النزاعات و الاقتتال وتحقيق السلم و المصالحة في العالم
بقلم عمر شعبان
لم تخلو حقبة زمنية من تاريخ البشرية أو منطقة في العالم من نشوب نزاعات دموية سواء أخذت نمط الإقتتال الداخلي أو نزاعات عابرة للحدود.
في عصرنا الحديث فقط و على سبيل المثال: من الحروب العالمية الاولى و الثانية مرورا بــ كمبوديا و فيتنام و الكونغو و اثيوبيا و نيكاراجوا و السودان و الصحراء الغربية و كرواتيا و صربيا و البوسنة و العراق و ايران و لبنان و إسبانيا و ايرلندا و جنوب إفريقيا و كينيا و رواندا و فلسطين و غيرها مئات من الاقتتالات الداخلية و الحروب البينية.
مما خلق الحاجة لتخصصات في دراسات الحروب و السلام و متخصصون و وسطاء من أجل حل النزاعات و تحقيق السلام.
عادة ما تستحوذ الحرب على عناوين الاخبار في حين لا تستحوذ اتفاقيات المصالحة و السلام على ذات القدر من الاهتمام. يبقى في الخفاء أسماء و جهود جنود مجهولين ساهموا في وقف الحرب و هم الوسطاء ,peace mediators.
قبل بضعة أسابيع شاركت في برنامج متخصص ” دبلوم ” حول تأهيل وسطاء لحل النزاعات بدعم من الحكومة السويسرية و بمشاركة فاعلة من مناطق الصراع الصومال و كولومبيا و كينيا و سوريا و اثيوبيا و اندونيسيا و غيرها.
أحد المحاضرين و المشرفين المرموقين في البرنامج كان السيد: جولن هاتغر، هو سويسري يتم إنتدابه من وقت لآخر للعمل في مناطق الصراع في العالم من أجل تحقيق المصالحة و السلام.
شارك السيد هاتغر في صياغة اتفاق الطائف بخصوص لبنان و في اتفاقيات المصالحة في كولومبيا و في اندونيسيا و الحرب الاهلية في كينيا و أوغندا و جنوب السودان وغيرها من مناطق الصراع و الاقتتال حول العالم. السيد هوتنغر عبارة عن مخزون ثري لا ينضب عن التجارب و الدروس و النصائح في هذا المجال.
بعض الصراعات تستهلك سنوات من العمل الدائم لوقفها، في حين ينجح الوسطاء في تحقيق قف إطلاق النار و تحقيق السلام في مناطق أخرى خلال بضعة أسابيع.
بعض الاتفاقات لا تعمر طويلا فسرعان ما ينشب الاقتتال مرة ثانية و عاشرة كما الحال في دولة جنوب السودان.
نجاح وقف الاقتتال و تحقيق المصالحة يتوقف على الارادة السياسية لأطراف النزاع وحجم الدعم الذي توفره القوى الاقليمية إضافة لمستوى عملية الوساطة ومدى تطبيقها لمبادئ و أسس عملية الوساطة و مدى تفاعل و تفعيل قوى المجتمع ذاته.
يمنع على الوسطاء البوح كتابة أو شفاهية عن تدخلاتهم .
كذلك يمنع دعوتهم للشهادة في محكمة الجنايات الدولية على الرغم من اطلاعهم على الكثير من الاسرار و الوثائق ذات العلاقة.
قد يتطلب عمل الوسطاء مصافحة و مجالسة مجرمي حرب مثل جوزيف كوني، قائد جيش الرب في أوغندا الذي تسبب في ترويع و نزوح مليوني شخص من مناطقهم.
جوزيف كوني متهم بقتل عشرة آلاف شخص وخطف واسترقاق أكثر من 24 ألف طفل.
عادة ما يتقاعد الوسطاء بعد عمل 10-15عاماً فقط لعدم القدرة على المواصلة مع الاصابة المؤكدة بارتفاعي الضغط و السكر، كحد أدني نتيجة لما يسمعونه و يرونه من أهوال و إجرام بشري.