جلسة عرض ومناقشة تقرير “العلاقة بين الفلسطينيين على جانبي الخط الاخضر”
غزة – ضمن رؤيته وفلسفة عمله، كمركز تفاكر فلسطيني مستقل التي تركز على تفعيل النقاش حول القضايا الاستراتيجية، نظم مركز بال ثينك للدراسات الاستراتيجية هذا الاسبوع جلسة لعرض ونقاش: “التقرير الاستراتيجي لمجموعة التفكير الاستراتيجي بالتعاون مع مجموعة فلسطين للتفكير الاستراتيجي والمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار” حول “العلاقة بين الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر”. وذلك بمشاركة فاعلة من غزة ومن حيفا عبر السكايب. و بحضور لفيف من قطاع غزة .
إفتتح الجلسة أ. عمر شعبان مدير بال ثينك للدراسات الاستراتيجية بالتأكيد على ضرورة مواصلة النقاش الفكري حول القضايا الوطنية الاستراتيجية وعدم الانشغال فقط بتفاصيل المعاناة اليومية رغم أهميتها وإلحاحيتها العالية. وبحث آفاق النهوض بالحالة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده. منوها أن الشعب الفلسطيني يشكل جماعة سياسية تجمعها أهداف وطنية مشتركة رغم إختلاف السياقات الاجتماعية والسياسية التي تعيش فيها التجمعات المتعددة للشعب الفلسطيني.
تحدث الضيف الأول عبر السكايب من حيفا د. مهند مصطفى المحاضر في جامعة حيفا وأحد المشاركين في اعداد التقرير الاستراتيجي، حيث أوضح د. مهند مصطفى أن هدف التقرير البحث عن العلاقة بين الفلسطينيين والتعاون والشراكة بينهم سياسيا وثقافيا واجتماعيا، ومحاولة مأسسة هذه العلاقة والمصالح لتصبح متكاملة. وشدد د. مصطفى أن الوطن الفلسطيني يجمع كل الفلسطينيين رغم وجود مشاريع سياسية مختلفة منها مشروع فلسطيني الداخل، ومشروع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، ومشروع فلسطيني الشتات، هذه المشاريع مطلوب أن تتكامل ضمن رؤية فلسطينية اوسع تتمسك بالهوية الفلسطينية الجمعية، باعتبار الوطن الفلسطيني مركز حضاري جامع، مع تحقيق كل مشروع أهدافه ومصالح المجموعة التي يعبر عنها بما يحفظ وحدة المصير ودون احداث تناقض سياسي بين المجموعات الفلسطينية، والمراكمة على ما هو موجود من تواصل اقتصادي واجتماعي وثقافي وتطويره والمراكمة على الوضع القائم. وقدم د. مصطفى ثلاث خيارات يطرحها التقرير لمعالجة الوضع القائم والعمل على انجاز الأهداف المشتركة لكل الفلسطينيين:
- انضواء فلسطينيو الداخل تحت اطار منظمة التحرير الفلسطينية كممثل للشعب الفلسطيني، باعتبارهم جزء من القضية الفلسطينية.
- الذهاب جماعيا باتجاه مؤتمر فلسطيني يمثل كل الفلسطينيين في كل العالم من أجل تحسين اداء الشعب الفلسطيني، وتعزيز الهوية والانتماء الفلسطيني ووحدة الشعب الفلسطيني، ومأسسة تكامل المصالح الفلسطينية والحد من التباين بينها ضمن مشروع سياسي فلسطيني واسع، دون أن يتحول لجسم تنفيذي أو تجمع أيدلوجي، ودون تجاوز لمنظمة التحرير الفلسطينية.
- بقاء الوضع كما هو عليه حاليا وتعزيز روابط الشراكة والهوية وتلافي التباين بين المشاريع الثلاثة.
وأدار د. مخيمر أبو سعدة الجلسة الثانية، التي قدم فيها المعقبون من غزة مشاركاتهم حول التقرير الاستراتيجي، وهم د. غازي حمد و د. عماد أبو رحمة، أ. تيسير محيسن، أ. توفيق أبو شومر.
وأشار د. أبو سعدة إلى أن كل مجموعة فلسطينية لها طموحها، على الأراضي المحتلة عام 67، حيث يسعون لدولة مستقلة، فيما يطالب فلسطينيون الداخل بحقوق المواطنة والمساواة الكاملة والاعتراف بهم كجماعة قومية لها هوية سياسية داخل اسرائيل، فيما يعتبر حلم فلسطينيو الشتات هو تحقيق حق العودة. ورأى أبو سعدة أن انضمام فلسطينيو الداخل لمنظمة التحرير بوضعها الحالي وتركيبتها الحالية غير ذي جدوى، فيما جزء من الفلسطينيين في الضفة وغزة ليسوا ممثلين في المنظمة من حركتي حماس والجهاد الاسلامي، معتبرا أن سيناريو مؤتمر جامع لكل الفلسطينيين مقترح فضفاض بحاجة لمزيد من التوضيح لألياته وعمله.
وفي مداخلة د. غازي حمد قال أن الموضوع حيوي جدا ومغيب بسبب حالة الانحدار وفقدان بوصلة المشروع الوطني، في ظل حالة التقزيم لكل القضايا، معتبرا أن طرح قضية وحدة الشعب الفلسطيني ومصيره بحاجة لإحياء من جديد وكسر جمود الواقع ولمنع تغييب جسم فلسطيني يسعى للتكامل، والحد من عمل اسرائيل على استغلال هذا الواقع الذي درسته جديدا وعملت على فصل مكوناته وتناقض طموحاتهم على مدار 50 عاما. وعبر د. حمد عن مشكلة تطرحها الورقة في انها جعلت اسرائيل المحور الثابت للحل مع المكونات الفلسطينية الثلاثة، فيما طرحت أن الوجود الفلسطيني هو المتغير، الذي تبحث مكوناته عن فرص حل مع اسرائيل بشكل منفرد، لتحقيق تطلعات سياسية او اجتماعية . أكد د. حمد أن اسرائيل غير قابلة للتعاطي مع الحقوق الفلسطينية المنفصلة أو الجماعية، بحكم تجربة ثابتة للجميع، في حين أن المشروع الصهيوني واضح الملامح، فالمشروع الفلسطيني غير واضح وبدون استراتيجية وطنية لمواجهة الاحتلال، مع مخاطر تفاقم حالة الانقسام داخل الصف الواحد لكل مكون، مطالبا بالعمل على تصميم مشروع وطني فلسطيني واضح لكل الفلسطينيين، يحقق طموح الجميع، والعمل على الاستفادة من اوراق القوة الفلسطينية من شعب لديه قدرات كبيرة على العمل والتضحية، دون تجزئة الحلول وعدم البناء على الواقع الذي خلقه الاحتلال، وبناء برنامج سياسي كامل وتحديد ألياته.
بدوره عرض أ. تيسير محيسن رؤيته القائمة على أهمية المراجعة النقدية وإعمال العقل أمام التحولات الكبرى في الاستراتيجيات وفهم التغييرات في الاقليم واسرائيل والوضع الفلسطيني الداخلي غير المفهوم بسبب حالة الانفعال وطغيان الشعارات، وايجاد مساحة لتفكير فلسطيني يقلل الخسارة أمام تحول مشروع التسوية الى مشروع التصفية، وخطوات الاجهاز على القضية الفلسطينية، وكبح القدرات الفلسطينية. واوضح الباحث تيسير محيسن أن جدل الوحدة والتفكك مفهوم لدى الفلسطينيين لإقامة وجودهم في مواجهة المستعمر الذي يعمل على تفكيك المجتمع الفلسطيني، رغم عجز التقرير عن تفسير الواقع مع استخدامه تسميات دقيقة، في ظل تعرض الشتات للنفي الدائم، ومواجهة مشروع الوحدة على الأرض الفلسطينية للشرذمة التي قد تؤدي لشتات جديد، أو جمع الفلسطينيين في معازل ضيقة ومنفصلة. وقال محيسن في تعقيبه على التقرير أن الاخطر هو الفصل بين الوطن والدولة، وفصل الوطني عن السياسي، ومحاولة طرح القضية في مسارات انسانية لكل مجموعة فلسطينية بعيدا عن بعدها وجوهرها لالسياسي، ونزع الطابع السياسي عن الوجود الفلسطيني بما يخدم مشروع التصفية. واعتبر أن أهم وأقوى أوراق الفلسطينيين تتمثل في لوجود الفلسطيني على أرضه باعتباره أساس أي عمل سياسي، مما يتطلب مواجهة الترحيل الجماعي، لمنع تحقيق يهودية الدولة. وشدد محيسن على ان القرار السياسي يجب ان يكون في يد الفلسطينيين بعيدا عن احتضان الخارج ومحاوره، مع ضرورة عدم ايجاد تبريرات للاحتلال وكشف دوره العنصري وأزمته مع الخيارات الاسرائيلية داخل المجتمع الاسرائيلي، مع اعادة الاعتبار لروح المواجهة والتحدي واستعادة دور المؤسسات الفلسطينية وأبرزها منظمة التحرير والمجلس الوطني.
من جهته تحدث د. عماد أبو رحمة عن قيمة التقرير الاستراتيجية في اطار معالجته للوضع الفلسطيني برمته رغم تجزئة الواقع الفلسطيني وتراجع الهوية ومحاولات الفصل بين السياسي والوطني، والفصل بين الثقافي والوطني، رغم أن التقرير يرجح سيناريو المؤتمر كاطار جماعي وطني وليس السياسي. واعتبر أن فصل الوطني عن الدولة يصح نظريا وغير واقعي عمليا، خاصة وان هذه الفصل يعالج قلق الواقع لدى معدي التقرير بعيدا عن منهجية واضحة، حيث الوطن لم يعد مكان المنشأ فقط بل أصبح كيان سياسي تمثيلي لجماعة لها طموح وارادة مشتركة.
من جانبه قال الكاتب توفيق ابو شومر المختص بالشؤون الاسرائيلية ان الحلم الفلسطيني يتسع للعديد من القضايا الكبرى لذا يتطلب معرفة نقاط القوة ومعالجة القضايا الوطنية في اطار منظمة التحرير الفلسطينية. واشار الى المعيقات والمصاعب التي تعترض طريق الوحدة الفلسطينية والتيارات العالمية التي تؤثر على القضية الفلسطينية وتساهم في تطبيق المؤامرة الاسرائيلية وكل هذا يستدعي العمل الجاد لاستعادة الوحدة الوطنية والتركيز على القضايا التي تمس الشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده. وشدد الحضور على اهمية الاستفادة من قوة الموقف الفلسطيني والقرار الوطني المستقل لمواجهة كافة التحديات التي تعترض القضية الفلسطينية وتعزيز الوجود الفلسطيني والهوية الفلسطينية الجمعية والحفاظ على المشروع الوطني الشامل .
وقد تعددت أراء الحضور ونقاشهم مع المتحدثين حول مدى اسهام التقرير في عرض التحديات التي تواجه الوجود الفلسطيني وارتباط مصالحه وأهدافه، ومعالجة التراجع من خلال وضع أليات تعزيز الهوية والمصير المشترك، وعبر البعض عن خشيتهم من استمرار تدهور الواقع الفلسطيني وتراجع دور المؤسسات الفلسطينية الممثلة للتجمعات الفلسطينية، واشتداد حالة الاستقطاب بين تلك المشاريع واحداث تناقض فلسطيني بدلا من التناقض مع الاحتلال.