سبل مواجهة العنف الأسري في جائحة كورونا
بشكل عام تخضع كل المجتمعات لمنظومة مكونة من مجموعة من التفاعلات البينية داخل الأسرة تؤدي إلى تغير في السلوك بينهم يؤثر على كل أفراد الأسرة وبالتالي المجتمع، بهذه الجملة افتتح الدكتور بسام سعيد المختص بشؤون الأسرة الحلقة الأولى من البرنامج الإذاعي “غزة في مواجهة الكورونا” الذي تنفذه مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية ضمن مشروع غزة في مواجهة الكورونا الممول من مؤسسة أطلس.
وأضاف سعيد بأن بأن المجتمع الفلسطيني بشكل عام لم يشهد الاستقرار منذ النكبة عام 1948 وحتى هذه اللحظة وامتاز قطاع غزة بالمعاناة الأكبر نتيجة هذه الحالة، وهذا انعكس على شكل سلوك الأفراد داخل المجتمع مما يمهد لانشار العنف المجتمعي والأسري نتيجة تردي واقع الحياة، موضحا أنه مهما حاولت الأسرة النأي بنفسها عن دوائر العنف والظروف المجتمعية المحيطة بها ستفشل حتما، ناهيك عن الكثافة السكانية العالية التي ترفع من أثر ومستوى الاحتكاك والمشاحنات بين الناس، إلى جانب أثر الحصار والإغلاق والعدوانات المتكررة التي تؤثر سلبا على العلاقات البينية داحل المجتمع.
وذكر أن جائحة كورونا أثقلت كاهل الأسرة الفلسطينية في قطاع غزة وأدخلت عليها مسطلحات جديدة مثل الحجر البيتي والحجر الصحي والتنمر على المصابين، إضافة إلى الخوف والخوف المفرط الذي انعكس على سلوك الأفراد وعلاقاتهم البينية داخل الأسر ورفع من معدلات العنف وزاد المشاحنات والخلافات الأسرية بين الزوج والزوجة وبين الأم وأبنائها والأب وأبنائه، مشيرا إلى أن هذا كله يؤثر على الصحة النفسية والمزاج السلبي الذي يقلل بدوره من المناعة الصحية.
وأشار إلى أن اتساع رقعة الشرائح المجتمعية المتعرضة للعنف الأسري وتنوعها من أطفال ونساء وكبار سن وذوي إعاقة وصولا إلى العمال وأصحاب الدخل اليومي أدى إلى الإضرار بالحالة النفسية المجتمعية العامة وانتشار العنف الأسري والتنمر المجتمعي، منوها أنه يمكن التقليل من أثر الحالة الاقتصادية المتردية بصرف تعويضات أو مخصصات مالية للفئات المتضررة من فرض حالة الطوارئ والإغلاقات.
ونوه المختص في شؤون الأسرة إلى أن الحوار وتفعيله هو الحل رقم واحد من أجل تجاوز أثر الخلافات الأسرية والاحتكاك بين أفرادها، ولا بد من تعزيز ثقافة التسامح والإعتذار للآخر واتباع السلوك الحضاري في حل المشكلات، مستدركا أنه يجب على رب الأسرة أن يراقب سلوك الأبناء وأن يعمل على توجيههم وارشادهم وأن يبتعد عن مقارنتهم بأقرانهم وزملائهم، وأن لا ينحاز إلى أحد الأبناء.
أما حول ضيق مساحات المنازل وعدم كفايتها لممارسة الأطفال لنشاطات تعمل على تفريغ طاقاتهم السلبية، قال بأنه يجب على أفراد الأسرة العمل بما يتناسب مع ما هو متاح والحرص على تنظيم وقت الأطفال بما ينسجم مع العملية التربوية السليمة بحيث أن يقضوا وقتا خاصة بهم وشغل وقت بالنشاطات والألعاب المسلية والمفيدة ولا مانع من إضافة وقت خاص للقصة والتواصل والحوار بين أفراد الأسرة بالقضايا المجتمعية المحيطة بهم كما يجب تخصيص أوقات لصقل المهارات وممارسة الهوايات المختلفة.
وأوصى الأسر بضرورة الحفاظ على الانضباط داخل البيت وتوزيع المهام وتقسيم العمل المنزلي على الأفراد، والإلتزام بمتابعة التعليم عن بعد ومتابعة العمل من المنزل للمحافظة على مرونة الدماغ، إضافة إلى أن هذا يحسن من المزاج الإيجابي ويخفف من الضغط النفسي الناتج من الإغلاق والحجر المنزلي، داعيا الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني إلى الاستمرار في تقديم التعويضات وتعزيز الوعي المجتمعي والاستثمار في الموطن في كل النواحي الصحية والاقتصادية لأنه أساس نمو ورفعة الوطن.