المستشار هادي شبلي: تراجع الاهتمام الأوربي بفلسطين يعود لأحداث أوروبية، والربيع العربي والانقسام الفلسطيني

غزة – قال المستشار هادي شبلي مسؤول ملف الاتحاد الأوروبي في بعثة فلسطين لدى الاتحاد الأوروبي وبلجيكا ولوكسمبورج أن تراجع الاهتمام الأوروبي الرسمي بالقضية الفلسطينية يعود لأحداث الربيع العربي واستمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي. وشدد شبلي أن هذا التراجع في الدور الاوروبي لم يمنع الجهود الشعبية وأنشطة منظمات المجتمع المدني ونواب البرلمانات في أوروبا من زيادة الفعاليات المساندة للقضية الفلسطينية سواء من خلال تعزيز حملات المقاطعة أو رفض الاستيطان وإدانة حصار قطاع غزة من خلال فعاليات متعددة وشبه دائمة جعلت القضية الفلسطينية شأن داخلي اوروبي. وتحدث المستشار شبلي عبر سكايب من بروكسل خلال جلسة حوار نظمها مركز بال ثينك للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية تحت عنوان: “سياسة الاتحاد الأوروبي الحالية والمستقبلية تجاه القضية الفلسطينية” في مدينة غزة. بحضور كثيف من قطاعات المجتمع الفلسطيني.

حيث افتتح اللقاء أ. عمر شعبان مدير مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية مرحبا بالضيف الكريم وبمثل مؤسسة فريدريش أيبرت الالمانية د. رالف هيكسل و د. بيهان شينتورك مديرة المؤسسة في القدس و د. اسامة عنتر مدير برامج قطاع غزة.

وأشار السيد شعبان إلى دور مؤسسة بال ثينك كمؤسسة تفاكر فلسطينية مستقلة في تعزيز حالة الحوار والنقاش العقلاني الممنهج حول قضايا وتحديات الحاضر والمستقبل بهدف ترشيد القرار والسياسات الرسمية والاهلية مشيراً أن هذا اللقاء يأتي ضمن سلسلة اللقاءات التي نظمتها المؤسسة في الشهور الماضية واستضافت خلالها العديد من الشخصيات العربية والدولية بهدف ربط غزة بالعالم ومواجهة سياسات الحصار والتهميش المفروضة على قطاع غزة.

من جهته قدم د. رالف هيكسل الشكر لمؤسسة بال ثينك على دورها الطليعي في إثارة النقاش الاستراتيجي حول قضايا تهم فلسطين والمنطقة . مؤكداً أن عدة تطورات حصلت أخيراً سيتواصل تأثيرها على شكل و طبيعة الاتحاد الاوروبي وآلية تعاطيه مع قضايا العالم هي 1) خروج بريطانيا 2) فوز الرئيس الامريكي ترامب 3) موجات الهجرة من الشرق لاوروبا 4) تعاظم ظاهرة الارهاب و تصاعد اليمين الشعبوي في اوروبا وفوز الشاب ماكرون برئاسة فرنسا.

وفي مداخلة المستشار الدبلوماسي هادي شبلي تحدث عن الجهود الفلسطينية الرسمية مع دول الاتحاد الأوربي وأبرزها إجراء مفاوضات متقدمة لتوقيع اتفاقيات شراكة كاملة لا تبرم إلا مع دول كاملة السيادة، بالإضافة الى الحصول على مواقف واضحة من الاتحاد الأوربي تضمن محددات القضايا الوضع النهائي، واستخراج مستخلصات سياسية وقانونية تدين الاستيطان وعلى حدود 67 وعلى ان القدس عاصمة لدولتين، والوضع في المناطق المسماة ج ، فضلا عن الجهود المبذولة للحصول على التمويل اللازم لمحطة تحلية مياه لقطاع غزة والبالغ قيمتها نصف مليار يورو.

كما تطرق شبلي الى المجهودات التي تبذلها القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس/ أبو مازن لأنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الفلسطينية خاصة، لان انهاء الانقسام الحالي سيعزز الموقف الفلسطيني ويقويه دوليا.

وأرجع شبلي تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية لأسباب موضوعية بدأت منذ الحرب على العراق وحدوث اصطفافات متباينة في المواقف العربية، وما تلاها في مرحلة الربيع العربي، مع تأثير كبير لاستمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي، منوها أن القضية الفلسطينية كانت على قمة اللقاءات العربية- الأوربية الثنائية والجماعية.

وشدد شبلي على أن المواقف الاوروبية من القضية الفلسطينية يجب ان تنبع أولا من المسؤولية الأخلاقية والتاريخية والقانونية الأوروبية من القضية الفلسطينية من التزام قانوني واخلاقي بالإضافة الى وجود مصالح حقيقية لدول أوروبا في الشرق الأوسط الذي لن يستقر دون حل عادل للقضية الفلسطينية.

ودعا شبلي الى توحيد الاستراتيجية والخطاب الفلسطيني في التعامل مع الاتحاد الاوربي ودوله ومؤسساته واستثمار الحراك الشعبي وجهود المنظمات غير الحكومية والتعاطف من نواب البرلمانات بهدف الضغط على المؤسسة الرسمية الأوربية من أجل انهاء الاحتلال الاسرائيلي لأراضي الدولة الفلسطينية.

واعتبر شبلي أن الاتحاد الأوربي يقف حاليا أمام تحديات وفرص جراء وصول الرئيس الأمريكي ترامب الى البيت الأبيض ومواقفه السلبية من الاتحاد الاوربي، وانسحاب بريطانيا من الاتحاد، والعلاقة الأوروبية المتردية مع روسيا على خلفية الموقف من الازمة الاوكرانية، مؤكدا أن هذه التحديات يمكن أن تتحول الى فرص من خلال شراكة استراتيجية بدأت خطواتها بين فرنسا وألمانيا كقوتين عسكرية ومالية بإمكانهما تطوير الاتحاد الاوربي من خلال الحضور المنافس للسياسة الأمريكية الجديدة في كل القضايا بما فيها الشرق الأوسط.

وذكر شبلي أن الاتحاد الاوروبي نشأ في بدايته بدعم أمريكي من خلال خطة مارشال، الا أن الفجوة في العلاقات بدأت تتسع حتى وصول الرئيس الجمهوري ترامب لسدة الحكم، ومواقفه المعلنة في قمة الناتو مؤخرا، ودعوة الأوربيين للاعتماد على أنفسهم في قضايا الدفاع، والانسحاب من اتفاقية التغير المناخي التي توليها الدول الاوروبية اهتمام كبير، في تحدي كبير يفتح الباب أمام فرص مهمة من خلال تعزيز التعاون بين دول الاتحاد الاوربي.

وأكد شبلي أن لدى فرنسا وألمانيا تصميم قوي على حماية الاتحاد الاوربي بعد خروج بريطانيا وتسديد حصتها المالية للاتحاد، وبلورة تحالف عسكري فرنسي واقتصادي ألماني يستعيد دور الاتحاد الأوربي كند للولايات المتحدة الامريكية، منوها الى مساعي أوربية تهدف الى تغيير قواعد اتخاذ القرار داخل الاتحاد الأوربي من ألية التوافق الى اتخاذ القرارات بالأغلبية.

واعتبر أن صعود الأحزاب اليمينية في أوروبا كان يحمل مخاطر حقيقية خاصة في فرنسا، مما دفع بتيار سياسي جديد عبر عن التحالف بين الاشتراكيين واليمين الذي أدى الى فوز ماكرون برئاسة فرنسا، مشيرا الى أن أحزاب اليمين المتطرف استغلت مسألة الهجرات الكبيرة وتأثيرها على الأمن والاقتصاد في أوروبا للحصول على أصوات الناخبين، رغم وجود مؤشرات حقيقية تؤكد عدم وجود علاقة بين الهجرة من الشرق الأوسط والارهاب، حيث أن كل منفذي هجمات أوروبا كانوا مواطنين أوربيين من أسر عربية واسلامية استقرت مبكرا في أوروبا.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى