تنظيم جلسة حول النيوليبرالية واثرها على السياسات الاسرائيلية
ناقش عدد من الكتاب والمحللين والمختصين بالشأن الإسرائيلي بقطاع غزة ورقة موقف حول “النيوليبرالية وصعود قوى جديدة في إسرائيل وأثرها على السياسات الإسرائيلية داخلياً وخارجياً”، للباحث خالد عنبتاوي المتخصص في الشؤون الاسرائيلية، والذي تم استضافته عبر السكايب من مدينة حيفا، لعرض ومناقشة ما طرحته الورقة، وقدم الدكتور وجيه ابو ظريفة أستاذ العلوم السياسية والكاتب والمحلل السياسي تعقيباً على ما جاء بها، بهدف اثرائها ووضع الملاحظات علي أبرز ما تناولته الورقة.
وافتتح الجلسة عمر شعبان مدير مؤسسة “بال ثينك” للدراسات الاستراتيجية مرحبا بالحضور والمشاركين، وقال شعبان: “إن مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية تسعى الى تسليط الضوء على القضايا التي تهم الشأن الفلسطيني والاقليم ، سعيا منها الى اثراء النقاش والحوار الفلسطيني المعمق بما يساعد في بناء إستراتيجية لائمة مع التحديات المحلية والاقليمية. حيث أشاد عمر شعبان بالورقة البحثية التي تهدف الى دراسة الأبعاد الاقتصادية والطبقية في اسرائيل وتأثير ذلك على القضية الفلسطينية خاصة في ظل ظهور اليمين الجديد المرتبط بالتكتلات الاقتصادية المؤثرة في إسرائيل وتأثير ذلك على الجانب السياسي في اسرائيل.
وقدم الباحث عنبتاوي خلفية عن صعود الاقتصاد النيوليبرالي في العالم والتي بدأت في سنوات السبعينات والذي أصبح يؤثر على اقتصاد السوق وحريته و بروز سياسات الخصخصة والعديد من المظاهر وتغير شكل التمثيل السياسي والثقافي، وركز على أن صعود النيوليبرالية في اسرائيل جاء جراء التغيرات العالمية. وشكلت هذه الخطوة اعلانا لمنعطف كبير في نمط الاقتصاد الاسرائيلي عنوانه سقوط نمط دولة إقتصاد الرفاه والتحول الى نمط الاقتصاد الليبرالي الجديد بهدف تحرير السياسة من ضغط النقابات ومنظمات العمل. وتطرق الباحث الى العلاقة البنيوية بين الاحتلال والنيوليبرالية والعلاقة الجدلية القائمة بين مثلث النيوليبرالية، الخصخصة، والاحتلال، حيث شكل مشروع الاستيطان في هذا المثلث اداة تعويض للطبقات الاقتصادية الضعيفة المتضررة من مشروع الخصخصة والنظام الاقتصادي النيوليبرالي، مشيرا الى تحولات داخل الصهيونية الدينية وتشكيل طبقة من قيادة المستوطنين ترهن مصلحتها الطبقية بالنظام النيوليبرالي. وقال، ان تحول المستوطنات الى اداة تعويضية عن سقوط دولة الرفاة اليهودية ادى الى المغريات الاسرائيلية، التي تقدمها حكومة اسرائيل لجمهور المستوطنين وحجم الامتيازات الحكومية المقدمة لسكان المستوطنات ويزيد عن الامتيازات والخدمات الاجتماعية لسكان اسرائيل.
واشار الى ظاهرة تحول المستوطنين وقيادتهم الى مركب عضوي في الاقتصاد الاسرائيلي النيوليبرالي ويتوافق هذا بتحويل الاحتلال ومشروع الاستيطان الى اداة طوعية بيد الدولة لتعويض الطبقات والشرائح الضعيفة إقتصادياً ولذا فان هذه الطبقات باتت ترى مصلحة طبقية اجتماعية لها في استمرار الاحتلال ومشروع الاستيطان،حيث يضمن حكم اليمين استمرار فوقية العامل اليهودي ولجم استخدام العمال الفلسطينيين من خلال خنق البلديات الفلسطينية حصارها وبهذا ينتج مشروع الاستيطان والاحتلال.
اما فيما يتعلق بعلاقة النيوليبرالية باليمين الجديد وتبلور قطاعات ضغط سياسية جديدة، فقال الباحث عنبتاوي، انه يمكن الاشارة مثلا إلى حركة شاس وانزياحها المستمر نحو الصهيونية واليمين الصهيوني كمثال للعلاقة الجدلية بين النمط الاقتصادي المهيمن والتوجه السياسي مشيرا الى علاقة بعض المنظمات الاسرائيلية مثل جمعية عطيروت كوهائيم والعاد ويشرئيل شيل وحركة امترنسو وغيرها مع حزب الليكود وتحويل المشاريع والموازنات المرافقة للاستيطان.
واستعرض ثنائية الاستقرار الامني الذي يؤدي الى الاستقرار السياسي وعلاقة كبار رؤوس الاموال في الحكم وتمويل الحملات الانتخابية والجمعيات اليمينية والسيطرة على الاعلام وتوجيهه نحو اليمين، مؤكدا أن مشروع الاستيطان شكل للحكومات الاسرائيلية بدون استثناء مركب مركزي وعضوي في النظام النيوليبرالي.
واكد د. وجيه ابو ظريفة على اهيمة موضوع “النيوليبرالية واثرها على السياسات الاسرائيلية” وشكر أ. خالد عنبتاوي على اعداده وطرحه المميز للورقة. ونوه الى ان وصول اليمين الاسرائيلي للحكم لم يجعل الطرف الاسرائيلي شريكاً في التسوية، خاصة في ظل الجهود الاسرائيلية في تطوير الاستيطان والهيمنة على المزيد من الاراضي، فخيار التسوية يقوم على الأرض مقابل السلام، وبالتالي لم يعد هناك اي امكانية للسلام خاصة ان اليمين الاسرائيلي حسم الصراع على ان يستمر الى الابد دون افق للحل في ظل عدم تخليه عن الاستيطان والمستوطنات.
وأكد المشاركون في مداخلاتهم على أهمية الورقة وما عرضته من تحليل حول موضوع النيوليبرالية واثرها على السياسات الاسرائيلية، واكد الجميع ان تعميق النيوليبرالية والخصخصة أخذ الاقتصاد الإسرائيلي يتجه أكثر نحو احتكار أهم القطاعات الاقتصادية من قبل طبقة رؤوس الأموال، وهذه الطبقة من مصلحتها استمرار حكم اليمين، وبالتالي زيادة الاستيطان وفشل حل التسوية.
يذكر أن هذه الجلسة تأتي ضمن مشروع “بناء القدرات الاستراتيجية للمؤسسات الرسمية والأهلية في فلسطين”، التي تنظمه مؤسسة “بال ثينك” للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار”، ومجموعة فلسطين للتفكير الاستراتيجي ومجموعة اكسفورد للأبحاث وبدعم من الاتحاد الأوروبي.