تجارب دولية ومحلية في ثقافة اللاعنف

مبادرة (معاً من أجل بيئة خاليه من العنف)
23 أغسطس، 2020
اختتام مبادرة “ماريونيت في كل بيت” للأطفال
13 سبتمبر، 2020

تجارب دولية ومحلية في ثقافة اللاعنف

اختتمت بال ثينك للدراسات الاستراتيجية سلسلة حلقات البرنامج الإذاعي “اللاعنف منهج حياة” الذي نفذته ضمن مشروع “تعزيز ثقافة اللاعنف” ، مخصصة الحديث حول التجارب الدولية والمحلية في حل النزاعات والخلافات باستخدام طرق لاعنفية، وكيفية الاستفادة منها في الحالة الفلسطينية المعاصرة.

في البداية ذكر الدكتور في العلوم السياسية طلال أبو ركبة أن كل المجتمعات الإنسانية تعرضت لاختلالات بنيوية تفرز خلافات وازمات داخلية، وعند تعرض المجتمعات لهذه الاختلالات تعود لمنظومة المبادئ والقيم لكي تستخرج منها ما يؤمن ويضمن الحماية والتعزيز للسلم الأهلي والتسامح داخلها، ويعالج كافة المشاكل والنزاعات والظواهر السلبية التي قد تظهر من عنف وجريمة وتفكك أسري.

وأضاف نحن في فلسطين لسنا مفصولين عن العالم، لذلك علينا الاستفادة من تجارب الدول والمجتمعات الأخرى وهي كثيرة مثل التجربة البلجيكية والهندية والرواندية والمنغولية والجنوب افريقية، وفيها من النقاط المشتركة مع الحالة الفلسطينية ما يسمح لنا بأن نأخذ هذه التجارب كمثال ونموذج لحل الخلافات الداخلية والانقسام الفلسطيني، مستدركا أن فلسطين نفسها تملك موروثا ثقافيا وقيميا غني جدا بثقافتي التسامح والسلم الأهلي، فهي مثلا الأرض التي جمعت مجتمعا واحدا من كل الأديان مقدمة نموذجا فريدا من التعايش الإنساني الحضاري عبر مراحل التاريخ المختلفة، رغم مرور الأراضي الفلسطينية بالعديد من الاحتلالات المتباينة من الرومان والإغريق واليونانيين والفرس والروم إلا أنهم لم يستطيعوا إلغاء حالة التعايش السلمي داخل بنية المجتمع الفلسطيني.

وأشار أبوركبة إلى أن ما أثر على المجتمع الفلسطيني في الآونة الأخيرة هو عدد من العوامل الخارجية نجحت في تشويه وإبعاد الموروث اللاعنفي الجميل عن الصورة لصالح ثقافات مكتسبة زجت بفعل ممارسات الإحتلال الاسرائيلي وبفعل الأداء السياسي الفلسطيني أفرزت حالة الاقتتال الداخلي الذي أنتج حالة الانقسام الفلسطيني، منوها أنها حالة طارئة على المجتمع الفلسطيني ولن تكون حالة أصيلة ولكنها لا يمكن أن تزول إلا بإرادة حقيقية، ووعي يشهد التاريخ على وجوده خاصة عندما لجأ الفلسطينيون إبان الانتداب البرطاني والاحتلال الإسرائيلي الكامل عام 1967 للأراضي الفلسطينية إلى حل النزاعات والخلافات بطرف التحكيم والوساطة وفض المنازعات بالطرق السلمية.

أما بلال النجار المحامي فاستعرض ورقة بحثية أعدها حول التجربة الرواندية وكيفية الاستفادة منها فلسطينيًا، مستأنفا الحديث عن تفاصيل الحالة التي كانت نتيجة تأثير الاستعمار على المجتمع الرواندي حيث عمل على فصله إلى طبقتين عليا ودنيا إلا أن الشعب الرواندي رغم حالة الاقتتال التي راح ضحيتها أكثر من مليون مواطن استطاع الخروج من مربع العنف ونقل روندا إلى مصاف الدول المنافسة اقتصاديا وذات التنمية والتمكين للمجتمع باتباع خطوات يمكن للفلسطينيين اتباعها للخروج من حالة الانقسام الداخلي.

وأوضح أن الروانديين حاولوا انهاء حالة الانقسامات الداخلية عدة مرات كما يحدث الآن على المستوى الفلسطيني الداخلي، لكن الروانديين لم ينجحوا إلا عندما عقدوا اتفاق آروشا الذي رفع شعار “لا إقصاء بعد اليوم والجميع يجب أن يشارك”، وآمنو بأن المخرج الوحيد من الأزمة هو قبول الآخر وادخال الجميع في دائرة السلطة، وأتبعوا الاتفاق بخطوات عملية بهدف القضاء على كل آثار الحروب والإبادة الجماعية التي حصلت، وإعادة بناء مكونات الدولة، عبر أربع خطوات وهي إنشاء محاكمات لكل من تورط في ارتكاب جرائم، وإحداث اصلاحات جوهرية في جهاز القضاء، وتعزيز الوحدة الوطنية والهوية الرواندية، وأخيرا عبر جبر الضرر لضحايا الاقتتال.

وعن الأدوار التي تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني في ترجمة التجارب الدولية والمحلية إلى المجتمع الفلسطيني قال غسان الشيخ رئيس جمعية المجد للتنمية المجتمعية أنه دور تاريخي وليس مستجدًا نشأ نتيجة الفراغ الذي حدث بين السلطة الحاكمة والقاعدة الشعبية والمجتمع بدأت بشكل حركات اجتماعية وشعبية تقود مطالب مدنية ومجتمعية تركز على أهمية نشر ثقافة حقوق الإنسان وتحقيق المطالب الاقتصادية والاجتماعية لدى الفئات المحرومة والمهمشة، وتطورت هذه الحركات إلى مؤسسات مدنية تمثل كافة شؤائح المجتمع.

وذكر الشيخ أن عمل مؤسسات المجتمع المدني داخل فلسطين له خصوصية لأن أهم مطالب للشعب الفلسطيني هو التحرر من الاحتلال وبناء الدولة بالإضافة للمطالب الحقوقية والمدنية المختلفة التي تعلق بالحقوق المعيشية التي ترافق الحياة اليومية، فبدأت واستمرت المؤسسات بممارسة هذين الدورين بشكل متوازي وهذا ما زاد العبء عليها وجعلها تمارس دور أكبر من الدور الطبيعي الذي تقوم به مثيلاتها في العالم، مشيرا إلى أن ما يزيد من خصوصية العمل على المستوى الفلسطيني هو انتشار الفلسطينيين في أكثر من مكان جغرافي والتنوع البيئي والثقافي الناتج عن الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة ومخيمات الشتات المنشرة في الدول المجاورة والوجود الفلسطيني في دول الاغتراب مما فرض على المؤسسات التي تقدم خدماتها للفلسطينيين على اتباع استراتيجيات وخطط مختلفة وشديدة التنوع غلى مستوى النشاطات إلا أنها كلها تعمل على تعزيز الهوية الفلسطينية والتأكيد على الحقوق الثابتة لهذا الشعب.

 

Comments are closed.