صندوق الاستثمار الفلسطيني

 بقلم: عمر شعبان

صندوق الاستثمار الفلسطيني بمثابة الصندوق السيادي للسلطة الفلسطينية حيث يدير إستثماراتها في داخل فلسطين و خارجها .  تأسس الصندوق عام 2003 ضمن مطالب المجتمع الدولي من الرئيس عرفات بتعزيز الشفافية و كشف ممتلكات السلطة و استثماراتها , بما فسر في ذلك الوقت على أنه محاولة من الدول المانحة  لتقليص صلاحيات الرئيس عرفات و تقليل إشرافه على المال العام و تقييد حريته في صرف مخصصات مالية خارج إطار الموازنة. حيث وجهت اتهامات للرئيس الراحل عرفات بأنه يدير  استثمارات  غير مسجلة للصرف على العمل العسكري و أنه يخصص جزء من مساعدات الدول المانحة للصرف على مخيمات اللجوء في الشتات و خاصة في لبنان . شملت مطالب المجتمع الغربي في ذلك الوقت إستحداث منصب رئيس الوزراء و تعيين وزير مالية متخصص يدير المال العام . تولى ذلك المنصب د سلام فياض ليكون أول وزير مالية للسلطة الفلسطينية من خارج مدرسة منظمة منظمة التحرير الفلسطينية .

تأسس صندوق الاستثمار الفلسطيني بقرار رئاسي  حيث نص القرار على أن يكون الصندوق تحت إشراف وزارة المالية ، لذا فقد تبوأ السيد سلام فياض بصفته وزيرا للمالية رئاسة الصندوق وعين السيد خالد إسلام , المستشار الاقتصادي للرئيس عرفات مديرا عاما للصندوق . نقلت جميع ممتلكات و أصول السلطة الفلسطينة في الداخل و الخارج إلى إشراف الصندوق ، على سبيل المثال حصة السلطة الفلسطينية في شبكة الخلوي في دولتي تونس و الجزائر و الأراضي  الحكومية في قطاع غزة و التي إنسحبت منها إسرائيل في العام 2005 (أراضي المستوطنات)  كذلك حصص السلطة الفلسطينة في قطاع الاتصالات و الكهرباء و و غيرها من العقارات و المنقولات . بعيد وفاة الرئيس عرفات في نوفمبر 2004 , ببضعة شهور تخلى خالد إسلام عن إدارة الصندوق و أصبح وزير المالية سلام فياض رئيسا للصندوق و مديره لفترة محدودة جدا . مع فوز حماس في إنتخابات  يناير 2006 و تشكيلها لحكومتها الأولى ، بدأت عملية الشد بين مؤسستي الحكومة التي شكلتها حماس و مؤسسة الرئاسة التي تسيطر عليها  حركة فتح و فصائل منظمة التحرير الفلسطينية على خلفية الخلاف حول تبعية بعض مؤسسات السلطة الفلسطينية هل هي للحكومة مما يعني سيطرة حكومة حماس عليها أم للرئاسة بما يبقيها بعيدا عنها   . ضمن إجراءات الطوارئ التي أعلنها الرئيس محمود عباس ردا على سيطرة حركة حماس على مقاليد الحكم في قطاع غزة , تم نقل المسؤلية على صندوق الاستثمار من وزارة المالية \ الحكومة إلى مكتب الرئيس محمود عباس .حيث تولى د محمد مصطفى ، المستشار الاقتصادي للرئيس محمود عباس منصب مدير عام الصندوق و رئيسا لمجلس الادارة لاحقا  .

 نتئاج أعمال الصندوق

 لاشك أن تأسيس صندوق الاستثمار الفلسطيني قد شكّل حافظة لأصول و ممتلكات الشعب  الفلسطيني  حيث منع عنها الضياع و التبدد كما هي الحال في أصول منظمة التحرير. كذلك شكّل الصندوق رافدا ماليا للسلطة الفلسطينية في أوقات حرجة . كذلك ساهمت أعمال الصندوق في تنشيط الاقتصاد الفلسطيني و زيادة الناتج المحلي الإجمالي و في خلق آلاف فرص العمل الجديدة . تظهر الحسابات الختامية للصندوق للعام 2011 أن حقوق الملكية بلغت 747 مليون دولار أمريكي، مع انخفاض بسيط أيضاً بالمقارنة مع 2010،  ويعزى هذا الانخفاض نتيجة لتوزيع أرباح بحوالي 45 مليون دولار عن عامي 2010 و 2011 ، إلى جانب تأثر الصندوق بالأزمة المالية التي يعاني منها الاقتصاد الوطني والأزمة المالية العالمية فيما يتعلق بالأرباح . في حين تبلغ قيمة الموجودات 888 مليون دولار . حقق الصندوق أرباحا بلغت حوالي 33 مليون دولار أمريكي بعد خصم الضريبة في العام 2011 ، ليصبح مجموع الأرباح المحققة منذ إنشاء الصندوق 800 مليون دولار حيث قام الصندوق بتحويل  20 مليون دولار أمريكي من أرباحه  في العام 2011 إلى  خزينة  السلطة الوطنية الفلسطينية ، ليصل بذلك مجموع الأرباح الموزعة لخزينة السلطة منذ تأسيس الصندوق عام 2003 وحتى عام 2011 إلى أكثر من 653 مليون دولار أمريكي، أي ما يشكل 105 % من قيمة رأس المال المدفوع.

 إدارة الصندوق: –

 ينص النظام الداخلي للصندوق على مايلي:  يعمل صندوق الاستثمار الفلسطيني كشركة مساهمة عامة محدودة، مملوكة من الشعب الفلسطيني، وهي مستقلة من الناحيتين المالية والإدارية. ولها مجلس إدارة وهيئة عامة مستقلتين. ويدير الصندوق عدداً من المحافظ الاستثمارية والشركات المتخصصة التابعة له والتي تستثمر بدورها في مجموعة من المشاريع الحيوية.

 في الواقع يدير الصندوق مجلس إدراة مكون من 11 عضوا منذ العام 2012 بعد أن كان عددهم 7 أعضاء و هيئة عامة تتكون من 30 شخصية .  يترأس مجلس إدارة الصندوق د محمد مصطفى الذي يحتل منصب المدير العام أيضا و كذلك المستشار الاقتصادي للرئيس محمود عباس . د مصطفى يطرح من وقت لآخر كمرشح لرئاسة حكومة الوحدة الوطنية في حال تمت المصالحة بين حماس و السلطة الفلسطينية .

 إصلاحات مطلوبة :-

 دون تقليل من إنجازات الصندوق , هناك حاجة لإجراء المزيد من الاصلاحات سواء في نمط الادارة أو في مجالات الاستثمار :

 • يجمع د محمد مصطفى مناصب ثلاث في آن واحد مما يضع بعض الشك على مستوى الشفافية و الرقابة على إدارة أعمال الصندوق ,خاصة أن السيد رئيس الصندوق يتولى ايضا رئاسة مجالس الادراة في عدد من الشركات الفرعية المملوكة للصندوق .

 • كذلك تتضمن عضوية الهيئة العامة للصندوق عدد من الأشخاص الذين لديهم مناصب وزارية في الحكومة الفلسطينية أو مناصب داخل منظمة التحرير ، كذلك بعض أعضاء  مجلس الإدارة و الهيئة العامة هم أصحاب شركات كبيرة ذات علاقة عمل و شراكة مع صندوق الاستثمار ذاته مما يخلق حالة من تعارض المصالح أو توافقها خاصة أن صندوق الاستثمار يعمل في نفس المجالات التي  تعمل بها هذه الشركات التي يحتل أصحابها عضوية مجلس إدارة الصندوق و هيئته العامة .

 • ليس واضحا منهجية  تعيين أعضاء الجمعية العمومية , بالرغم من أن صندوق الاستثمار هو شركة مساهمة عامة , يتم تعيين أعضاء مجلس الادارة بقرارات رئاسية بما يلزم الحصول على موافقة المجلس التشريعي  على عضويتهم . يزيد ذلك من درجة الغموض حول الصفة القانونية للصندوق ! هل هو مؤسسة سيادية تتبع مؤسسة الرئاسة أم هو شركة مساهمة عامة تخضع لقانون الشركات المعمول به في فلسطين !

 • بعض أعضاء مجلس الإدارة و أعضاء الجمعية العمومية هم أصاحب شركات كبيرة و تتمتع بعقود إحتكارية في قطاعات الاتصالات , التأمين , البنوك , المقاولات و الاستيراد و التصدير، يفهم من ذلك أن صندوق الاستثمار الفلسطيني يعزز حالة الاحتكار المتهمة من قبل المجتمع الفلسطيني بأنها أحد  الأسباب الرئيسة لحالة الفقر و البطالة . و تؤشر لحالة التزاوج بين السلطة و الثروة وهي الحالة التي شابت أنظمة الاستبداد العربي و التي ذهب بها الحراك الجماهيري في العامين الماضيين .

• تتنوع إستثمارات الصندوق بين قطاعات إقتصادية مثل الإنشاءات , السياحة و القروض الصغيرة و المتوسطة , الاتصالات , و غيرها . من الملاحظ أن الصندوق يركز نسبة كبيرة من استثماراته في مجال الإنشاءات و خاصة الأحياء السكنية الجديدة الراقية جدا ، يرى البعض في هذه الاستثمارات على أنها محاولة محمودة من  صندوق الاستثمار في تخفيف أزمة السكن في الاراضي الفلسطينية في مواجهة تغول الاستيطان الإسرائيلي على أراضي الضفة الغربية ، في حين ينظر البعض على أن صندوق الاستثمار يشكل منافسة غير عادلة مع شركات  القطاع الخاص  خاصة تلك التي تعمل في مجال الإنشاءات،  كذلك أن مشروعات الإسكان الراقية لا تتناسب مع متوسطي الدخل و هي الفئة الغالبة في المجتمع الفلسطيني

http://www.al-monitor.com/pulse/ar/contents/articles/opinion/2013/05/palestinian-investment-fund-reform.html

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى