أكدت على دعم موسكو الدائم لفلسطين، باحثة روسية: تناغم بين بوتين وترامب لقيادة الحرب على الارهاب
غزة –
تحدثت د. ايرنا الباحثة الروسية في شؤون الشرق الأوسط، مساء الأربعاء، حول عدة قضايا أبرزها التدخل الروسي في سوريا، والدور المنتظر في الملف الفلسطيني، والتناغم بين الرئيسين الروسي والأمريكي، ومخاطر الارهاب على العالم وسبل مواجهته.
وتناولت الباحثة الروسية د. إيربنا العديد من القضايا بحضور لفيف من السياسيين والباحثين ونشطاء المجتمع المدني في جلسة نظمها مركز بال ثينك للدراسات السياسية والاستراتيجية بالتعاون مع مؤسسة فريدريش أيبرت الالمانية عبر سكايب في قاعة لفل أب، بمدينة غزة. تحت عنوان: سياسة روسيا الخارجية تجاه قضايا الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية.
الملف الفلسطيني
وشددت د. إيرينا على دعم موسكو الكامل لحق اقامة دولة فلسطينية، واعتبار القضية الفلسطينية أهم قضايا الشرق الأوسط، وفق ما أكدت عليه قرارات الأمم المتحدة، ورفض القيادة الروسية استمرار بناء المستوطنات الاسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، ووصفت القيادة الاسرائيلية الحالية بانها “متزمتة ولا ترغب في الحوار”.
وبينت ان موسكو وجهت دعوة للفصائل الفلسطينية لاستضافة حوار فلسطيني داخلي بهدف انهاء الانقسام وتوحيد الرؤى والجهود الفلسطينية.
وأوضحت أن القضية الفلسطينية تراجعت بعد ما يسمى الربيع العربي، ولم تعد أولوية بسبب انشغال العالم بمستجدات الشرق الأوسط، في ظل فشل الحلول السابقة والمساعي التي لم تكن موفقة مثل خارطة الطريق.
التدخل الروسي في سوريا
وأرجعت الباحثة الروسية أسباب التدخل الروسي في الأزمة السورية لعدة أسباب على رأسها الخشية من تمدد الجماعات الارهابية خارج سوريا، والعمل داخل وسط أسيا وروسيا، ورفض موسكو تدخل أطراف خارجية لإسقاط الحكومات.
وأكدت أيضا ان التدخل العسكري الروسي يهدف الى الحفاظ على دول الشرق الأوسط من التفكك، بعد تجربة العراق، واعتراف الأمريكيين بأن ذرائعهم لاحتلال بغداد لم تكن حقيقية خاصة فيما يتعلق بالأسلحة النووية.
وقالت: إن تدخل موسكو جاء نتيجة رفض الولايات المتحدة محاربة الارهاب في سوريا، وعدم التعاطي مع مقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إقامة تحالف عالمي لمحاربة الارهاب، مما ادى الى اقامة تحالفين عسكريين منفصلين بقيادة كل من موسكو وواشنطن.
الارهاب وأمن روسيا ووسط أسيا
وعبرت عن خشية موسكو من انهيار دول الشرق الأوسط خاصة انهيار الدولة السورية وتحولها الى تجمع للجماعات الارهابية، ونقطة انطلاق نحو دول العالم بما فيها الأراضي الروسية التي يعد 14% من سكانها مسلمين وامكانية تشكيل خطر حقيقي على الأمن الروسي الداخلي، فضلا عن سعي الجماعات الارهابية استقطاب عناصر ومقاتلين من دول وسط أسيا ذات الكثافة الاسلامية، وتجنيد خلايا نائمة ممكن أن تتحرك في أي وقت.
وكشفت أن عدد المقاتلين في الجماعات الارهابية من دول وسط اسيا نحو 7000 إرهابي ممكن أن يعودا للنشاط في الدول التي جاؤوا منها والمساس بالاستقرار الداخلي الروسي.، محذرة من قدرات الجماعات الارهابية على تجنيد أفراد جدد عبر الانترنت، وتجنيدهم للعمل ضد الأمن والسلم في دول أخرى.
تناغم بوتين وترامب
وقالت أن وصول الرئيس الأمريكي الجديد رونالد ترامب الى البيت الأبيض أحدث تناغم بين واشنطن وموسكو في الموقف من محاربة الارهاب، وعبرت عن عدم تفاؤلها من مواقف ترامب تجاه القضية الفلسطينية في ضوء وعوده بنقل السفارة الأمريكية الى مدينة القدس المحتلة، الامر الذي سينعكس بشكل سلبي على المواقف الفلسطينية والعربية من الادارة الأمريكية الجديدة.
ندم روسي في ليبيا
وأشارت الى ندم روسيا لعدم منع اقامة منطقة حظر للطيران في ليبيا باستخدام حق الفيتو، واكتفائها بالامتناع عن التصويت في مجلس الأمن، مما سمح بتدخل دولي في ليبيا دون موافقة روسيا، التي رفضت قتل الرئيس الليبي معمر القذافي دون محاكمة، معتبرة أن مهمة اسقاط الحكام الديكتاتوريين هي مهمة شعوبهم وليس عبر التدخلات الخارجية.
تطوير التنسيق الروسي التركي
أوضحت أن العلاقات الروسية – التركية تحسنت بعد فشل الانقلاب في أنقرة، وتطورت العلاقات باتجاه تنسيق مشترك في قضايا الشرق الاوسط، كما بينت أن روسيا ليست الاتحاد السوفيتي ولا تمتلك قوته.
تفاعل الحضور
وعقب المشاركين في اللقاء بأسئلة متنوعة حول الدور الروسي في المنطقة والجهود الروسية المستقبلية في الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي، في نقاش مفتوح مع الباحثة الروسية التي ردت على أسئلة الحضور بتوضيح الجوانب التي لم تتطرق لها، وأدار أ. عمر شعبان مدير مركز بال ثينك للدراسات الاستراتيجية، وقدم الترجمة الفورية من الروسية للعربية وبالعكس د. نضال طومان.
وأكدت المداخلات على أهمية دور روسي متقدم في القضية الفلسطينية خاصة بعد الموقف الروسي الايجابي في مجلس الامن، مع التأكيد على عدم جدوى المطالبة بمفاوضات مباشرة جديدة بين الفلسطينيين والاسرائيليين نظرا لفشل هذه الوسيلة السياسية وعدم جدواها في المراحل السابقة.
وعبر المشاركون عن متابعتهم ووعيهم العميق بتطورات الموقف الروسي والعودة القوية للمياه الدافئة، والتواجد العسكري الكبير في البحر المتوسط انطلاقا من قاعدة طرطوس البحرية، فضلا عن اقامة قاعدة “إحميم” للسلاح الجوي.
واستعرض مشاركون أهمية الأسباب الاقتصادية للتدخل الروسي في سوريا لوقف مشاريع نقل الغاز الخليجي الى أوروبا ومدى تأثير ذلك على الاقتصاد الروسي والحد من نفوذ موسكو في الاتحاد الأوروبي.
وشدد مشاركون على أن التمدد الروسي جاء لتعزيز الحضور الروسي في منطقة الشرق الأوسط الهامة، باستقراء عوامل الجيوبولتيك ومنافسة الدور الأمريكي بعد الانسحاب من العراق، بالإضافة الى قلق روسيا من مساعي الغرب لاستقطاب أوكرانيا للمصالح الغربية وامتداداتها الاقتصادية والعسكرية والامنية على مقربة من حدود روسيا.
ورفض الحضور الربط بين الاسلام والعمل الارهابي، باعتبار أن الارهاب ظاهرة عالمية تأثرت بها كافة الديانات السماوية، وأكد الحضور على ضرورة ان يكون التدخل الروسي لصالح وحدة الدول وسلامة أراضيها من مشاريع التقسيم، ووحدة شعوبها بعيدا عن الفتن الطائفية وحقها في التعبير عن إرادتها وحريتها لجهة الديمقراطية والتنمية.