الحلقة الإذاعية التاسعة:الأبعاد العنيفة في الخطاب الإعلامي واليومي

الحلقة الإذاعية الثامنـة:أثر ألعاب الفيديو العنفي على الشباب والمراهقين
20 أغسطس، 2019
الحلقة الإذاعية العاشرة: العنف اللفظي ضد الأطفال
21 أغسطس، 2019

الحلقة الإذاعية التاسعة:الأبعاد العنيفة في الخطاب الإعلامي واليومي

ما بين المسامحة، الرد بالمثل، أو تقديم النصح، تنوعت إجابات المواطنين المستطلعة آراءهم حول تعرضهم للسباب بلفظ سوقي، ورغم أن أغلب الإجابات كانت مع المسامحة إلى أن كل الآراء أجمعت على أن هناك انتشارا واسعا للأفاظ النابية والسوقية بين فئة الشباب في المجتمع الفلسطيني، هكذا بدأت الحلقة التاسعة من تسلسل حلقات البرنامج الإذاعي “اللاعنف منهج حياة” الذي تنفذه بال ثينك ضمن مشروع تجمع المؤسسات الأهلية من أجل نشر ثقافة اللاعنف.

حلقة تناولت موضوع “الأبعاد العنيفة في الخطاب الإعلامي واليومي” وكان ضيفها الأول الكاتب والصحفي فتحي صباح ومدير المعهد الفلسطيني للاتصال والتنمية قد استهل حديثه حول جملة الأسباب التي جعلت اللغة المحكية في المجتمع الفلسطيني لغة عنيفة وذلك انعكاس طبيعي لكل مظاهر العنف التي يعايشها المجتمع في كل مكان، موضحة أن ممارسات الاحتلال الاسرائيلي العنيفة ضد الفلسطينيين كانت العامل الأبرز في تعزيز العنف كوسيلة لحل النزاعات والتعامل مع المختلف عنا، وهذا العنف أنتج ما يسمى في علم النفس مبدأ التوحد مع المعتدي الذي يعني انه عندما يتعرض شخص للعنف لفترة ما من الزمن سيمارس هذا العنف على الأشخاص الأقل منه قوة، وهذا من نجده اليوم واقعا في المجتمع، وهذا ما يرفع من وتيرة العنف فيه.

وأضاف صباح أن من عوامل انشار العنف في المجتمع واللغة المحكية هي وجود العنصرية بين أفراده وعدم قبول الآخر وبالتالي عدم تقبل آرائه، موضحا أن تمسكنا ببعض المسمات يعتبر مؤشرا على هذه العنصرية مثل استخدامنا لمسمى “حارة العبيد” للداللة على المنطقة التي يسكنها أصحاب البشرة السوداء ولما في التسمية من ربط فطري بين هؤلاء الناس وحركة الرق التي مورست في أفريقيا وأميركا، وهذه نظرة عنصرية وعنف بل وتعمل على تبرير وتقبل العنف الممارس على فئة من البشر دون وجه حق كما شاهدنا من ازدياد في قتل أصحاب البشرة السوداء في الولايات المتحدة الأمريكية حتى في عهد الرئيس أوباما وهو من ذو البشرة السوداء، وكل هذا مرده غياب الوعي سواء هنا في فلسطين أو هناك خارجها.

من جهته ذكر رئيس مقهى الإعلام الإجتماعي سلطان ناصر (وهو خبير في منصات التواصل الإجتماعي) أن ما يحدث في هذه المنصات ليس بمعزل عن ما يحدث على أرض الواقع، بل أن ما يمارس من عنف بين الأشخاص يصبح سلوكا في منصات التواصل الاجتماعي، فتجد من يريد التفاعل مع أي قضية ما مثل التضامن مع المرأة ومناهضة العنف ضدها يعبر بأسلوب هجومي عنيف، وبالتالي سيجمع تعليقات وتفاعل مماثل له هجومي وعنيف، وهذا ينبع لعدم احترام الرأي الآخر، مؤكدا أن العنف وردات الفعل العنيفة تزداد كلما ازدادت حساسية القضية (مثل قضية الانقسام ذات الأبعاد السياسية والقضايا المرتبطة بالانقسام)، وهذا يشتت الاهتمام بالقضية الأساسية التي يجب التركيز عليها وحلها.

ونوه ناصر إلى أن العنف الموجود على منصات الاعلام الاجتماعي تقلب مباعث المتعة إلى منغصات وأسباب لنشر التعصب وهذا يتجلى في القضايا الرياضية فعندما يكون هناك حدث رياضي مثل (كلاسيكو الدوري الأسباني) فتجد المهتمين في فلسطين وحتى الصحفيين الرياضيين يتفاعلون مع الحدث بالتهجم على بعضهم وخلق مساحات للخلاف بدلا نشر الروح الرياضية، مستدركا أن الفترة الماضية شهدت وعيا يتزايد وينقص حول الاستخدام الواعي للمنصات بعيدا عن العنف.

وحول الجهود العالمية لمناهضة العنف على منصات الاعلام الاجتماعي، ذكر أن هناك خوارزميات معقدة يعمل جزء منها على تحليل المحتوى المرئي بشكل تلقائي فتحجب الصورة أو الفيديو الذي يحتوي مشاهد عنيفة وتخير المتصفح إن أراد مشاهدة المحتوى أو لم يرد ذلك، وهناك جزء (لا يستخدمه الفلسطنييون) هو التبليغ عن المحتوى الذي يدعو إلى العنف وهذا يعمل من خلال تجمع عدد من التبليغات تجاه محتوى محدد يؤدي إلى حجبه في النهاية، وفي حال تكرر نشر المحتوى والتبليغ عنه يحظر الشخص صاحب الحساب، ومن هنا نفهم لمَ يحظر بعض الأشخاص بمجرد تسجيلهم على منصات بحسابات جديدة.

وقال صباح أنه في ظل التطور السريع لوسائل الاعلام التقليدية والحديثة تزداد سرعة نشر المحتويات بكل مضامينها وما تحمله من رسائل مبطنة وهذا بحاجة لوضع قوانين وليس استراتيجيات تضمن عدم ممارسة العنف بغطاء حرية التعبير عن الرأي، لافتا إلى أن التشهير والذم والقدح أصبح منتشرا جدا مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وهذا مرجعه انقطاع تطبيق القوانين من السلطات المختلفة ،رغم أن جرائم القدح والتشهير والذم تتعارض مع ثلاثة قوانين فلسطينية (النشر والمطبوعات، العقوبات، الجرائم الإلكترونية)، ومع انتشار هذه الممارسات لا نجد أحدا ينصح بعدم نشر هذه الأخبار أو المناشير.

وفي مداخلة هاتفية تحدثت مدير ملتقى اعلاميات الجنوب ليلى المدلل عن مبادرة الحوار والتسامح المجتمعي لدى طلبة الجامعة “حوار بلا عنف” الذي نتفذه بالشراكة مع بال ثينك، ذاكرة أن المبادرة جاءت استجابة إيجابية لارتفاع مستوى وحدة التراشق الاعلامي بين الفصائل الفلسطينية ما أدى إلى ارتفاع وتيرة العنف والتوتر في الحوار بين أفراد المجتمع بشكل عام والشباب بشكل خاص وعدم ادراك للمصلحة الوطنية التي تجمع الكل المختلف، مما يزيد من هموم الشباب ويرفع سقف معاناتهم.

وأشارت المدلل أن المبادة استهدفت طلبة كليات الإعلام في الجامعة كونها الفئة الأكثر احتياجا لتعزيز ثقافة اللاعنف ووقف التجاذب الاعلامي لأن هذه الفئة تبني نفسها وتطمح لحياة أفضل في ظل الاحباط واليأس نتيجة لكل افرازات المشكلة السياسية التي تعاني منها المنطقة، مضيفة أن سيطرة ثقافة التعصب الحزبي على الشباب تلزم مؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة على تبني وإطلاق مبادرات تعزز التسامح واللاعنف لدى الشباب.

وهنا أشار فتحي صباح إلى أن المعهد الفلسطنيني للاتصال والتنمية يعمل على اطلاق مبادرتين بالشراكة مع بال ثينك لتعزيز قيم الحوار البناء الهادف والهادئ كون الحوار أساسا لكل شيء، لأننا إذا ما جلسنا للحوار مع الآخر إذًا نحن قبلنا به وما يحمله من آراء، مشددا أن غياب الحوار هو ما أفرز كل ما نعاني منه في الساحة الفلسطينية الداخلية.

وأكد سلطان ناصر مرافقة الحملات الإلكترونية لأي مبادرة مجتمع مدني تحمل على عاتقها نقل المفاهيم التي يتحدث عنها أفراد المجتمع المدني والمفكرين وتعميمها على أفراد المجتمع عبر فضاء منصات التواصل الاجتماعي الواسع.

 

Comments are closed.