رسامو غزة ينشدون المصالحة بالريشة والألوان
أطلق رسامون وفنانون في مدينة غزة، الاثنين 8-3-2010، العنان لمخيلتهم بالتعبير عن أحلام وآلام الشعب الفلسطيني، من خلال رِيّش الرسم والألوان الممزوجة بلمسات الجمال، في لوحة جدارية صنعت في حي الرمال وسط المدينة.
عشرات الفتيات والشبان شاركوا في رسم هذه الجدارية التي حملت عنوان “شباب من أجل المصالحة”، مجسدين من خلالها آمالهم في أن تتمكن الفصائل الفلسطينية المختلفة من التوصل إلى مصالحة وطنية حقيقية.
والجدير ذكره، أن هذه الجدارية تعد الفعالية الأولى في مشروع “تعزيز الثقة بين صناع القرار والمجتمع”، وينظمها مركز “بال ثينك” للدراسات الإستراتيجية، بتمويل من الوكالة السويسرية للتنمية، وبالتعاون مع فريق “فنانون من أجل الحرية”.
وقد شهدت إحدى اللوحات تجمعاً كبيراً لعشرات المواطنين من حولها، بعد أن وجدوا فيها ما يعبر عن أحلامهم التي ينتظرون تحقيقها منذ سنوات، حيث رُسم على اللوحة رجُلان يعانقان بعضهما بحرارة، أحدهما لبس ثوباً لونه أصفرا يرمز إلى حركة فتح، والأخر لبس الثوب الأخضر والذي يرمز إلى حركة حماس، في إشارة إلى أن المصالحة باتت الحلم الأكبر لدى الشعب الفلسطيني للتفرغ لمواجهة الممارسات الإسرائيلية المستمرة.
ودعا الرسامون والفنانون المشاركون في الجدارية عبر رسوماتهم، قادة الشعب الفلسطيني إلى ضرورة التوحد وتغليب المصلحة العامة، مستخدمين الألوان الزاهية في لوحاتهم لبث الأمل والتفاؤل فى نفوس المواطنين بتحقيق المصالحة الوطنية.
وقال الفنان الكاريكاتوري محمد النمنم المعروف “بأبو النون” خلال مشاركته فى رسم اللوحة الجدارية: “من حقنا كفنانين فلسطينيين أن نوصل رسالتنا إلى القيادات السياسية المتضمنة نبذ الانقسام واعتماد الوحدة الوطنية”، مشيراً إلى أهمية مخاطبة القيادات من خلال اللوحة والريشة والألوان.
وبيّن أن اللوحة الجدارية تحمل عدة مضامين من أهمها بث الروح والأمل بتجسيد الوحدة الوطنية، والتخفيف عما يكبته المواطنين في صدورهم من خلال هذه اللوحات التي باتت تعبر عن أحلام وطموحان الشعب الفلسطيني.
وكان من الملفت للنظر هو المشاركة النسائية الفعالة في الجدارية، حيث عبرت الفنانة ميسم سعيد لـ”فلسطين” عن سعادتها لمشاركتها فى الجدارية، مبينةً أهمية دور المرأة فى توصيل صوتها إلى صنّاع القرار بطريقة مؤثرة وهي الرسم.
ورسمت الفنانة ميسم العلم الفلسطيني بألوانه الجميلة، إلا أنها أرادت أن تعكس الألم الذي يعيشه المواطنون الفلسطينيون في قطاع غزة والضفة الغربية والداخل المحتل، فرسمت قيود وسلاسل حول هذا العلم، وجعلت مفتاحه الوحيد للخلاص من هذه القيود “الوحدة الوطنية”.
ومن جانب أخر، شددت نادين فارس والتي تعمل في أحدى مؤسسات العمل المدني على ضرورة مشاركة الشبان في رسم اللوحات الجدارية، خاصة وأنهم يمثلون من سكان القطاع بنسبة 60%، “ليكون لديهم رأي عقلاني في معالجة القضايا التي تهم المجتمع الفلسطيني، لتشكيل ورقة ضغط على صنّاع القرار”.
واستطاعت اللوحة الجدارية جذب انتباه عشرات المارين، حيث أبدى أحدهم ويدعي محمد الإفرنجي إعجابه باللوحة الجدارية والتي تحمل هدفاً ايجابياً بتوصيل رسالة الوحدة الوطنية، معرباً عن أمله في أن يتم تكرار مثل هذه الفعاليات “لتوصيل صوت أفراد الشعب إلى صنّاع القرار”.
ومن جانبه، أكد رئيس مركز بال ثينك للدراسات الاستراتيجية عمر شعبان لـ”فلسطين” أن هذه الجدارية تهدف إلى توصيل رسالة الوحدة الوطنية إلى القيادات السياسية بطريقة حضارية، تتمثل فى عقد عدة فعاليات بأساليب نوعية، تجذب الشعب بكافة مراحله العمرية حتى توصل الرسالة إلى صنّاع القرار.
وقال: “نريد من حركتي حماس وفتح أن تشاركان فى مؤتمر القمة العربية المحدد عقدها فى طرابلس العاصمة الليبية كوفدا فلسطينيا موحداً يعبر عن جميع أطياف الشعب الفلسطيني”.
وأوضح شعبان أن هذه الجدارية تأتى ضمن الفعاليات الستة عشر والتي ينوى مركز بال ثينك للدراسات الاستراتيجية تنفيذها، بهدف ترسيخ أفكار نوعية لتعميق الوحدة الوطنية عن طريق مشاركة الأطراف المتقاسمة من حركة فتح و حماس.