بال ثينك تعقد ورشة حوارية لمناقشة حالة الحقوق العامة في الأراضي الفلسطينية
تواصل بال ثينك للدراسات الاستراتيجية، تنفيذ أنشطة مشروع أكاديمية بال ثينك للديمقراطية وحقوق الانسان، حيث نظمت ورشة حوارية، الخميس، بعنوان “قراءة في واقع الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية في فلسطين” بحضور العشرات من نخبة الحقوقيين والخبراء والباحثين وممثلي المجتمع المدني من داخل قطاع غزة وخارجها.
افتتح الورشة مدير عام “بال ثينك للدراسات الاستراتيجية” عمر شعبان قائلاً: إن التقرير الحقوقي الذي نناقشه اليوم هو الورقة الثانية ضمن المشروع، وهو لا يقدم رصد تفصيلي لانتهاكات حقوق الإنسان كونه اختصاص منظمات حقوق الإنسان، بل يقدم تحليلًا كيفيًا ورؤية عامة لهذه الحقوق في ظل الانقسام الفلسطيني، لأن “بال ثينك” مؤسسة فلسطينية مستقلة تسعى لتمثيل الأجندة الوطنية الفلسطينية في الحاضر والمستقبل، وتحظى بنسبة عالية جدًا من الحرية في تقرير ما تقوله دون أي فرض من الجهات المانحة.
بدوره، قال الباحث د. طلال أبو ركبة إن الحكم الرشيد مؤشر رئيسي يجب أن تُنظم العلاقة بينه وبين حقوق الإنسان في أربعة جوانب تتمثل في سيادة القانون والمؤسسات الديمقراطية وتقديم الخدمات العامة للمواطنين ومكافحة الفساد. وشدد على أن العملية الديمقراطية الفلسطينية معطلة منذ عام 2007، وترتب عليها آثار كارثية مثل: عدم تجديد هياكل النظام الفلسطيني والإخلال بالتوازن داخل أركان النظام السياسي خاصة بين السلطات الثلاثة. وأشار أبو ركبة إلى وجود تشوه في العلاقة بين مؤسسات المجتمع المدني والسلطات القائمة نتيجة القيود الصارمة على حساباتها البنكية. ولفت إلى إنه على الرغم من وجود تقدم كمي في مؤشر التعليم، إلا أنه لم يقابله تقدم نوعي، فالفجوة واسعة بين سوق العمل والنظام التعليمي الأكاديمي نتيجة تسليع التعليم.
من جهتها، قالت الباحثة في قضايا المرأة تهاني قاسم إن الانتهاكات التي تواجه الصحفيين المتمثلة في الاستدعاءات واعتقال الصحفيين ومداهمة مكاتبهم موجودة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو الأمر الذي يدلل على عدم احترام الحقوق المنصوص عليها في القانون الفلسطيني كقانون المطبوعات وقانون النشر، وما تنص عليه حقوق الإنسان الاتفاقيات الدولية بما يخص حرية العمل الإعلامي المكفولة بشكل صريح. وأشارت إلى أن هناك انتهاك للحق في التعبير عن الرأي والحريات العامة والحق في التجمع السلمي في الضفة الغربية وقطاع غزة. وبينت قاسم أن الشباب الذين تقل أعمارهم عن 33 عامًا لم يمارسوا حقهم الانتخابي بالمطلق، بسبب الانقسام الفلسطيني الذي عطّل المجلس التشريعي، وهو ما حال دون إقرار قوانين هامة مثل قانون حماية الأسرة وغيرها. واختتمت: “حتى الحملات التي طالبت بإنهاء الانقسام تم اعتقال القائمين عليها”.
أما د. سامية الغصين، أ. القانون الدولي، فقالت إن الخدمات الصحية التي تقدم للمواطنين كارثية، خاصة في قطاع غزة، بينما الخدمات التي تقدم للحوامل والأطفال جيدة جدا بفضل خدمات “الأونروا”، مشيرة إلى أن 21% من الفلسطينيين لا يحملون تأمينًا صحيًا، وأن الحصول على تحويلة طبية أمرًا صعبًا في الضفة الغربية وقطاع غزة. وأوضحت أنه في الوقت الذي تدهورت فيه الخدمات الصحية الحكومية، ازدهرت الخدمات الصحية في مشافي القطاع الخاص، وأصبح الحق في الحصول على العلاج أمر محصور على المقتدرين ماديًا.
وأشارت ان معدلات البطالة تجاوزت 50%، وأكثر من 90% بين النساء، كما أن أكثر من 350 ألف خريج لم يحصلوا على أية فرصة عمل في قطاع غزة، وأن المعدل الزمني للخريج ليحصل على أول وظيفة هو سبعة أعوام. أما في الضفة الغربية، فيعود انخفاض نسبة البطالة لارتباط سوق العمل الفلسطيني بالإسرائيلي، وهو الأمر الذي أنتج ظاهرة “سماسرة التصاريح”.
في تعقيبه على التقرير، قال د. عمار دويك المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان: “إن انتهاكات حقوق الإنسان كانت قائمة قبل الانقسام وفي ظل وجود المجلس التشريعي، رغم أن الانقسام ساهم في تكريس الوضع السيء وغياب المجلس التشريعي أفقدنا أحد أعمدة الديمقراطية”. وأضاف: “رغم سوء مؤشرات حقوق الإنسان في فلسطين، إلا أنها أفضل بكثير من الدول العربية المجاورة، رغم أن الطبقة الحاكمة في الضفة الغربية وقطاع غزة تحمل ثقافة استبداد سياسي مشابه لذلك الموجود في المنطقة. فحماس وفتح تنتهزان خطاب حقوق الإنسان ضد بعضهما البعض عند قيام أحد الطرفين بانتهاكات حقوقية”.
وأوضح أن المجتمع الدولي ساهم في الوضع الحالي الذي نعاني منه، بجانب أن الأفكار الموروثة غير متوافقة مع الفكر الحديث لحقوق الإنسان، مشددًا على ضرورة استخدام الخطاب الحقوقي بشكل حقيقي ودون معايير مزدوجة. وشدد على أن المجتمع المدني الفلسطيني قوي جدًا ويستطيع أن يحمي المواطنين وأسقط تشريعات غير عادلة، رغم كل القيود الإسرائيلية عليه.
أما د. دلال عريقات، أ. العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية، فقالت “لأننا ولدنا وعشنا تحت الاحتلال، وهو المعيق الأساسي لنا، فإننا دائمًا نتجنب حل معضلاتنا الأساسية ونلقي اللوم على الاحتلال”.
وشددت على ضرورة إجراء الانتخابات لإنهاء الانقسام “الذي يُعد النكبة الثانية للفلسطينيين” لتطبيق وإنفاذ القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان في القانون الأساسي.
وتابعت: “الاحصائيات لحالات انتهاكات حقوق الإنسان المرتفعة لا تتناسب مع نضال وتاريخ وقيم المجتمع الفلسطيني. السياسة العامة يجب أن تنبثق من رغبة الشعب التي يُعبر عنها من خلال الندوات والتجمعات السلمية والتعبير عن الرأي بكل الطرق السلمية”.
وأكدت على أن نسبة تمثيل المرأة في المناصب العليا والسلك الدبلوماسي قليلة جدًا ولا تليق بالمرأة الفلسطينية ولا بكفاءتها ولا تعكس سوى إرادة صانع القرار الفلسطيني.
واختتمت بالقول: “نحن كشعب فلسطيني لا نريد أن نقارن أنفسنا في الدول المجاورة، لأننا بنضالنا وتعليمنا وثقافتنا أفضل بكثير من دول كثيرة ونستحق أن نكون بأوضاع معيشية وحقوقية أفضل مما نحن فيه”.
هذا ودارت أسئلة ومداخلات الحضور حول طرق مواجهة انتهاكات الإنسان، ودراسة علاقة تدهور الاقتصاد بزيادة انتهاكات الإنسان، وكيفية مواجهة تبريرات تلك الانتهاكات، وحول فعالية دور المجتمع المدني في مواجهة تغول السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية والقضائية وعلى حقوق الإنسان.
ومن الجدير ذكره، بأن النشاطات والفعاليات ضمن مشروع أكاديمية بال ثينك للديمقراطية وحقوق الانسان مستمرة، بالشراكة مع مؤسسة (IFA) الألمانية، خاصة وإن تلك الورش والحوارات والأوراق السياساتية والتقارير المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان متاحة على موقع “أكاديمية بال ثينك”، والتي تعد أيضاً منصة للشباب لنشر أبحاثهم، بالإضافة إلى كونها تضم ملتقى الديمقراطية والحوار الشبابي الذي يشكل حاضنة شبابية لمناقشة كافة الموضوعات القانونية والحقوقية.