الاخوة في حماس و الجهاد الاسلامي : الشراكة في التضحية تتطلب شراكة في القرار
بقلم: عمر شعبان
في لقاء خاص نظمته حركتي حماس و الجهاد الاسلامي بغزة بعيد توقيع إتفاق التهدئة في ديسمبر 2012 بغزة و بحضور العديد من قيادات الحركتين مثل الاخوة خالد البطش و خليل الحية و غيرهما ، هدف اللقاء إلى إطلاعنا على شروط وقف إطلاق النار . لخصت موقفي في ذلك كما يلي : رغم أن كل قطاع غزة كان عرضة للعدوان الاسرائيلي ، فإن حركتي حماس و الجهاد الاسلامي قد قصرتا مفاوضات وقف إطلاق النار و شروط التهدئة في القاهرة بوساطة الرئيس المعزول محمد مرسي عليهما فقط و دون أي مشاركة من المجتمع الفلسطيني سواء في وقف إطلاق النار أو فيما يتعلق بشروط التهدئة. و حيث أن القضايا المطروحة للمفاوضات في هذا المجال هي قضايا ذات طبيعة متشابكة حيث يتداخل فيها السياسي الاقليمي والدولي و القانوني و الاقتصادي و اللغوي ، فإن التعاطي العلمي معها يستوجب رؤى علمية و قانونية و إقتصادية و صياغات لغوية هامة و لا يكفي الفهم السياسي لوحده في مثل تلك المفاوضات . من هذه القضايا 1) المركز القانوني لقطاع غزة و الذي مازال يعتبره القانون الدولي “أراضي محتلة” رغم الانسحاب الاسرائيلي الجزئي منها 2005. حيث تلزم إتفاقيات جنيف بموجب ذلك القوة المحتلة و هي إسرائيل برعاية و حماية السكان الواقعين تحت إحتلالها و هم فلسطيني قطاع غزة كذلك قضية معبر رفح و إتفاق 2005 و موقف الاطرف المتعدد منه , المنطقة العازلة و منطقة الصيد المسموح بها و المعابر مع إسرائيل و الضفة الغربية و ضمان حرية حركة البضائع و الاشخاص بين غزة و الضفة الغربية كما نص عليه إتفاق باريس الاقتصادي عام 1994 .
و نظرا لأهمية المفاوضات و كعادتها فقد أحضرت إسرائيل إلى تلك المفاوضات وفدا مكونا من 26 خبيرا متخصصا في مجالات متعددة منها : أمن و إقتصاد و بيئة و علم نفس و متخصصين في اللغة العربية و القانون الدولي ، في حين لم يكن الوفد الفلسطيني المفاوض بنفس العدد أو الخبرة ومن أعضاء الحركتين فقط حيث لم يتم الاستعانة بخبراء فلسطينيين رغم التعقيد الشديد لتلك القضايا . و قد ختمت مداخلتي باالقول : إن أحد الجوانب الاستراتيجية التي يتوجب أخذها في الاعتبار هي : كيفية منع أي إتفاق تهدئة جديد أن لا يكون إتفاقا نهائيا بحيث يلزم الفلسطينيون إلى ما لانهاية ؟ و كيفية تجنيب أي إتفاق جديد أن ينتقص من الاتفاقات السابقة وهي أصلا إتفاقات قاصرة و منقوصة ؟ . لاقت هذه المداخلة قبولا من قيادات الحركتين دون أن نعرف إننا سنواجه بعد أقل من عامين حربا أخرى و مفاضات ثانية .
أعتذر عن ذكر المداخلة بنوع من التفصيل لكنها تناسب المرحلة ، حيث يتعرض قطاع غزة للعدوان مرة ثالثة في سبع سنوات و تجري الان مفاوضات لوقف إطلاق النار قد ينتج عنها إتفاق هدنة جديد لا نعرف كيف ستكون شروطه ! إن حالة الاستقطاب الشديد في الاقليم و التي يدفع فلسطينو قطاع غزة تكلفتها من دم أبنائهم و من ممتلكاتهم و مستقبلهم تتطلب أكثر من ذي قبل إشراك خبراء فلسطينيين خاصة من خارج الوطن من المتخصصين في القانون الدولي و السياسة الدولية و المطلعين على الاتفاقيات السابقة مع إسرائيل و المطلعين بشكل واسع على دهاليز السياسية الغربية عامة و الامريكية خاصة . حيث سيعمل ذلك في حال تطبيقه على ضمان تحقيق شروط أفضل للجانب الفلسطيني والحد من تأثير حالة التوتر بين حماس و مصر و حالة الاستقطاب في الاقليم على سير المفاوضات ، و الاهم من ذلك فإن مثل هذه المشاركة ستعطي دليلا قويا على أن المجتمع الفلسطيني برمته قد ساهم في صياغته مما سيشكل حصانة مجتمعية له و سيقلل من مسؤلية حماس و الجهاد في حال فشل ذلك الاتفاق .
مع قناعتي أن قيادات الحركتين و بالتنسيق من الرئاسة الفلسطينية تعملان بإخلاص لتحقيق وقفا مشرفا لإطلاق النار و أن شروطهم لوقف إطلاق النار هي شروط تمس طموحات و آمال فلسطيني قطاع غزة و الفلسطينيون جميعا ، فإنني أدعو قيادات الحركتين أن يعملا بكل الطرق و الوسائل ، رغم صعوبة الوضع على التواصل مع شرائح المجتمع الفلسطيني في الداخل و الشتات من شباب و نساء و خبراء في شتى المجالات للإستفادة من آرائهم ، ,وإن كان يصعب مشاركتهم الفعلية و العمل بشتى الوسائل لإستنباط رأي الشارع خاصة في قطاع غزة حول التهدئة و شروطها. إن فلسطينوا قطاع غزة و هم يعيشون هذه الحرب بقسوتها التي تفوق الوصف و التحمل و هم يشاهدون بأم أعينهم عائلاتهم و هي تقتل و بيوتهم و هي تدمر ، و عشرات آلاف المواطنين الذي تركوا بيوتهم في منتصف الليل و في ظل إنقطاع الكهرباء لهم كل الحق في إبداء آرائهم . إن أحد أهم أسباب الانجاز الذي تحققه المقاومة هو إلتفاف الناس حولها و إستعدادهم للتضحية بالغالي و الرخيص من أجل الخلاص من الحصار الذي كان يقتلهم بصمت و ببطء. الشراكة في التضحية تستوجب الشراكة في القرار.