التقاعد المالي إجراء إداري غير قانوني
بقلم: عمر شعبان
خبير في الاقتصاد السياسي و مدير بال ثينك للدراسات الاستراتيجية
التقاعد المالي هو إجراء إداري غير قانوني وغير منطقي مطلقا ولايوجد له مثيل سوى في فلسطين، إتخذته الحكومة الفلسطينية السابقة برئاسة د. رامي الحمد الله ضمن مجموعة الاجراءات\ العقوبات” في مارس 2017 .
التقاعد المالي هو أن يمارس الموظف عمله في وظيفته العامة كالمعتاد و أن يتقاضى مرتب متقاعد. إضافة على ذلك، فإن إعتبار الموظف متقاعد ماليا يحرمه من أي مزايا يمنحها له القانون مثل:- بدل إعالة الآباء وعلاوة بدل زوجة وعلاوة بدل أبناء يدرسون في الجامعات و إبنة غير متزوجة وتجميد الترقيات وبدل المواصلات و غيرها.
كيف يمكن أن تكون مدرس تذهب إلى العمل يوميا وطبيب يواصل خدمة أبناء الشعب ومدير\ة مدرسة يربي الاجبال ويتم تصنيفك كــ ” متقاعد”!
إن حرمان الموظف من هذه العلاوات المستحقة هو ظلم في حد ذاته و تجاوز لقانون الخدمة المدنية الذي هو بمثابة العقد بين الموظف و الحكومة. كذلك إن حرمان الموظف من مستحقاته له تداعيات إجتماعية و إقتصادية خطيرة منها: زيادة نسب الفقر و تعجيز الموظف عن القيام بواجبه الاخلاقي و القيمي تجاه عائلته و والديه. و زيادة العنف الاسري و تعميق سلوكيات و قيم التطرف السياسي و القيمي.
هي قرارات مطبقة على موظفي السلطة الوطنية الفلسطينية في قطاع غزة فقط وهو في حد ذاته تمييز بين موظفين يفترض أن يخضعوا لذات القانون، هو تمييز قائم على الجغرافيا بكل أسف.
إن التقاعد المالي شمل أكثر من 6600 موظف في قطاع غزة وبذلك فإن أضرار هذا الاجراء كبيرة و متراكمة. التقاعد المالي يعني أن يصبح مرتب موظف ما 1700 شيكل بدل 4000 شيكل أصلا . التقاعد المالي و تخفيض المرتبات هو إمتهان لكرامة الموظف و عائلاته و تعميق لحالة الانقسام السياسي.
إن مرتبات موظفي القطاع العام هي حق كفله لهم القانون و مكافأة مستحقة مقابل عملهم. هي مكون أساسي في تشكيل الدخل المحلي الاجمالي وفي تنشيط الاقتصاد المحلي. موظفي القطاع العام الفلسطيني هم عنصر هام في عملية التنمية وبناء مؤسسات و هياكل الدولة. موظفي القطاع العام في أي دولة هم حجر الاساس للتنمية و الاستقرار. إن إنصافهم يساهم في الاستقرار السياسي و المجتمعي و تحقيق العدل الاجتماعي.
لقد تعهد السيد رئيس الوزراء د.محمد إشتية بإلغاء هذا الاجراء الظالم وهذا إدراك منه بأهمية و ضرورة إلغائه.
أضم صوتي إلى صوت آلاف الموظفين و عائلاتهم لمطالبة السيد رئيس الوزراء د.إشتيه بالاسراع في تطبيق ما تعهد به من إلغاء التقاعد المالي وإعادة المبالغ المستحقة لموظفي القطاع العام الفلسطيني.
إن تحقيق الوحدة السياسية و الوجدانية بين أبناء الشعب الواحد تستوجب تطبيق مبدأ” الكل أمام القانون و تحته سواسية .