في جلسة هي الاولى في فلسطين: “بال ثينك” تستضيف خبير البيتكوين د. سيف الدين عموص حول تداعيات العملات الرقمية على الاقتصاد العالمي.
نظمت بال ثينك للدراسات الاستراتيجية جلسة حوار بعنوان “العملات الرقمية وتداعياتها على الاقتصاد العالمي وسيطرة الحكومات والنظام النقدي العالمي” عبر برنامج الزوم، واستضافت أستاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية الأمريكية د. سيف الدين عموص، مؤلف كتاب “معيار البيتكوين” وهو المرجع الأهم في العالم حول البيتكوين والذي ترُجم إلى ثلاثين لغة، وذلك بحضور نخبة من الاقتصادين وممثلي المجتمع المدني والشباب من داخل وخارج فلسطين.
وافتتح الجلسة مدير المؤسسة أ. عمر شعبان بالترحيب بالحضور، وقال: “نحن في بال ثينك دائما نواكب التطورات العالمية التي لها علاقة بشكل خاص بالشأن الفلسطيني، وكلكم تعرفون أن بال ثينك مؤسسة مستقلة تعنى بالقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وليس فقط في قطاع غزة ولكن في الاراضي الفلسطينية والعالم اجمع”. وأضاف: “نحن مؤسسة مستقلة مفتوحة للحوار العلمي والموضوعي لجميع اطياف الشعب الفلسطيني، ولدينا الاستقلال الكامل في تناول أي قضية بالطريقة التي نرى فيها مصلحة علمية ووطنية لنا جميعا”. وأشار إلى أن ضيف اللقاء هو قامة اقتصادية مرموقة ورائداً في البحوث الاقتصادية، ومن أوائل الأكاديميين العرب في مجال العملات الرقمية، كما سلط الإعلام الدولي الضوء عليه مراراً لكنه لم يحظ بنصيبه من الإعلام والعالم العربي.
بدوره، شكر الخبير الاقتصادي د. سيف الدين عموص “بال ثينك” على الاستضافة وقال: “يسعدني جداً أن أتكلم مع الشعب الفلسطيني في كل مكان ويسعدني جدا ان اتكلم مع شعبنا في غزة، وبالمناسبة حلم حياتي أن أسبح في بحر غزة ولكن للأسف لم أستطع أن أحقق ذلك”. وأضاف: “موضوع البيتكوين مهم جدا لكل العالم ولكن ربما قد يكون أكثر أهمية للشعب الفلسطيني، وأنا سعيد جدا أنه لشعب الفلسطيني بدأ يهتم في موضوع البيتكوين لأنه قد تكون التقنية المثالية التي صنعت للتغلب على المصاعب التي يواجهها الشعب الفلسطيني”.
ما هو البيتكوين؟
أشار د.عموص إلى أن البيتكوين هو أكثر تقنيه متطورة للنقد لسببين: السبب الأول أن الكتلة النقدية المعروضة للبيتكوين محدودة قطعاً ولا يمكن تغييرها ولا يمكن لأي شخص أن يزيد من الكمية المعروضة من البيتكوين، والسبب الثاني هو إمكانية إجراء أي معاملة مالية عبر الحدود في غضون ساعات من دون الحاجة لسلطة سياسية أو قضائية أو بنكية. وأكد على أن البيتكوين هي أصغر عملة صعبة وأصعب عملة بالتاريخ لأنها لا يمكن ان ينتج منه المزيد من البيتكوين بعدد أكثر مما هو مبرمج عليه، وهو برنامج وضع من 2008، مشيراً إلى أنه مضي على نمو البيتكوين 13 عام، ولم ينحرف البيتكوين من هذا البرنامج مطلقاً. وتابع الأكاديمي الاقتصادي: “لم تتجاوز كمية البيتكوين حول العالم 21 مليون وحدة، وحاليا هي حوالي 19 مليون وحدة. إذ كان نموه سريعا في البداية ثم تباطئ لكن معدل النمو كان عاليا نسبيا، والآن يزداد المعدل المعروض من البيتكوين 2% سنوياً، وكل أربعة أعوام يقل هذا المعدل إلى النصف ويقل معدل إنتاجه أيضا إلى النصف، وهذا ما يجعل البيتكوين أصعب عملة في التاريخ، فهو مثل الذهب ولكنه أفضل منه في جوانب أخرى، فمثلا، يتميز الذهب بندرته ولا يمكن زيادته بسرعة كبيرة كالبيتكوين، حيث يزداد سنويا بمعدل 2%، ولكن سينخفض معدل نموه مع الوقت”.
وأكد عدم وجود أي سلطة تستطيع ان تزيد كمية البيتكوين يختلف عن خلاف جميع أنواع النقود الأخرى، مشيراً إلى أن قيمة الكمية المعروضة منه لا تتأثر بكمية الطلب على خلاف كل العملات التي تنخفض قيمتها مع الوقت لأن كميتها تزداداً. وقال د. سيف الدين: “تزداد قيمة البيتكوين بمعدل 200% سنوياً، وهو معدل خرافي، حيث تضاعف ثلاثة أضعاف كل عام، والآن وبعد عشرة أعوام، فإن القيمة السوقية لكل المعروض من البيتكوين يتجاوز 1.3 ترليون دولار، وبذلك أصبح أكبر من أي عملة في العالم باستثناء الدولار واليورو والين واليوان الصيني في غضون 10 أعوام من دون أن تكون هنالك أي سلطة مشرفة عليه”. ولفت إلى عدم وجود وسيلة لزيادة الكمية المعروضة من البيتكوين إلى ازدياد الطلب عليه، موضحا أن سعره عام 2011 كان 29 سنتاً، ليصل إلى 5 دولارات نهاية عام 2012، وبعدها ارتفع إلى 13 دولار في عام 2013 ثم قفز إلى 732، والآن 66 ألف دولار. بشكل لم نشاهده في أي أصل مالي في التاريخ البشري ولم يكن هناك أي عملة أو سند أو سهم يمكن أن تزداد قيمته بهذه السرعة الكبيرة وذلك شيء طبيعي كنتيجة لعدم وجود وسيلة لزيادة كمية البيتكوين”.
وأوضح د. عموص أن البيتكوين لم يتعرض للاختراق بالمطلق خلال 13 عام رغم كل المحاولات الكثيرة لذلك، وهذا ما يثبت أن زيادة الطلب فقط هي من ترفع سعره.
وتابع: “يُمكننا البيتكوين من الاستغناء عن البنوك المركزية لأنه بمكان أي شخص في العالم أن يرسل ويستقبل البيتكوين دون أي حاجة لمصرف أو لبنك، فقط يحتاج برنامج موجود على الإنترنت ويمكن تنزيله على الهاتف، وهو أمر مهم جدا للفلسطينيين لأنه ليس لديه بنك مركزي أو عملة وطنية”.
وقال إن البيتكوين عبارة عن شبكة كمية قوتها الحسابية للشبكة تساوي تقريبا10 ترليون جهاز حاسوب شخصي والمهم أن البيتكوين لا يحتاج إلى إنترنت فيمكن استخدامه عبر طريق أجهزة تعمل بالراديو وأجهزة تعمل بالستلايت حتى لو تم توقيف الإنترنت تستطيع أن تستمر بالعمل على البيتكوين”.
وبخصوص الشبكة، أضاف د. عموص: “أصبح من الواضح انه ليس هنالك أي خطر حقيق على الشبكة أو شك باستمرارها، فاليوم هناك قوانين وتشريعيات حولة شرعية العملة وجواز التعامل بها من قبل البنوك المركزية وأكبر الشركات العالمة والبنك المركزي الاحتياطي الأمريكي والبنوك المركزية الكبرى في أوروبا، وحتى لشركات الكبرى بدأت تستخدم البيتكوين كأصل مالي تضعه على ميزان مدفوعاتها، كشركة كتسلا وهي من أكبر 10 شركات في العالم، فهي تحفظ في جزء من مدفوعاتها في البيتكوين، وهناك شركات كبيرة وصغيرة تفعل ذلك وكل الشركات التي تفعل ذلك تستفيد منه”.
ونفى الخبير الاقتصادي أن تنخفض قيمة البيتكوين في المدى القريب إذ لم يحدث في تاريخ البيتكوين أن ينخفض بعد أربعة أعوام من ارتفاع السعر، بل على العكس فدائما ما تتضاعف قيمته.
البيتكوين بديلا للذهب وحسابات التوفير
وقال: “البيتكوين يمثل بديلا ناجحا للذهب لأن الأخير لا يواكب التضخم ولا يمكن إنفاقه دوليا، فإذا نظرنا إلى سعر الذهب خلال السنوات العشرة الماضية، فنجد تضخما ماليا وصعود في أسعار الشقق وكل مستلزمات الإنسان، وأسعار الذهب ثابتة. ناهيك عن قدرة الفرد على صرفه دوليا.
أما البيتكوين فهو يواكب التضخم وتزداد قيمته بشكل كبير، فيمكن أن يكون التضخم 2 أو 10%، لكن البيتكوين قد يتضاعف إلى 100%”.
ويرى الباحث الاقتصادي أن حسابات التوفير تعطيك فقط من 0.5 إلى 2%، وهذا يعني أن حساب التوفير يسرق المواطن، لأن قيمة النقد تنخفض، أما البيتكوين فهو أفضل وسيلة للتوفير، فمثلا لو قام شخص بادخار 10 دولارات كل أسبوع خلال السنوات الخمسة الماضية، سيكون المبلغ هو 2600$، لكن قيمته الآن 62 ألف دولار. فنسبة الصعود هي أكثر من 2000%، مؤكدا على أن عشرات الملايين من الناس يدخرون في البيتكوين للمدى البعيد.
وأردف د. سيدف الدين: “استمرار تبني البيتكوين من قبل الشركات يعطيهن أفضلية على الأخرين، وهذا ما يجب أن ننبته إليه كعرب وفلسطينيين، وسيكون له ثمن كبير جدا، لأن البيتكوين في صعود مستمر، وتبنيه يختلف عن تبني تكنولوجيا معينة، لأن سعره سيكون بعشرات الأضعاف في السنوات القادمة، فالتأخر لديه كلفة عادية. وللأسف في العالم العربي لدينا قناعة أن أي شيء جديد لا يستمر، ونتبنى نظرية المؤامرة وأن الحكومات لن تمسح بهذا الشيء”.
كيف يعمل البيتكوين؟
ووفقا للخبير الاقتصادي، فإن البيتكوين هو محفظة رقمية لديه مفتاح خاص وعنوان، كما في البريد الإلكتروني، ويجب الاحتفاظ بالفتاح وهو الطريقة الوحيدة للتحكم بالبيتكوين، ولو استطاع أي شخص أن يسرق المفتاح الخاص فيستطيع أن يسرق ما تملك من البيتكوين.
وقال: “منعت الصين البيتكوين هذا العام، وكانت أغلب القوة الحسابية والتعدين في الصين، وقامت بمنع التعدين والتداول وتسبب ذلك بهبوط السعر، والآن عاد بالصعود مرة أخرى، وهذه العمليات تبطئ الشبكة ولا تنهيها، وأعتقد أنه خطأ تاريخي للصين أن تحارب البيتكوين، والدول التي لديها جانب من الحرية الاقتصادية كأمريكا وأوروبا لن تحاربه. وهم يدركون أن مواكبة التطور هو أفضل بكثير من محاربته لأنهم لا يستطيعون إيقاف البيتكوين، ما يستطيعون فعله هو وقف الاستفادة من البيتكوين وجعل أعداءهم يستفيدون أكثر”.
هذا ودارت أسئلة المشاركين حول إذا البيتكوين يحارب مركزية السيطرة على المال، فما الذي يمنع الدول الكبرى والديكتاتورية من محاربته كونه يقلص صلاحيتهم؟ والضرائب على الأرباح والاستثمار طويل المدى في العملات الرقمية الأخرى، ومصدر قوة البيتكوين، وتأثير تبني الحكومات لعملات رقمية.
لمشاهدة الجلسة: