المنظمات الدولية تمكيج الواقع المؤلم
بقلم: عمر شعبان
كثيرا ما تستخدم بعض المنظمات الدولية مصطلح Resilience ” الصمود ” في وصفها لقدرة سكان قطاع غزة على العيش تحت الحصار.. هذا المصطلح الجميل قصد به أن الحصار على قطاع غزة لم يقتل الناس بعد. هو مصطلح يدغدغ مشاعر البعض و لكنه يخفي وراءه معاني سلبية خطيرة. فهو يعني أن الوضع، رغم قساوته مازال محتملا. وأن الناس يعيشون حياتهم كالمعتاد. هذه المؤسسات تعتمد على مؤشرات شكلية و كمية دون الغوص في تداعيات الحصار على جودة الحياة حاضرا و مستقبلا . أتذكر أن مؤسسة أممية نظمت مؤتمرا إقليميا عن قطاع غزة كان عنوانه الصمود resilience .
هو مصطلح يصطنع بطولة وهمية غير إنسانية لسكان قطاع غزة. هذا المصطلح يصب في صالح المؤسسات التي تعتاش على إدارة الازمة و بقائها و يعفيها من بذل جهد حقيقي لإنهائها. كنت أقول لكل الوفود الأجنبية التي تصف الوضع في غزة بهذا الوصف ” مادام الوضع جيدا كما تراه فلماذا لا تعيش هنا معنا.
هو مصطلح عنصري و استعلائي بإمتياز عندما يقوله شخص ينعم بحرية الحركة و السفر و العمل و يشرب مياه نقية و يتمتع بخدمات صحية راقية و مطمئن لمستقبل أبنائه لشخص محروم من كل هذه الأساسيات.
حقيقة الامر أن الجميع في قطاع غزة : البشر و المؤسسات و الجماد و النباتات و الحيوانات مرهق جدا و يموت يوميا ألف مرة. من حق الناس في قطاع غزة كما في أي منطقة في العالم أن ينعموا بحياة طبيعية.
كتبت كثيرا أن الانقسام الفلسطيني و الحصار الإسرائيلي كانا كالدجاجة التي تبيض ذهبا لبعض المنظمات الدولية التي لا تعاني من أيهما. بعض هذه المؤسسات تعتاش على ضعف و انشطار النظام السياسي الفلسطيني. منظمة الأمم المتحدة التي تحولت إلى مقاول في إعادة إعمار قطاع غزة و مازالت هي مثال مؤكد عن كيفية استفادة المؤسسات الدولية من غياب الدور الرسمي و الاهلي في عملية إعادة الإعمار. كنت قد كتبت عدة مرات عن خطورة تولي الأمم المتحدة عملية الإشراف على إعمار قطاع غزة.
مصطلح الصمود هو كمن يضع السم في العسل ، شكله جذاب و باطنه قاتل.