“بال ثينك” تنظم ندوة رقمية حول استطلاعات الرأي والانتخابات الفلسطينية”
نظمت مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية والمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، ندوة رقمية بعنوان “قراءة في استطلاعات الرأي حول الانتخابات الفلسطينية”، اُستضيف خلالها د. خليل الشقاقي مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، ود. دلال عريقات أستاذة الصراع وحل النزاعات في الجامعة الأمريكية في رام الله.
وأدار اللقاء أ. عمر شعبان مدير بال ثينك للدراسات الاستراتيجية الذي افتتح الندوة بالترحيب بالحضور والضيوف، وقال: “هناك إحباط كبير لدى الشباب، ونحن بحاجة إلى بروز قيادات جديدة وشابة، فالمشروع الفلسطيني في أزمة”. ، وأضاف: “نسعد بتنظيم هذا اللقاء الذي يجيب على عدة أسئلة أهمها: مدى قدرة استطلاعات الرأي على قياس الرأي العام الحقيقي سواء في العالم أو في فلسطين، وهل تتغير نتائج استطلاعات الرأي من وقت لآخر، وما هي رؤية المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية للحالة الفلسطينية الراهنة قبيل الانتخابات في ظل أقوال عن تزايد شعبية حركتي حماس وفتح، وتزايد رغبة الشباب في بروز قيادات جديدة فكراً ومنهجاً”.
واختتم شعبان بالقول: “نحن في بال ثينك نواكب الأحداث وعملنا مع الحكومة السويسرية في موضوع المصالحة ونرحب بكل المؤسسات التي تريد العمل معنا. ونأمل أن تحمل الأيام القادمة بشريات الخير”.
بدوره، أوضح د. خليل الشقاقي مدير المركز أن استطلاعات الرأي المتعلقة بالانتخابات وظيفتها ليست فقط التنبؤ بل أيضا معرفة السلوك الانتخابي. وأن دقة الاستطلاعات مرتبطة في قدرتها على أن تكون حيادية، وبصحة العينة التمثيلة، وبتوفر معرفة من سيشارك في الانتخابات.
وأضاف: “غالبا عندما تكون التوقعات خاطئة يكون السبب الرئيس هو عدم القدرة على التنبؤ بحجم المشاركة من فئات معينة. بالنسبة إلينا هذه الفئات هي فئات المتدينين والشباب والمرأة، لأن لديها توجهات معينة حول من ستنتخب. وفي حال زادت أو قلت نسبة مشاركتها في الانتخابات ستختلف النتيجة”.
وأشار إلى أن الاستطلاعات العادية يكون فيها عينية تمثيلية لكل المجتمع، ولا تسأل عن سلوك، بل عن أراء الناس، مثل هل تؤيد الديمقراطية أو لا، هل تؤيد الرئيس أو لا..إلخ، لأن الناس مستعدون للحديث عن آرائهم لساعات، ولكن لا يحبون الحديث عن سلوكهم؛ لأنهم يعتبرون هذا سؤالاً خاصاً ولا يفضلون الحديث عنه.
وتابع الشقاقي: “بعض المؤسسات تعمل من أجل الربح أحيانا، في عام 2006، كان هناك مؤسسات ربحية تعمل في مجال استطلاعات الرأي، وكان المرشحون يتوجهون لها لمعرفة إذا ما كانوا سيفوزون أم لا. في أغلب الوقت كان هناك دافعية لدي هذه المؤسسات أن تبلغ هؤلاء أن الفرص عالية لفوزهم، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة للاستمرار في عملهم، لأنهم يريدون المرشح أن يعود إليهم مجددا من أجل معرفة مدى شعبيته أو فرصة فوزه. فإذا كان العامل المادي الدافع الوحيد، فقد لا تكون هناك مصداقية لبحوثها واستطلاعاتها”.
وأردف: “في الانتخابات التشريعية عام 1996، والانتخابات الرئاسية عام 2005 كانت نتائجنا شبه مطابقة لنتائج الانتخابات الرسمية. في عام 2006، شاركت حماس في الانتخابات، ولم يكن لدينا مرجعية – معرفة سلوك الناخب في الانتخابات السابقة، الآن لدينا نقطة مرجعية لكنها تضعف عام بعد آخر لأن هناك 14 عام عن آخر انتخابات، ورغم ذلك فإنها مفيدة لمعرفة توجه الأشخاص الذين صوتوا عام 2006”.
استطلاعاتنا قبيل الانتخابات السابقة دقيقة
ونوه إلى أن الاستطلاعات في نظام الأغلبية “الدوائر” أصعب بكثير من نظام التمثيل النسبي “القوائم”، لأن في الأخير تقل بشكل كبير إمكانية وقوع الخطأ بسبب توزيع الأصوات على أعداد كبيرة من المرشحين.
وقال د. خليل الشقاقي: “عام 2006، أظهرت استطلاعاتنا أن فتح ستحصل على 42% من الأصوات، وحصلت على 41% في الانتخابات. وقلنا إن الأحزاب الأخرى ستحصل على 16% من الأصوات، وحصلت على 15%. وقلنا إن حماس ستحصل على 35%، وحصلت على 44% والفرق كان في الذين لم يقرروا بعد إلى من سيصوتون. مقارنة مع الدوائر، عام 2006، تنبأنا في نصف الفائزين، أي بأفضل 17 مرشحا لفتح، والأغلبية الساحقة منهم فازوا فعلا. بينما تنبأنا في فوز حماس في مدينتي غزة والخليل وفازت. في الانتخابات الرئاسية تنبأنا أن أبو مازن سيحصل على 65% من الأصوات وحصل على 67%. وتنبأنا أن مصطفى البرغوثي سيحصل على 22% وحصل على 21%”.
وأضاف: “الآن في آخر استطلاع رأي أجريناه، هناك حوالي 20% من العينة لم يقرروا بعد لمن سيصوتون. في الاستطلاع القادم في شهر 3 ستكون هذه الفئة أقل لأنهم ربما سيكونون على معرفة بالمرشحين. وعموما، استطلاعات الرأي لهذه الانتخابات ستكون أسهل للمؤسسات المهنية لإجراء الاستطلاعات”.
مروان البرغوثي الأوفر حظا بالانتخابات الرئاسية
وتابع مدير المركز الفلسطيني للدراسات السياسية والمسحية: “في الوقت الحالي إذا كان هناك مرشح رئاسي من حماس مثل إسماعيل هنية ومرشح فتح هو أبو مازن ففرص فوز أبو مازن شبه صفر. لن يفوز أبو مازن في انتخابات ضد هنية لأن الأخير لديه شعبية داخل حركة حماس وفي المجتمع الفلسطيني ككل. في كثير ناس لن تصوت لحماس لكنها ستصوت لإسماعيل هنية. لكن لو كان المرشح مروان البرغوثي فمن المؤكد أن مروان سيفوز حتى لو كان أبو مازن وإسماعيل هنية مرشحين، صحيح أنه لن يفوز في الأغلبية لكنه سيحصل على العدد الأكبر من الأصوات وسيذهب لجولة ثانية وسيفوز فيها”.
وأردف: “بالنسبة للانتخابات التشريعية، الاستطلاعات الحالية تشير إلى أن حماس ستأخذ ثلث الأصوات، وأن فتح ستحصل على أكثر منها بقليل، والقوى الأخرى ستحصل على 10% من الأصوات، وهناك 20% من الجمهور لم يقرر بعد من سينتخب حتى اللحظة، ولكن هذه النتائج غير كافية حتى اللحظة للبناء عليها، ليس مثل الانتخابات الرئاسية، إذ نسبة الذين لم يقرروا بعد للتصويت فيها أقل من 10%. ومن الممكن أن تؤثر القوى الثالثة والشباب في هذه الانتخابات. بالنسبة لأبو مازن فهو النقطة الأضعف لحركة فتح، وهو الذي يفقد شعبيته بكل سهولة بسبب التطورات السياسية. وحينما تحدث تطورات إيجابية قد تتحسن فتح، لكن أبو مازن لا يتحسن كثيرا، فهو نقطة ضعف رئيسية لحركة فتح”.
وأشار إلى أن إمكانية تغير النتائج خلال شهر بسب التطورات السياسية. فهناك الكثير من الاستطلاعات تغيرت خلال السنوات الخمسة الأخيرة بسبب الحرب على غزة وتشكيل حكومة الوفاق، وقضية الضمان الاجتماعي، وقضية قطع العلاقات مع إسرائيل وعودتها، واعتراف أمريكا بالقدس كعاصمة لإسرائيل.
وأكد على أن الجمهور في المجتمع الفلسطيني فاقد الثقة في استطلاعات الرأي لأنه لا يثق في القيادة السياسية وهذا ينعكس على استطلاعات الرأي، وهذا سببه الرئيسي الانقسام. لافتاً إلى أن اجتماعات القاهرة ستؤثر على نسبة المشاركة في الانتخابات لأنها حاليا وصلت إلى 70%، بينما عام 2006 بلغت 77%. كما رجح ألا يصوت الشباب لأنهم الأكثر تضررا من النظام السياسي القائم. خاصة وأن 83% منهم يعتقد بعدم وجود حرية رأي في فلسطين.
فتح ستنهار لو حصل داخلها انشقاق كبير
وقال ضيف “بال ثينك”: “في حال حصل هناك انشقاق بين فتح ستفوز حماس بالنسبة الأعلى من الأصوات.
ولو انشق مروان البرغوثي وشكل قائمة سيحصل على 25%، ولو شكل محمد دحلان قائمة منفصلة سيحصل على 7% من الأصوات. فتح من دون مروان البرغوثي ستحصل على 19% فقط وهذا يعني أنها ستنهار في حال وجود انشقاق كبير. بينما حماس حركة أكثر انضباط والتزاما فلن يكون هناك انشقاق، ولو حصل سيعتمد التأثير على شعبية الأشخاص المنشقين”.
وأضاف: “من المتوقع أن تكون مشاركة فلسطينيي القدس الشرقية ضئيلة جدا، لأنه بدى واضحا أنه منذ اكتمال الجدار فالفلسطينيون هناك بدأوا ينعزلون عن الضفة الغربية والذهاب نحو القدس الغربية. وازداد تعلمهم للغة العبرية، ودراستهم لمناهج عبرية، فكل هذه الأمور تشير إلى وجود انقطاع عن الضفة الغربية، وستنعكس حتما على المشاركة في الانتخابات القادمة”.
اختتم د. خليل الشقاقي بالقول: ” ولكن أؤكد على عدم صحة أخذ هذه الاستطلاعات لتعميمها على نتائج الانتخابات التشريعية القادمة، ولكن لو بقيت الأحوال كما هي ستكون صحيحة”.
من جهتها، قالت د. دلال عريقات، أستاذة الصراع وحل النزاعات في الجامعة الأمريكية في رام الله: “الاستطلاعات مهمة جدا في ظل غياب المجلس التشريع، ومهمة جدا للفلسطينيين ليركزوا على هذه الاستطلاعات التي من المفترض أن تنعكس نتائجها على طريقة صنع القرار. فالاستطلاعات تظهر لنا معلومات لكن الأهم هو توظيف هذه المعلومات. وأتمنى أن يتم توظيفيها من صناع القرار، وأن تكون قراراتهم مبينة على الاستطلاعات التي تظهر رأي الأغلبية”.
وأضافت: “هناك مراكز استطلاع رأي كثيرة في فلسطين، وللأسف بعضها لا يقوم بعمله بشفافية ومهنية.
وعندما نتحدث عن دقة الاستطلاع هناك الكثير من المعايير ومن أهمها حرية الرأي والتعبير في الشارع الفلسطيني وهذا ينعكس على مدى صراحة وصدق المستطلع. أيضا عندما نسأل المستطلع عن التزامه بمسألة ما جوابه سيكون مختلف عن جيرانه مثلا في نفس المسألة. بالإضافة إلى طريقة صياغة السؤال”.
واختتمت بالقول: “في الحالة الفلسطينية القائمة وفي ظل تعديل قانون الانتخابات بدون مجلس تشريعي، كنت أتمنى أن نقيس رأي الجمهور بالنسبة للقانون الانتخابات ولنسبة مشاركة المرأة وللشروط الموجودة.
أتمنى أن تحدث الانتخابات وأن يتعامل المواطن بمسؤولية مع استطلاعات الرأي، خاصة وأنه لم يعد يؤمن بقدرته على التغيير”.