثر بشكل كبير على البنية الهيكلية للمجتمع الفلسطيني وحالة الديمقراطية فيه. لكن هذا الائتلاف أثبت أن المجتمع المدني يستطيع إحياء الروابط القوية بين الضفة الغربية وقطاع غزة من خلال التعاون والعمل المشترك.
واختتمت حديثها بشكر “بال ثينك” و”ريفورم” وكافة المؤسسات الشريكة على العمل الجاد وتفانيهم لإنجاح الائتلاف، وتمنت أن يستمر هذا العمل بعد انتهاء المشروع.
من جهتها، قالت ممثلة الائتلاف في الضفة الغربية أ. روان الشرقاوي إن العمل على إنهاء الانقسام ليس سهلًا ومحفوفًا بالمخاطر نظرًا لأن فترة الانقسام المستمرة منذ 15 عامًا كان مليئة بالتحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وأشارت إلى ضرورة وجود إرادة وطنية قيادية وتوحيد كافة الجهود لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية.
ودعت الشركات والمؤسسات الرسمية والمدنية للانضمام للائتلاف الأهلي وتشكيل جسم وحاضنة مجتمعية لإنهاء الانقسام.
هذا وتم عرض فيلم قصير يستعرض أبرز نتائج الائتلاف خلال العام الماضي في الضفة الغربية وغزة والقدس.
وأدار الجلسة الثانية منسق الائتلاف في قطاع غزة أ. بلال النجار الذي قال: “فخورون بهذه النتائج التي حققتها المنظمات العاملة في قطاع حقوق الإنسان رغم حالة التشرذم بفعل الانقسام السياسي”.
بدورها، تحدثت أ. سميرة السقا من جمعية أمجاد للإبداع والتطوير المجتمع عن مبادرة مدافعون عن العدالة. وأشارت إلى أن المبادرة هدفت إلى الضغط على صناع القرار لمعالجة كافة انتهاكات حقوق الإنسان، وتعزيز ونشر مفاهيم حقوق الانسان بين الشباب، خاصة بين ذوي الإعاقة. كما اشتملت عقد لقاءات وتدريبات وورش عمل وحلقات إذاعية وحملات ضغط ومناصرة وإنتاج عدة أفلام عن حقوق الإنسان.
أما أ. نادر عمرو من ملتقى سواعد شباب الغد في الخليل، فقال إن مبادرتهم التي نفذتها ست مؤسسات تمحورت حول تعزيز الحكم الرشيد داخل مؤسسات المجتمع المدني، واشتملت على أنشطة متنوعة تستهدف فئة الشباب وعقد لقاءات حوارية مع صناع القرار ومقابلات وحلقات إذاعية حول الحكم الرشيد.
إلى ذلك، قالت أ. ثريا أبو زهري من ملتقى إعلاميات الجنوب في رفح إنهن نفذن مبادرة “بنقدر نحولها صح” بالشراكة مع خمس مؤسسات من شقي الوطن لمعالجة أثر التفكك الناتج عن الانقسام، واستخدام منصات التواصل الاجتماعي بطريقة تحد من انتشار خطاب الكراهية واستخدامها لتعزيز السلم الأهلي.
وقالت: “لم نكن قبل الائتلاف نتواصل مع مؤسسات الضفة، أما الآن أصبح هناك تشبيكا وعملا مشتركا بيننا”.
من جهته، قال أ. حمدي الزغير من نادي الموظفين من القدس إنهم نفذوا مبادرة لتعزيز السلم الأهلي مع خمس مؤسسات أخرى لرفع قدرات الشباب/ات في المشاركة السياسية وعقدوا لقاءات مع الأحزاب وصناع القرار.
وخلال الجلسة الثالثة التي أدارتها أ. إيمان عبد الرحمن، قال أ. كايد المعاري من مركز شاهد في رام الله إن هناك
هناك تآكل كبير لمنظمات المجتمع المدني لعوامل داخلية وخارجية أبرزها النظام السياسي الفلسطيني، خاصة في ظل وجود أكثر من 3000 منظمة مجتمع مدني بعضها يقوم بمجموعة من الأهداف التنموية التي تعزز سلطة الحكم الذاتي.
وأشار إلى وجود أربعة أصعدة لعمل بعض المؤسسات التي تعالج الانقسام: صعيد معالجة الانقسام، ومعالجة تداعيات الانقسام، وخلق بيئة فاعلة للحوار، وتسويق أجندة وأهداف معينة.
وأوضح أن أبرز التحديات التي تواجه مؤسسات المجتمع المدني هي التنافس فيما بينها، وعدم قدرتها على تجييش الرأي العام الفلسطيني نحو بعض القضايا الهامة، واستفادة بعضها من الانقسام.
أما أ. وداد الصوراني من جمعية الخريجات الجامعيات في غزة، فقالت إن التراشق الحزبي والكراهية تحول دون تحقيق الانقسام الذي سبب تدهورًا في الأحوال الاقتصادية.
وقالت: “لا بد من ضرورة إشراك المرأة في صنع القرار لعكس تطلعات المجتمع المختلفة”.
وفي السياق، قال أ. رائد الدبعي من جمعية بذور للتنمية والثقافة من نابلس إن الانقسام لا زال يغيب الشباب، وأن تمثيل الشباب في المجلس التشريعي هو صفر، وبعض أعضاء المجلس الوطني واللجنة التنفيذية تجاوزوا سن التقاعد على الرغم من أن أبرز رموز الحركة الوطنية الفلسطينية في الماضي كانوا من الشباب”.
وخلال الجلسة الرابعة التي أدارتها منسقة الائتلاف الضفة أ. روان الشرقاوي، استعرضت د. سامية الغصين ورقة بحثية حول واقع مشاركة الشباب الفلسطيني في الأحزاب الفلسطينية سلطت الضوء فيها على بعض الأنظمة الداخلية لبعض الفصائل الفلسطينية، وأسباب غياب الشباب عن المشاركة في الأحزاب السياسية. وقدمت بعض المقترحات أبرزها تعديل الأنظمة الداخلية للأحزاب الفلسطينية وبتنيها برامج تطوير قدرات الشباب الحزبي، وإنهاء الانقسام الفلسطيني.
بدوره، قدم د. طلال أبو ركبة ورقة بحثية بعنوان “قراءة في التحولات القيمية لدى الشباب في المجتمع الفلسطيني خلال العقدين الأخيرين” ناقش فيها التغيرات الكبيرة في البنى الاجتماعية للمجتمع والتي أحدثت تحولات اجتماعية وسياسية واقتصادية في المجتمع الفلسطيني والتي عصفت به منذ اتفاق أوسلو مرورًا بالانقسام الفلسطيني إلى الوقت الحالي. وأوضح أثر التحولات الاقتصادية السلبية على الشباب.
أما الباحث رزق العطاونة فقد استعرض ورقة بحثية بعنوان “التعددية الاجتماعية في مواجهة الانقسام السياسي الفلسطيني” تحدث فيها عن التعددية المجتمعية ومحاولات المجتمع الفلسطيني لإنهاء الانقسام، مستعرضًا أبرز المبادرات والحراكات المجتمعية والشعبية التي شاركت فيها مختلف الفئات والطبقات الاجتماعية لإنهاء الانقسام.
كما تحدث د. يحيى قاعود في ورقة بحثية عن خطاب الكراهية وتأثيراته التراكمية على السلم الأهلي والمصالحة الوطنية، مستعرضًا عدة مفاهيم دولية ومحلية للتحريض وخطاب الكراهية والسمات الرئيسية لخطاب الكراهية وأشكاله وطرق ممارسته وأدوات قياسه. وبين آثار تأكل السلم الأهلي في المجتمع الفلسطيني نتيجة خطاب الكراهية.
كما تم تقديم ورقة بحثية بعنوان آفاق الحوكمة للحالة الفلسطينية في سياق المؤشر السنوي للدول الهشة لعام 2022 وفق المؤشرات التالية: التماسك والاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
هذا ودارت مداخلات الحضور حول دور الشباب في ظل الظروف الراهنة، وسبل إعادة ثقة الشباب بالعمل السياسي والوطني، وضرورة التشبيك بين مؤسسات شقي الوطن وأهميته لإنهاء الانقسام، التحديات التي تواجه المجتمع المدني في تحقيق المصالحة، ومدى قدرة المجتمع على فرض المصالحة الوطنية على طرفي الانقسام.