الكورونا و احداث 11 سبتمبر: فيروس الكورونا يعيد صياغة التحالفات و سلم الاولويات الدولية
بقلم: عمر شعبان
بعض الاحداث الكبرى، كالحربين العالميتين الاولى و الثانية و اتفاق سايكس-بيكو و تفكك الاتحاد السوفيتي و العديد من الاحداث من حروب و اتفاقيات سلامة بين الدول و الاحلاف كان لها تأثير جوهري في صياغة العلاقات الدولية و سلم الاولويات .
صرح رئيس الخطوط الجوية البريطانية تعليقا على ما يعيشه العالم الان مع فيروس الكورونا، أن العالم يعيش مرحلة ما بعد 11 سبتمبر 2001, حيث اضطر العالم بعد تلك الاحداث إلى تطبيق منظومة أمنية جديدة في السفر و التنقل و التفتيش و تحويل الاموال و تطوير تكنولوجيات فحص العين و الارشفة و عززت التعاون بين الحكومات لمواجهة الارهاب. تقلصت على إثرها مساحة الحرية الفردية لمصلحة الامن. و أعطت الدول و الاجهزة الامنية صلاحيات كبيرة لمراقبة الافراد و الأموال. من الدروس و التداعيات التي يمكن استخلاصها مبدئيا حيث أن الازمة لم تنته بعد:-
- تعاظم قوة و أهمية العلم و التعليم و التطور في مواجهة الصراع حول قضايا و إشكاليات إيدولوجية غير ذات أهمية. تعظيم لدور العقل و البحث و الاجتهاد في مواجهة الخرافة والأوهام. الازمة أسقطت الكثير من المفاهيم الخاطئة حول الكفر و الايمان و احتكار الطهارة.
- بروز الصين كقوة عظمى ليس في مجال الاقتصاد فقط . بل في مجال البحث الصحي و إدارة الازمات أيضا .حيث أثبتت الصين قدرة غير عادية على السيطرة على المرض بوسائل مختلفة، بعضها يتسق مع مبادئ حقوق الانسان و البعض الآخر يحد من حرية الفرد. لكنها استطاعت أن تحصر المرض جغرافياً. وهناك فرق صينية الآن تساعد الحكومة الايطالية في محاربة تفشي المرض.
- تعاظم الشك حول فكرة الاتحاد الاوربي التي قامت على التضامن بين أعضائه. بعض الدول في اوروبا ستبحث عن حلفاء لها خارج إطار الإتحاد الأوروبي .كذلك التحالف الاستراتيجي بين أوروبا و الولايات المتحدة سيحدث به تصدع كبير.
- الأزمة لم تميز بين الدول الثرية و الفقيرة ، فقد أصابت الفقير والغني معاً، أحد أهم الدروس هو أن العالم سيدرك أن التعاون أهم بكثير من التنافس، كذلك فإن شركات الأدوية و مراكز البحث العلمي ستعمل على تعزيز التعاون بينها. سيتم تعظيم الاستثمار في المجال الصحي و في مواجهة الأمراض مقارنة بالاستثمارات في مجالات الترفيه مثل كرة القدم و الفن و الموضة و غيرها برغم من أهمية هذه القطاعات للإنسان . لكن البحث في القطاع الصحي والأمراض المعدية لم يكن بالمستوى المطلوب.
- مع نجاح العالم في مواجهة فيروس الكورونا، يتوقع أن تهتم الشعوب اكثر بالسياسات الحكومية و في كيفية توزيع الموارد و تخصيص بنود الموازنة. سيشهد العالم الغربي خاصة بروز حركات اجتماعية تطالب حكوماتها بتعزيز التعاون و الاستثمار في مجالات البحث العلمي للأغراض المدنية.
- تكديس القوة العسكرية بكافة أشكالها لا يضمن وحده الامن للدول، فعلى الرغم من القدرات العسكرية و السلاح النووي و غزو الفضاء و الغوص في أعماق البحار، فقد وقف العالم المتطور مشلولا امام فيروس لا يرى بالعين المجردة. قد تنجح دولة صغيرة مثل سويسرا في التوصل إلى لقاح ضد فيروس الكورونا رغم عدم امتلاكها للقدرات العسكرية الهائلة.
- ستتغير العلاقات الدولية ومحاور الصراع و التحالف، حيث اضطرت دول متناقضة و متصارعة للتعاون بينها في حين لم تقم دول صديقة بما هو مطلوب منها. الصديق وقت الضيق قد يكون العدو و الخصم وقت الرخاء
- مع كل أزمة يبتكر الانسان أدوات وآليات واستراتيجية للمواجهة. بعد السيطرة على كورونا، لن يكون العالم كما كان عليه سابقاً، حيث ستموت بعض القطاعات كلياً وستتحول قطاعات لتأخذ شكلاً مختلفاً مثل قطاع التعليم حيث سيتم الاعتماد على التكنولوجيا والتعليم الالكتروني بشكل أكبر، و سيتم الاعتماد اكثر على خدمة التوصيل المنزلي (Home Delivery) في المطاعم والتسوق.
- سيختلف نمط الاستهلاك ونوعية الأغذية حيث سيتم الاعتماد اكثر على الاغذية الطبيعية والتراجع عن استهلاك اللحوم والعناصر الغير صحية.
- سيستغرق العالم سنوات للنهوض من هذه الأزمة التي لا نعرف متى تنتهي، لن يكون العالم بعد الكورونا مثل قبل الكورونا.