في ندوة عقدها بال ثينك للدراسات الإستراتيجية بعنوان”التمويل الدولي للفلسطينيين… دروس مستفادة”: على التمويل الدولي ان يخدم التنمية و الطموح السياسي للفلسطينيين
الثلاثاء 1 نوفمبر 2011 – غزة – نظم بال ثينك للدراسات الاستراتيجية ندوة بعنوان “التمويل الدولي للفلسطينيين… دروس مستفادة” حيث حضر الندوة عدد كبير من المثقفين والسياسيين والاقتصاديين الفلسطينيين، وممثلي مؤسسات المجتمع المدني وتأتي هذه الندوة ضمن مشروع “تعزيز الشراكة المجتمعية من أجل المصالحة الوطنية” الممول من الحكومة السويسرية.
افتتح الندوة أ.عمر شعبان، مؤسس ومدير بال ثينك للدراسات الإستراتيجية، حيث رحب بالحضور وثمن مشاركة ممثلي عن بعض المؤسسات الدولية والمحلية و الاتحاد الاوروبي و كذلك دائرة المؤسسات في حكومة غزة في الندوة. و أكد على اهمية فهم ومناقشة موضوع التمويل الدولي واهدافه وخاصة في الحالة الفلسطينية لكثرة الممولين وتعدد الاهداف والاجندات وشدد على ضرورة أن يكون التمويل الدولي ضمن إستراتيجية ورؤية محددة وواضحة.
في الجلسة الاولى قدم الدكتور عدنان أبو عامر، استاذ العلوم السياسية ورقته بعنوان “دلالات الدعم الإقليمي لقطاع غزة، تركيا وقطر نموذجاً” واوضح أن الدعم المالي والمساعدات الاقتصادية المقدمة إلى قطاع غزة من قبل الداعمين الإقليميين لاسيما قطر وتركيا، تحظى بنصيب وافر من مجمل المساعدات الدولية والعالمية، مبيناً أن ذلك يعني من جهة بأنه بوابة أساسية ومجدية في التخفيف من آثار الحصار الاسرائيلي، ومن جهة أخرى نافذة سياسية لهؤلاء الداعمين نحو بقعة جغرافية لها دلالات لا تجهلها عين صناع القرار في المنطقة.
وأكد على ضرورة فتح المجال لتنمية وزيادة هذه المساعدات على اختلاف مجالاتها وفي جميع الأصعدة، بما يحقق تنمية حقيقية في قطاع غزة، وتخفيفاً جاداً من تبعات الحصار، لافتاً إلى أهمية توجيه هذه المساعدات الإقليمية نحو مجالات ومرافق أخرى لم تشملها في السنوات السابقة، بحيث يتم توسيع رقعة المستفيدين منها، سكاناً كانوا أو بنى أو قطاعات.
وأكد الدكتور أبو عامر على أن الاقتصاد الفلسطيني في غزة كما نظيره في الضفة يعتمد إلى حد كبير على المساعدات الإقليمية والإسلامية، ما يتطلب البحث بجدية عن السبل للحد منها، ليس زهداً فيها، ولكن خشية الاتكال عليها كلياً وأضاف قائلا: “إذا أدركنا بصورة واضحة أن تلك المساعدات قد تشكل مقدمة للوقوع في فخ مقدميها، حتى ولو أعلنوا أنها غير مشروطة في غالب الأحيان، وخوفاً من عدم دخولها إلى قنوات تنموية حقيقية في الاستثمار في إطار الاقتصاد الفلسطيني، ما يستلزم من صناع القرار في غزة للعمل على تهيئة الظروف لعودة رؤوس الأموال المهاجرة، القدرة بنحو 60 مليار دولار لتوطينها في البلد الأم، وفتح استثمارات وطنية”.
وفي مداخلة للسيد علاء الغلاييني مدير مركز تطوير المؤسسات الاهلية في غزة تحدث حول المركز ونشأته وعمله في فلسطين واوضح ان مركز تطوير المؤسسات الاهلية هو مركز فلسطيني متخصص لايصال الدعم والتمويل للمؤسسات الاهلية في فلسطين وتحدث حول اهداف مركز تطوير المؤسسات الاهلية، واشار الى ان المركز يقدم خدمات كثيرة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس وذكر العديد من الامثلة حول هذه الخدمات واشار الى ان مؤسسته لاتدعم اي مشروع ولا تعطي اية منحة الا ان يكون لها اثر تنموي وانها لا تنفذ مشاريع اغاثية مباشرة.
وفي كلمة أ. أيمن عايش ممثل دائرة المؤسسات والجمعيات في وزارة الداخلية تحدث حول واقع المؤسسات الدولية في قطاع غزة قبل عام 2007 واشار الى ان هناك 20 مؤسسة مسجلة لدى وزارة الداخلية من اصل 70 مؤسسة مما يعنى ان هناك اكثر من ثلثي المؤسسات تعمل بدون تصريح وموافقة من وزارة الداخلية وأوضح أنه وبعد عام 2007 أغلقت بعض من المؤسسات أبوابها في قطاع غزة وفي عام 2009 شكلت الحرب على قطاع غزة فارق كبير حيث افتحت الكثير من المؤسسات ابوابها من جديد وفتح معها مؤسسات لم تكن تعمل من قبل، ولكن دون ان تسجل أو توثق أوضاعها، مما أوجد حالة من البلبلة والجدل لدى وزارة الداخلية.
واوضح ان الوزارة عملت على ضرورة توثيق اوضاع هذه المؤسسات العاملة في قطاع غزة على عدة مراحل وشدد على ان الوزارة كانت تتعامل بمرونة شديدة في هذه القضية وعقدت الكثير من اللقاءات والاجتماعات مع العديد من هذه المؤسسات واشار الى انه في نهاية يناير 2010 كانت وزارته قد انهت تسجيل هذه المؤسسات.
واضاف ان المرحلة الثانية كانت توثيق حالات هذه المؤسسات لان معظم هذه المؤسسات لا تقدم تقارير لوزارة الداخلية ولا يوجد لدى الوزارة اية معلومات عن هذه المؤسسات وبالتالى يجب ان يكون هناك متابعة لامور هذه المؤسسات وعملها وتم بالفعل الاتفاق على ان تقدم كل مؤسسة تقاريرها السنوية والمالية موضحا فيها ايراداتها ومصروفاتها بشكل تفصيلي وذلك تنفيذا للقانون وتعزيزا للشفافية في هذه المؤسسات.
واشار الى ان المرحلة الثالثة والتى واجهت الكثير من الاشكاليات هي مرحلة التدقيق حيث ان هذه التقارير والمعلومات يجب ان تنطبق على ارض الواقع واوضح إلى أنه ومنذ بداية عام 2011 يصل إلى الحكومة في غزة تقارير تبين الواردات والصادرات في تلك المؤسسات، ولكن عندما قامت الحكومة بخطوات التدقيق اصطدمت مع مجموعة من المؤسسات وعلى رأسهم المؤسسات الأميركية، مما جعل الحكومة تمهل تلك المؤسسات 3 شهور من أجل تسوية أوضاعها وأن تستوعب أنها ليست فوق النظام الفلسطيني.
واشار الى ان المؤسسات العربية والاسلامية كانت اكثر تفهما للموقف واكثر تقبلا ووضوحا وشفافية من المؤسسات الدولية واضاف قائلا “لا نعارض وجود مؤسسات دولية، ولكن يجب أن يتم تنظيمها بشكل يخدم الرؤية الوطنية وفق شفافية واضحة بعيداً عن توجيه التمويل لبرامج خاصة”.
وفي الجلسة الثانية قدم د. خالد شعبان الباحث في مركز التخطيط الفلسطيني ورقة بعنوان “التمويل الغربي للفلسطينيين، معطيات ونتائج”، شدد فيها على ضرورة أن يكون التمويل ضمن قضية إستراتيجية من اجل وجود تفاعل بين التمويل الخارجي وأيضا المحلي والعمل على إدماج المواطن العادي ضمن أنشطة المنظمات الأهلية، والسعي إلى تحقيق نوع من المأسسة في عمل المنظمات الأهلية، والعمل في هذه المنظمات يجب أن يكون حسب المصلحة الفلسطينية.
وتساءل الدكتور خالد شعبان: “لا يجوز أن يكون التمويل هدفاً في حد ذاته بغض الطرف عن المشاريع التي يتم تنفيذها، فهل ما يحدث في فلسطين تنمية أم قهر للتنمية”، مبيناً أن وجود مشاركة حكومية من اجل عدم توجيه التمويل الخارجي نحو مؤسسات بعينها بل يجب أن تستفيد منه معظم الجمعيات، وان يكون الانتشار الجغرافي فيه ملحوظاً، فلا يكون هناك تمييز بين الضفة الغربية وقطاع غزة، أو بين المدن والقرى، وشدد على ضرورة إفساح المجال أمام المنظمات الأهلية كي تلعب دوراً هاماً على صعيد التأثير بالسياسات العامة للسلطة الوطنية الفلسطينية، من أجل ضمان سياسات عادلة ومتوازنة ومنصفة ومحفزة لقطاع الأعمال الصغيرة.
واكد على ضرورة إلزام الممول الأجنبي بالتماشي مع السياسيات العامة للسلطة الفلسطينية حتى لا يتم غزو المجتمع الفلسطيني بأفكار غربية مخالفة للرؤية الوطنية الفلسطينية، واشار الى أهمية الرقابة من أجل الحفاظ على أموال المنظمات الأهلية من أجل التأكد من أن الأموال يتم إنفاقها على المشاريع والبرامج، والواضح أن المؤشرات تدل على أن المؤسسات التي تلقت الدعم المالي لم تخضع لآليات المساءلة والرقابة، والإشكالية وأنه بعد مرور كل هذه السنوات لم تتوفر دراسات حول الفساد في المنظمات الأهلية الفلسطينية.
وفي مداخلة للسيد جون جان راتر القائم باعمال ممثل الاتحاد الاوروبي لدى السلطة الوطنية الفلسطينية اشار الى ان الاتحاد الاوروبي يدعم الفلسطينيين في كثير من المجالات وهذا الدعم يشمل غزة والضفة الغربية ونوه الى قضيتين مهمتين حيث ان القضية الاولى هي ان قيمة مساهمة الاتحاد الاوروبي تصل سنويا الى مليون يورو رغم الازمة المالية في اوروبا والقضية الثانية ان الاتحاد الاوروبي يعمل بالشراكه مع السلطة الوطنية الفلسطينية ضمن سياسة الجوار بين اوروبا و دول البحر المتوسط حيث يتم التنسيق بين الطرفين لتقرير شكل و منهجية المساعدات المقدمة من الاتحاد الاوروبي للسلطة الوطنية الفلسطينية وبالتالي ’ لذا فإن أي مشروع يتم تمويله من الاتحاد الاوروبي فهو يتم بالتنسيق الكامل والمتكامل مع السلطة الوطنية الفلسطينية . وثمن ممثل الاتحاد الاوروبي دور قطر وتركيا في مساعدة الشعب الفلسطيني واشار الى ان قطر وتركيا تحمل الكثير من المسؤوليات لان الاتحاد الاوروبي لا يستطيع وحده تحمل هذه المسؤوليات .كذلك أكد ان قطاع غزة يقع ضمن أولويات الاتحاد الاوروبي حيث إستعرض السيد جون راتر مجالات المساعدة التي يتم تمويلها من الاتحاد الاوربي و هي تشمل دعم القطاع الخاص, سيادة القانون , البنية التحتية , التعليم , و الشباب على سبيل المثال لا الحصر .
وفي كلمة للسيد محسن ابو رمضان رئيس الهيئة الادارية في شبكة المنظمات الاهلية اكد على ان قضية التمويل مرتبطة بالظروف السياسية واشار الى تذبذب التمويل في حالة تذبذب العلاقات السياسية مما يؤكد ارتباط التمويل بالظروف السياسية واضاف الى ان التمويل الدولي لا يرتبط بأولويات واحتياجات المجتمع المحلي وذلك يرجع لعدة اسباب اهمها عدم وجود رؤية تنموية شاملة لهذه القضية والسبب الثاني ان هناك اجندة مفروضة دوليا لهذا التمويل.
واشار ابو رمضان في مداخلته الى تقرير بيسان 2009 الذي يشير الى ان التمويل لمؤسسات السلطة والمجتمع الفلسطيني تضاعف بحجم 200% مما ادى الى زيادة نصيب الفرد حيث اصبحت حصة الفرد اعلى من 7 بلدان في بلدان العالم الثالث ويشير التقرير الى ان هذا التضاعف ادى الى زيادة المديونية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة ولم يحقق التنمية والاستقرار .
التوصيات:
– ضرورة أن يكون التمويل الدولي ضمن إستراتيجية ورؤية محددة وواضحة.
– ضرورة أن يكون التمويل الدولي يخدم التنمية البشرية و الطموح السياسي للفلسطينيين.
– ضرورة وجود رؤية تنموية شاملة للتمويل الدولي.
– ضرورة فتح المجال لتنمية وزيادة المساعدات على اختلاف مجالاتها وفي جميع الأصعدة.
– أهمية الرقابة من أجل الحفاظ على أموال المنظمات الأهلية.
– ضرورة إلزام الممول الأجنبي بالتماشي مع السياسيات العامة للمجتمع الفلسطيني.
– الزام الممول بأولويات واحتياجات المجتمع المحلي.
– ضرورة وجود قوانين تنظم عمل المنظمات وتسهل وتساعد جهات التمويل.
اوراق عمل الندوة: http://palthink.org/?p=266