تداعيات جائحة كورونا على القطاعات الاقتصادية في غزة
تواصل مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية تنفيذ حلقات برنامج “غزة في مواجهة الكرورنا” الإذاعية ضمن مشروع غزة في مواجة الكورونا الممول من مؤسسة أطلس، مستضيفة الباحث والمختص بالشأن الاقتصادي الدكتور رائد حلس؛ ليتحدث حول تداعيات جائحة كورونا على القطاعات الاقتصادية في غزة عبر الحلقة الثانية من البرنامج.
في البداية وصف حلس جائحة كورونا بأنها الصدمة الأشد التي تعرض لها الاقتصاد الفلسطيني؛ خاصة بأنه كان يعاني من عدة أزمات قبل تفشي المرض داخل الأراضي الفلسطينية، موضحا أن التداعيات الاقتصادية للأزمة تمثلت في كيفية المواجهة، ففلسطين كغيرها من الدول انتهجت تطبيق الاجراءات الوقائية ومن أبرزها حظر التجول وإغلاق كافة الأماكن ذات الإزدحام والتي يصعب تطبيق سياسات التباعد الاجتماعي فيها مثل المؤسسات والمحال التجارية والأسواق الشعبية، معلنة حالة الطوارئ منذ الأول من مارس/آذار الماضي بالتالي منعت الحركة والتنقل بين المحافظات وأوقفت الشعائر الدينية والمؤسسات التعليمية.
وأكد أن فلسطين لا تملك المقومات الاقتصادية والموارد المالية التي تمكنها من الاستمرار طويلا في هذه الإجراءات لذلك تكبدت خسائر اقتصادية كبيرة قدرتها الحكومة الفلسطينية بثلاثة مليار دولار أمريكي، أما الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني توقعت انكماش الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 14%، فيما توقع البنك الدولي انكماش الاقتصاد الفلسطيني بنحو 7.6% في حال العودة التدريجية للحركة والنشاط الاقتصادي، أما إذا استمر سيناريو الإعلاق سينكمش بنسبة 11%.
وأضاف أن وقع الأزمة كان أشد على القطاعات الاقتصادية في قطاع غزة نتيجة الحصار المستمر لمدة 14 عام بالتزامن مع الانقسام الفلسطيني الداخلي وهذا شاعم في تراجع معظم المؤشرات الاقتصادية فيه، مع معدلات فقر وصلت 53% ومعدلات بطالة 52% هي الأعلى عالميا، أما نسبة البطالة بلغت 70% لفئة الشباب، إلى جانب أن 72% من سكان قطاع غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي ناهيك عن 80% منهم يتلقون مساعدات إغاثية من الجهات المختلفة، كل هذا يؤكد هشاشة الاقتصاد في غزة أمام أزمة كورونا، مستدركا أن انشغال العالم بمواجهة كورونا وتضرر اقتصادات الدول المانحة سؤثر سلبا على حجم المساعدات التي يتلقاها قطاع غزة وبالتالي سيؤثر على عجلة الاقتصاد سلبا.
وأشار الدكتور رائد حلس إلى أن هذه الإغلاقات أدت انهيار وتضرر معظم القطاعات الاقتصادية مثل القطاع السياحي والخدمات المرتبطة به وهو كان أكبر القطاعات تضررا، والقطاع الزراعي وعدم قدرة المزارعين على الذهاب إلى أراضيهم وحصد ما زرعوه وضعف تسويقهم للمحصول أو تصديره، والقطاع الصناعي الانشائي لأن القدرة الشرائية للمواطنين ضعفت نتيجة الاغلاقات التي طالت مصادر رزقهم، إلى جانب توجه المواطنين لشراء المعقمات والمنتجات الوقائية، وبالتالي تضرر قطاع التجارة الداخلية ما بين المحافظات، وقطاع النقل والمواصلات تعطل نتيجة توقف حركة الموظفين والطلاب والمواطنين إلتزاما بالإجراءات والإغلاقات، والقطاع التعليمي والخاص تحديدا والخدمات المرتبطة بالعملية التعليمية.
وذكر الباحث والمختص بالشأن الاقتصادي أن عدد العمال المتضررين من جائحة كورونا المسجلين لدى وزارة العمل بلغ 158 ألف عامل يضافون للنسبة العالية للمعطلين عن العمل لتبلغ النسبة أعلى ما يمكن بلوغه في قطاع غزة وستعمل على توسع دائرة الفقر أكثر وأكثر، منوها إلى أن العودة إلى الحياة الطبيعية ستضيف أعباءً اقتصادية جديدة على القطاعات المختلفة من أجل تطبيق شروط السلامة ومعايير التباعد الاجتماعي بين العمال والموظفين ومتلقيي الخدمات من هذه القطاعات.
أما عن القطاعات الاقتصادية التي استفادت من الأزمة قال أن قطاع الملابس ومصانع الخياطة والنسيج كان من أكبر القطاعات المستفيدة مع ازدياد الطلب على الكمامات والألبسة الواقية فازداد عدد العاملين في هذا القطاع نجو 3000 عامل، وأصبح هناك انتاج يصدر إلى “اسرائيل” وإلى الضفة الغربية، بالإضافة إلى تلبية احتياج السوق في قطاع غزة، وقطاع الصناعات الكيميائية والأدوية شهد انتعاشا نتيجة ازدياد الطب على المنظفات والمعقمات والأدوات الصحية والصابون وإقبال المواطنين عليها، أما بالنسبة لصناعات الغذائية فهناك بعض المنتجات شهدت عزوفا وأخرى شهدت رواجا خاصة المنتجات القابلة للتموين.
واختتم اللقاء بذكر التدخلات التي قامت بها الجهات الحكومية والدولية من أجل التخفيف من الآثار التي ترتبت على القطاعات الاقتصادية المتضررة، موصيا بالتركيز على ملف التعويضات والمساعدات المادية للمتضررين من العمال الفلسطينين وإغاثتهم هم وأسرهم على غرار صندوق وقفة عز، مع تشجيع رجال الأعمال وأصحاب الشركات والمصانع على تقديم المساعدات المالية لأن المواطن سيعيد هذه الأموال إلى السوق وسيساهم بإعادة الحركة للدورة الإقتصادية هذا سيعود بالنفع بارتداداتها الاقتصادية على مقدمي المساعدات.
كما أكد على أن الجهات الحكومية مطالبة بتقديم المساعدات للقطاعات المتضررة خاصة أصحاب المشاريع المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، لأن مقومات الصمود لديها بسيطة ولها دور أساسي في تحريك عجلة الاقتصاد الفلسطيني، وعلى الحكومة كذلك تقديم التسهيلات للقطاعات الاقتصادية خلال عودتها للحركة الاقتصادية وتوفير اعفاءات التراخيص والرسوم الجمريكة كتعويض عن الخسائر التي منيت بها خلال الأزمة.