حماس و مصر .. بحاجة للدبلوماسية الشعبية
بقلم عمر شعبان
على خلفية التوتر التذي يشوب علاقات مصر بحماس بسبب الاتهامات التي نشرتها بعض الحصف المصرية و العربية حول مشاركة بعض عناصر من حماس في الهجوم الارهابي على الجنود المصريين في رفح يوم الخامس من أغسطس 2012 و الذي أدى إلى مقتل ستة عشر جنديا مصريا . كذلك بسبب الاخبار التي أشارت إلى ضبط شحنات كبيرة من قماش مخصص لبدلات عسكرية مشابهة لتلك التي يستعملها الجيش المصري كانت على وشك الدخول إلى غزة ، مما فسره بعض المحلليين المصريين على أنها قد تكون محاولة من حركة حماس لإختراق الحيش المصري متخفية بلباسهم العسكري . نفت حركة حماس بشكل قاطع أي علاقة لها بذلك الهجوم الارهابي.
تحكم علاقة حماس بمصر:-
دكتاتورية الجغرافيا
تسيطر حركة حماس على قطاع غزة منذ يونيو 2007. قطاع غزة المحاصر إسرائيليا منذ ذلك الوقت. لذا لم يبق سوى معبر رفح كمنفذ وحيد لتحركات قادة حماس و معظم سكان قطاع غزة . معبر رفح تحكمه إتفاقيات دولية تم الوصول إليها في 2005 . يستوجب هذا الاتفاق تواجد مراقبين دوليين في معبر رفح إضافة لموظفي السلطة الوطنية الفلسطينية. إنسحب المراقبون الدوليون من المعبر و كذلك قوات الرئيس محمود عباس على أثر سيطرة حركة حماس على قطاع غزة ، مما دفع مصر إلى إغلاق المعبر بشكل دائم مع فتحه إستثنائيا لأسباب إنسانية. منذ قيام الثورة المصرية في يناير 2011 شهد معبر رفح تسهيلات ملموسة حيث تضاعف عدد المسافرين من 60,000 سنويا في عام 2009 إلى نصف مليون مسافر عام 2012 . تطمح حركة حماس إلى فتح معبر رفح بشكل دائم و كامل ليس لدخول المسافرين فقط بل لدخول و خروج البضائع أيضا. مصر لا تسطع ذلك إلتزاما منها بالاتفاقات الدولية و تطبيقا لسياستها التي تعترف بالسلطة الفلسطينية فقط و لم تعترف رسميا بحكومة حماس بعد.
ديكتاتورية الايدولوجيا
رحبت حركة حماس بالربيع العربي لما حمله لها من أخبار سعيدة بالتخلص من الانظمة الموالية للغرب و المناهضة لحركات الاسلام السياسي الذي إنتقل من المعارضة إلى الحكم في تونس و مصر . رفعت حركة حماس من سقف توقعاتها من الحكام الجدد خاصة في مصر بعد الاطاحة بالنظام السابق الذي كان معاديا لها . دون أن تأخذ في الحسبان أن أعباء الحكم تختلف كثيرا عن مزايا المعارضة , فجماعة الإخوان المسلمين التي وصلت للحكم في مصر و تونس سعت جاهدة للموازنة بين رغبتها في مساندة إخوانها في حركات الاسلام السياسي و بين سعيها للحفاظ على علاقات متوازنة مع الغرب عامة و امريكا خاصة و من ورائها إسرائيل . كذلك فقدت حركة حماس حماس إمكانية مهاجمة النظام المصري الجديد كما كان الحال مع نظام مبارك . في نفس السياق فنظام الرئيس مرسي يتأرجح بين واجب مساندته لإخوانه في الايدولوجيا و بين واجبه في خلق علاقات متوازنة مع الجميع و سعيه الحثيث بأن يكون رئيسا للجميع . هذا يمكن أن يفسر صمت الرئاسة المصرية عن الادلاء برأيها حول الاتهامات الموجهة لحماس ، كذلك لم تفعل حركة الاخوان المسلمين التي لم تنف و لم تؤكد صحة الاتهامات الاخيرة . في حين أن أحد زعماء المعارضة المصرية السيد: حمدين صباحي , المرشح السابق للرئاسة قد أكد أن حماس بريئة من الهجوم على الجنود المصريين في سيناء ، يبدو أن القوى الليبرالية في مصر قد أنصفت حماس اكثر مما فعل حلفائها. مصر بحاجة إلى علاقات جيدة مع حماس لمواصلة دورها كوسيط لحل الخلاف الفلسطيني و بما يؤكد زعامتها كدولة عربية مركزية . كذلك لا يمكن لحماس أن تتحمل ترف الخلاف مع مصر , فهي الدولة التي تجاور غزة ، لذا فهي الطريق الوحيد أمام عناصر حماس و قيادييها نحو العالم ، مصر هي الوسيط بين حماس و إسرائيل في وقف إطلاق النار , تتدخل مصر كثيرا لمنع أي تصعيد إسرائيلي ضد حماس و قطاع غزة , مصر تسمح بعمل الانفاق تحت الحدود و هي المصدر الاساسي لدخول المواد الخام و البضائع لقطاع غزة , كذلك مصر هي المكان الاكثر مناسبة كي تجتمع قيادتها من كل أنحاء العالم خاصة بعد تعذر الساحة السوربة بسبب الحرب الاهلية . حماس لا تستطع إظهار خلافها مع مصر التي يحكمها الاخوان المسلمون . النظام المصري الجديد يتوقع من حماس المساعدة و التعاون و ليس خلق مشاكل أخرى تضاف إلى قائمة مشاكله الداخلية .
في الندوة التي نظمها بال ثينك للدراسات الاستراتيجية نهاية مارس الماضي في غزة والتي إستضاف فيها القيادي في حركة حماس السيد محمود الزهار و سفير مصر لدى السلطة الوطنية الفلسطينية السيد ياسر عثمان متحدثا عبر الفيديو كونفرنس من رام الله، بدا واضحا حرص الطرفان على وقف التدهور في علاقتهما إدراكا لحاجة كل منهما للآخر مع إختلاف الدرجة و الاسباب و الاهداف .
موقف مصر
لخص السيد ياسر عثمان موقف مصر فيما يلي :
• مصر تعمل بشكل عام على استعادة الحقوق الفلسطينية ووقف العدوان الإسرائيلى وفك حصار قطاع غزة إضافة إلى جهود تطبيق المصالحة الفلسطينية.
• قطاع غزة جبهة متقدمة تساند الأمن القومى المصرى ويجب المحافظة عليه و قد قدمت مصر الكثير من أجل القضية الفلسطينية مستشهدا بالقول : ما زلنا نكتشف جثامين لشهداء جنود مصريين فى غزة والضفة استشهدوا فى حروب عديدة دفاعا عن فلسطين، ومؤخرا تم اكتشاف جثامين لشهداء فى بيت لحم ورام الله”.
• أن التحقيقات في حادث رفح الإرهابي مازالت مستمرة، وأن الجهات المسؤولة ستعلن النتائج التي يتم التوصل إليها.
موقف حماس
لخص السيد محمود الزهار موقف حماس كما يلي:-
• تنفي حماس بشكل قطعي اي تدخلات فى الشأن المصرى الداخلى مؤكدا أن الحملة الإعلامية التى تشنها بعض وسائل الإعلام المصرية موجهة ضد حركته بشكل مباشر، وأن بعضا من هذه الوسائل يعمل بشكل غير مهنى وأسيرة ديكتاتورية سابقة. وقال الزهار إن هذه الحملة حقيقية ولا يستطيع أحد أن ينكرها، ونرصد كل يوم خبر أو خبرين كاذبين عن حماس، وأشار إلى وثيقة تتداولها وسائل إعلام حماس تتهم مخابرات رام الله بمد فضائيات مصرية بمعلومات، قال الزهار إن الوثيقة صحيحة، والدليل أنه تم تشكيل لجنة لمعرفة كيفية تسربها
• بشأن المصالحة قال الزهار أن أمريكا لا تريدها وإسرائيل أيضا والرئيس محمود عباس لا يستطيع مغادرة الموقفين.. مشددا على أن حركته تريد تطبيق المصالحة كما ورد فى إتفاق القاهرة .
• فيما يتعلق بتجارة الانفاق ، حماس ليست سعيدة بها وهى مملوكة لأفراد ولا يتبع أى منهم لحماس ، مؤكدا أن هنالك سيطرة أمنية دقيقة عليها.
• ترفض حماس القول أن إسرائيل مسئولة عن قطاع غزة باعتبارها تحاصره، محملا إسرائيل مسئولية قتل وتدمير قطاع غزة. مضيفا أن أمن سيناء جزء من أمن غزة داعيا كافة القوى السياسية بمصر إلى دعم برنامج المقاومة بالقطاع.
على الرغم من المحاولات الجادة للجهات الرسمية لتأكيد عمق العلاقة و حرصهما الشديد على المحافظة عليه، فهما بحاجة إلى تغعيل المجهودات الشعبية غير الرسمية ، فالمشكلة تطحن الجميع دون ذنب و دون أن يشركوا في وضع الحلول
http://www.al-monitor.com/pulse/ar/contents/articles/opinion/2013/04/hamas-egypt-reconcile-differences.html