التدخلات فيما بعد الحرب ..لا يجب إنتظار مؤتمر المانحين

بقلم عمر شعبان

تعدد المشاكل و محدودية الموارد:

إنتهت الحرب بجنونها و بقيت بـآثارها على الانسان و الحجر و النبات. في مثل هذا الظروف تكون المعضلة في تحديد الاولويات . ماهي التدخلات المطلوبة و الواجبة في ضوء تعدد المشاكل و التحديات و محدودية الموارد . المفاضلة بين المهم و الاقل أهمية و بين الضوروي و من يحتمل التأجيل ! آلاف المواطنين القاطنين في المدارس و الاماكن العامة، تنظيف الردم و الشوراع ، تحسين خدمات المياه و الكهرباء و جمع القمامة و شبكات الصرف الصحي ، بدء الموسم الدراسي ، تعويض المتضررين و معالجة الآثار النفسية على الانسان خاصة الاطفال ….. القائمة طويلة . بعض هذه التحديات لا يمكن لها أن تنتظر توصيات مؤتمر المانحين المنوي عقده منتصف الشهر القادم ، حيث أن بدء تنفيذ وعود المانحين سيأخذ وقتا طويلا . المطلوب خطة حكومية طارئة تتناسب مع حجم المشكلة. لذا على حكومة الوفاق الاقتراض من البنوك من أجل تمويل التدخلات التي لا تحتمل التأجيل .

خصوصية التدخل في مرحلة ما بعد الحرب :-

في مثل هذه الظروف يطرح السؤال دائما: هل يتم التركيز على إعادة البناء “الترميم”! هل يتم التركيز على البناء و التنمية أم على إعادة الاعمار ! ففي اليابان مثلا و بعد الحرب العالمية الثانية : كان السؤال هل نوجه المجهود نحو إعادة إصلاح ما دمرته الحرب أم نحو البناء و التأسيس ! العبقرية تكمن في كيفية الجمع بينهما حيث أن الزمن و معاناة الناس لا ينتظران، بل يتوجب العمل ضمن رؤية تقوم على : ماهي الانشطة التي يمكن تنفيذها بالتوازي و ماهي الانشطة التي لا يمكن تنفيذها سوى بالتوالي. كذلك كيفية الموازنة و ترتيب الأولويات لجماعات الضغط : هل يتم خلق فرص عمل للشباب الخريجين أم للمتعطلين عن العمل في السنوات السابقة. هل الأولوية تكمن في معالجة سريعة للفقر و البطالة أم التركيز على المشروعات الإستراتيجية التي تؤتي ثمارها بعد سنوات طويلة.

بالامس تلقيت إتصالا من أحد المؤسسات المانحة الهامة حيث طلبت رأيي : في حال تم تخصيص مئة مليون دولار فماهي أكثر ثلاث تدخلات واجبة و لا تنتظر التأجيل و بحيث يكون لها تأثير كبير على المجتمع : هذا ما إجتهدت به :-

• المباشرة في تشكيل عشرات الفرق من النجارين و الحدادين لبناء آلاف الوحدات السكنية الجاهزة ( كرفانات ) لإيواء آلاف الاسر التي دمرت منازلها . يتوجب تشغيل المتضررين في هذا المشاريع .

• تحسين خدمات المياه و الكهرباء و الصرف الصحي بما يحسن الوضع الصحي ويمنع من إنتشار الامراض و الاوبئة و دعم البلديات كي تتمكن من القيام بدورها الهام .

• المباشرة في ترميم آلاف الشقق السكنية التي تضررت بشكل جزئي بما يمكن أصحابها من إستخدامها من جديد و يخلق فرص عمل و يعيد النشاط الاقتصادي

أخذا في الاعتبار أن عشرات المؤسسات المحلية و الدولية بدأت بتنفيذ قبل إنتهاء الحرب برامج ترفيهية للأطفال و النساء الذين هم بحاجة ماسة لمثل هذه البرامج للتعافي من الصدمات النفسية و الخوف و الرعب بسبب الحرب والقصف المتواصل .

يتوجب إجراء نقاش عميق و مفتوح بين شرائح المجتمع و مكونات النظام السياسي لتحديد ماهي التحديات الواجب مواجهتها ! و ترتيبها حسب أهميتها و كيفية تنفيذها و سبل التمويل . هنالك الكثير مما يجب و يمكن عمله دون إنتظار المانحين.

عمر شعبان مدير بال ثينك للدراسات الاستراتيجية غزة

Omar@palthink.org

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى