مؤتمر: “ازمة القضية الفلسطينية: استراتيجية الخروج من المأزق”
نظمت بال ثينك للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية مؤتمر بعنوان “ازمة القضية الفلسطينية: استراتيجية الخروج من المأزق”، والذي استضاف عدداً من المحللين السياسيين المحليين والدوليين، بالإضافة الى الدكتور صائب عريقات امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وكبير المفاوضين الفلسطينيين.
افتتح المؤتمر السيد عمر شعبان مدير بال ثينك للدراسات الاستراتيجية قائلاً “لم نكن نعلم ونحن نخطط لهذا المؤتمر ان يأتي موعده في مرحلة حاسمة، حيث يأتي هذا المؤتمر بعيد حدث تاريخي تمثل في رفع العلم الفلسطيني في الامم المتحدة”، منوها الى أن القضية الفلسطينية أصبحت أكثر نضوجاً وتبياناً على المستوى الدولي، فهناك العديد من الدول والمؤسسات بدأت تعترف بفلسطين وبأحقيتها في أن تملك دولة مستقلة.
كذلك أكد د. أسامة عنتر مدير برامج مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية في قطاع غزة على أهمية موضوع المؤتمر والمشاركين فيه، مشيرا إلى الصعوبات التي تمر بها قضيتنا الفلسطينية حيث أن معالم الازمة واضحة لذا يتوجب مواصلة البحث عن مخارج لها، وأكد د، عنتر أنه في الوقت الذي نطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته تجاه القضية الفلسطينية، نحن أيضا علينا مسؤوليتنا الخاصة وهي تتمثل بإنهاء الانقسام.
وفي كلمة الدكتور صائب عريقات امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وكبير المفاوضين الفلسطينيين أكد على ان العالم ينتصر بالقضية الفلسطينية، لكن إذا لم يتعاون الفلسطينيين مع أنفسهم في قضية المصالحة وإنهاء الانقسام فلن يساعدهم أحد وأشار إلى أن الرئيس أبو مازن استند إلى خطوتين اساسيتين في خطابه الأخير بالأمم المتحدة من خلال: في حال استمر الاحتلال على ما هو عليه، لن تستمر السلطة في الالتزام بالاتفاقيا، وركز على ان السلطة الفلسطينية تجهز نفسها من ناحية قانونية وسياسية واستراتيجية لتحدد مسار علاقتها مع الاحتلال، وعلى جميع أطياف الشعب الفلسطيني أن تتوحد في صفها لمواجهة الاحتلال، وأوضح أن استراتيجية الخروج من المأزق الفلسطيني تكمن في أن يواجه العالم سياسة الإرهاب الإسرائيلي التي ترتكبها العناصر المتطرفة فيه، مشدداً أن ذلك يتطلب إرادة سياسية قوية، وشدد على ضرورة أن يفكر الكل الفلسطيني بالانتقال من السلطة إلى الدولة بمكوناتها السياسية.
وأشار د. عريقات إلى أن هناك ثابت جوهري لدى السلطة في أنها لن تقبل بدولة دون قطاع غزة ولا دولة في قطاع غزة، مؤكداً أن حركة فتح تتفق مع حماس في كثير من القضايا الوطنية ولم يطالبها أحد بتغيير موقفها او مبادئها، لكن يجب عليها أن تؤيد تشكيل حكومة وطنية، وأشار الى أن سياسية نتنياهو تقوم على إبقاء غزة خارج نطاق السرب الفلسطيني وأن سياسية إسرائيل تدعم الانقسام وتساهم في ابقاءه، كما واوضح المبدأ الثاني الذي تقم عليه سياسة نتنياهو وهو إبقاء السلطة الفلسطينية في الضفة بدون صلاحيات، وأشار الى أن لا سبيل لدينا في الخلاص من خطط نتنياهو الا من خلال المصالحة وتحديد اهداف الصف الفلسطيني القائمة على الشراكة الوطنية.
وفي الجلسة الأولى للمؤتمر أشار د. أحمد يوسف، رئيس بيت الحكمة للاستشارات وحل النزاعات الى انه لا يمكن للواقع الفلسطيني أن يتغير من خلال عمليات تلقيح وإصلاح شكلي بل عن طريق عمليات اصلاح جذرية يتم في طياتها بناء استراتيجية فلسطينية تكون مقوماتها الوحدة الوطنية لتشمل كافة الفصائل الفلسطينية، كما وشدد على ضرورة إعادة صياغة النظام السياسي الفلسطيني ليتسنى له حل المشاكل الراهنة التي تواجه الفلسطينيين، ولمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، واكد على أن كل من طرفي الانقسام مسؤول عن الانقسام، وأشار الى أهمية اتباع فكرة “عفى الله عما سلف” من اجل الوصول الى اتفاق فلسطيني شامل.
اما في مداخلة الكاتب والناشط السياسي د. أسامة الفرا، اكد على انه يجب معالجة ولو بشكل سريع المؤثرات التي تعيق عمل المنظومة الفلسطينية مثل الاحتلال الذي بدأ بتصعيد الأمور في الضفة الغربية مؤخرا، من إطلاق العنان لمستوطنين ليثيروا الهجمات والصراعات في الضفة، وكذلك عدم الالزام بالاتفاقيات المبرمة، وكذلك أمريكا التي لم تتطرق لا من بعيد ولا من قريب للقضية الفلسطينية منذ مدة وهذا الامر يحتاج النظر فيه، وأيضا النظر الى التحول الملحوظ في وجهات النظر بالنسبة للدول الأوروبية والشعوب الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية فهناك تحرك في الاعترافات وان كان معنوي فهذا شيء إيجابي، ونوه الى ان التطورات في العالم العربي أضرت كثيرا بالقضية الفلسطينية ولم يعد هناك حرمة للدم الفلسطيني خاصة بعد أن اريق الدم السوري والعراقي والليبي واليمني.
وأوضح رئيس مركز ادم لحوار الحضارات، م. عماد الفالوجي، أن المشكلة الأكبر التي يواجها الفلسطينيون هو ان كلا طرفي الانقسام لا يعترف بانه في مأزق، وكل منهما يضع اللوم على الاخر، وأشار الى أن كل طرف يرى بانه حقق إنجازات على صعيده الخاص، ولكن يبقى السؤال هل هذه الإنجازات الموجودة ساهمت في دعم المشروع الوطني ام انها دعمت تراجع المشروع الوطني، ومن وجهة نظره، فلو كانت هذه الإنجازات حقيقية لما وصلت القضية الفلسطينية الى ما هي عليه الان.
وفي بداية الجلسة الثانية أشار ممثل سويسرا لدى السلطة الوطنية الفلسطينية، السيد بول جارنيير، الى ان سويسرا كانت ولا تزال ملتزمة بفكرة حل الدولتين وتدعم كل من يساهم في الوصل لهذا الحل، كما وشدد على أن المفاوضات هي الحل الوحيد الذي يجب على الجميع الالتزام به للوصول الى حل فيما يخص القضية الفلسطينية، يجب أيضا اللجوء الى كل الوساطات والدولية لتحقيق عملية السلام في الشرق الأوسط.
وأكد السيد جارنيير أن المفاوضات هي الحل الوحيد لحل الخلاف مع الاحتلال الإسرائيلي، وأنه يجب تفعيل أي جهد دولي لتفعيل عملية لإحلال السلام في الشرق الأوسط، وأشار الى أن هناك العديد من الانتهاكات تقوم بها إسرائيل يمكن لها أن تحول دون الوصول الى عملية سلام شاملة، فعلى المجتمع الدولي التدخل لوقف هذه الانتهاكات والوصول الى سلام، وأكد على أن التدخل الدولي لن يكون له أي قيمة إذا لم يكن هناك مصالحة وطنية بين الأطراف الفلسطينية.
اما بالنسبة لأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، د. عمر حمزاوي، أشار الى أن الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية تراجع في السنوات الأخيرة وهذا الامر يثقل من كاهل الفلسطينيين، وهذا يتطلب جهد كبير من الكل الفلسطيني لإعادة القضية الفلسطينية الى الواجهة، وشدد على أهمية اللجوء الى محاكم الجنايات الدولية لتقديم الاحتلال الإسرائيلي للعدالة وهذا قد يكفل للفلسطينيين حقوقهم المسلوبة، وأكد على ضرورة وجود التضامن العربي مع القضية الفلسطينية، وهذا لا يتحقق الى من خلال مبادرات شعبية تقوم بها فئات متخصصة تهدف الى إعادة النظر في القضية الفلسطينية، ويجب على الفلسطينيين أيضا العمل على إيصال القضية الفلسطينية الى كافة اقطار العالم من اجل تلقي الدعم الكافي للوصول الى حلول شاملة.
وفي الختام تحدث الدكتور نورمان فينكلشتاين، أستاذ العلوم السياسية: ان هنالك ثلاث خيارات امام الشعب الفلسطيني للتخلص من الاحتلال اولها المسار الدبلوماسي التي أنتج إتفاق أسلو الذي لم يستفد منه سوى نسبة ضئيلة جدا في حين بقي الشعب الفلسطيني دون أن ينعكس ذلك الاتفاق على وضعه في حين استفادت إسرائيل منه كثيرا، و المسار العسكري الذي لا يتناسب مع ظروف الشعب الفلسطيني، و مسار الانتفاضة الشعبية و الذي هو أكثر ملائمة وجدوى للحالة الفلسطينية، واختتم حديثه بان ما يجب فعله من طرف الشعب الفلسطيني هو كسب حب الشعوب الأخرى، لان الامل في الشعوب وذلك لقدرتها على التأثير في حكوماتها، وكذلك يجب على الفلسطينيين النظر الى القوانين الدولية التي تخدمهم في الوصول الى حل لهذه القضية.