مؤتمر “الحصار على غزة: تقييم الآثار واستراتيجيات المواجهة”
في مؤتمر نظمه بال ثينك للدراسات الاستراتيجية و بالتعاون مع مؤسسة هنرش بل الالمانية:
على المجتمع الدولي العمل لرفع الحصار عن قطاع غزة الذي يسبب أثارا مدمرة على قطاعات التعليم والمرأة والقطاع الخاص.
الاثنين 22/10/2012 – غزة
بالتعاون مع مؤسسة هنرش بل الالمانية، نظم بال ثينك للدراسات الاستراتيجية حيث حضر المؤتمر نخبة من ممثلي المجتمع المدني والمحللين والصحفيين والاكاديميين وممثلي الجهات المعنية. يهدف المؤتمر الى الوقوف على الرؤى المستقبلية والاستراتيجيات الممكن اتباعها في ظل الاوضاع الاقتصادية والسياسية الراهنة في قطاع غزة فيما يتعلق بقطاع التعليم العالي والقطاع الخاص وقضايا المرأة.
افتتح أ.عمر شعبان، مدير بال ثينك للدراسات الاستراتيجية، المؤتمر حيث رحب بالحضور وثمن حضور ممثلي مؤسسات المجتمع المدني والسيد رينيه وايلدانجل، مدير مؤسسة هنرش بول الالمانية، والسيد أليكسي ماسلوف، مدير مكتب الممثل الخاص للأمم المتحدة في الاراضي الفلسطينية. وأكد على اهمية تسليط الضوء على القطاعات المذكورة خاصة بعد مرور اكثر من 6 سنوات من الحصار على الشعب الفلسطيني. اشار عمر شعبان أن هذا المؤتمر يأتي للتذكير بأن الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة مازال على الرغم من إدعاءات الحكومة الاسرائيلية بأن غزة لم تعد محاصرة.
وتحدث السيد رينيه وايلدانجل عن مؤسسة هنرش بل الالمانية التي تشكل جزءاً من حركة الخضر السياسية التي نمت حول العالم ردا على السياسات التقليدية الاشتراكية والليبرالية والمحافظة ونوه الى مجالات عملها وهي الديموقراطية والبيئة والمرأة والسياسة الدولية, وقال ان مكتب الشرق الاوسط يتولى مشاريع وبرامج في الاراضي الفلسطينية ومصر والاردن وهي تسعى الى المساهمة بجهودها المتواضعة في التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني ورفع الحصار عن قطاع غزة. أكد السيد وايلدانجل أهمية تنظيم مثل هذه المؤتمرات لتوعية المجتمع الدولي بما يسببه الحصار على قطاع غزة، ومواصلة الضغط على الحكومات الغربية و المؤسسات الدولية كي تضطلع بعملها لرفع الحصار الظالم.
تلى ذلك كلمة السيد أليكسي ماسلوف مدير مكتب الانسكو بغزة وممثلا عن السيد روبرت سيري الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة يان كي مون، حيث ركز السيد ماسلوف على تقرير الامم المتحدة الذي صدر مؤخرا ويتحدث عن واقع غزة عام 2020. وأشار الى ان هذه الوثيقة يجب ان تتخذ كأداة دفاع قوية بيد المؤسسات الفلسطينية والدولية للتنبيه بأضرار الحصار, كما اشار الى ان السيد روبرت سري المنسق الخاص للأمم المتحدة في الاراضي الفلسطينية قد عرض هذا التقرير في جلسة مجلس الامن الاخيرة و قد صدم التقرير بإحصاءاته ومعلوماته الكثير من الاعضاء في مجلس الامن, واعلن انه سيتم اصدار نسخة عربية رسمية عن التقرير خلال الاسابيع القليلة القادمة. وأشار ماسلوف إلى أن هنالك 13 مؤسسة للأمم المتحدة تعمل في القطاع بمن فيهاالأونروا اكبر مؤسساتها في الضفة وغزة. هذه المؤسسات تنفذ مشاريع تقترب موازنتها من 835 مليون دولار، وسيضاف اليها 224 مليون دولار قريبا. هذه المبالغ تشير لحجم العمل الهائل للأمم المتحدة والعبء الكبير الذي تتحمله.
وفي الجلسة الاساسية للمؤتمر تم عرض ثلاث اوراق عمل تناولت تأثير الحصار على قطاعات التعليم العالي و القطاع الخاص والمرأة . حيث عرض الدكتور خالد صافي، أستاذ التاريخ المشارك بالجامعة الاسلامية، اثر الحصار على مؤسسات التعليم العالي في قطاع غزة، حيث تحدث عن اثر الحصار على الجامعات والكليات المتوسطة ومدى جاهزيتها الفنية وكذلك تطرق الى الاضرار التي تعرضت لها عقب الحرب الاخيرة على غزة، حيث ساهم الحصار في توقف المؤسسات الداعمة لمؤسسات التعليم العالي عن دعم مشاريع البنية التحتية والإنشاءات بسبب صعوبة تنفيذ المشاريع على أرض الواقع مما أدى إلى تراجع كبير في تطوير البنية التحتية والمباني في هذه الجامعات. كما ساهم ذلك في تراجع ميزانية الجامعات وانعكاس ذلك على مستوى مساعداتها وخدماتها للطلبة. كما وتحدث عن عرقلة استكمال الدراسات العليا والنشاط البحثي للطلبة والاكاديميين وقد تراجعت أيضاً الأنشطة الثقافية والأكاديمية في قطاع غزة سواء التي تقوم بها الجامعات أو المؤسسات الثقافية أو المكتبات العامة، بسبب انقطاع التواصل مع الضفة الغربية والقدس والخارج، وقلة التمويل، وتراجع الاهتمام العام. وتعرض الدكتور خالد صافي الى واقع الطلبة وصعوبة التنقل والسفر والانعكاسات المالية والاقتصادية، وضعف المستوى العلمي وتراجع المنظومة الوطنية والقيمية لديهم. وأوصى صافي بعدة توصيات منها: توفير الدعم الكافي للمؤسسات التعليمية وإلغاء القيود على التمويل، إقامة المباني الكافية في مؤسسات التعليم العالي لمعالجة الاكتظاظ في قاعات التدريس، وتوفير بنية تحتية مناسبة في الجامعات بما فيها المساحات الخضراء، تعزيز التواصل بين مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية على صعيد الوطن، وكذلك التواصل مع الجامعات العربية والإقليمية والدولية، وتوفير حرية السفر للمشاركة في المؤتمرات والندوات العلمية في الوطن والخارج، و تعزيز البحث العلمي، وإقامة بنية تحتية مناسبة من المكتبات التقليدية والإلكترونية.
تحدثت السيدة رهام الوحيدي، رئيس مجلس ادارة شركة اثر العالمية للاستشارات، عن اثر الحصار على القطاع الخاص في قطاع غزة وبعد تأكيدها على تدهور حالة القطاع الخاص بسبب الحصار من جهة والانقسام من جهة اخرى انتقلت الى مجموعة من الاستنتاجات والتوصيات اهمها: ضرورة الخروج من حالة الحصار او الانقسام السياسي الذي يعيق ويزيد من عبء مؤسسات القطاع الخاص، وتمكين مؤسسات القطاع الخاص المحورية التي تمثله، لأنها الصوت الذي يساهم في تشكيل المناخ الاقتصادي الذي يسمح للقطاع الخاص بالتطور، و كذلك ضرورة مراجعة برامج التشغيل والبطالة وتوجيهها بما يخدم مصالح الاقتصاد الوطني ، ودعت الى وجود نظام موحد يقدم الحوافز والدعم للقطاع الخاص، مع التركيز على مجموعة من القطاعات المهمة التي لديها عمالة عالية والتركيز في برامجها على الجودة والاستدامة. وذكرت في تعقيب لها على بعض الاستفسارات الى ان اغلاق الانفاق مع مصر في الربع الاول من 2012 ادى الى هبوط بنسبة 30% في حجم الواردات وان التمويل القطري القادم يستهدف قطاع البناء والانشاءات بشكل اساسي (254 مليون دولار) وان 62.2 % من العطاءات تتركز على البناء، وهذا ليس امرا استراتيجيا تبنى عليه برامج الاستدامة.
وأكدت هبة الزيان, باحثة في مجال التنمية والمرأة، على ان الازمة في قطاع غزة ليست انسانية وانما “أزمة انسان” تتعلق بكثير من القضايا( حقوق، حريات، كرامة، عيش كريم , …الخ) وأن المشكلات التي تواجهها غزة هي مشكلات تنموية بالأساس ولكن يتم ازاحتها لفتح المجال للبرامج والجهود الاغاثية. واشارت الزيان الى ان المشاركة السياسية للمرأة لا تترجم بشكل متساو مع المشاركة الاقتصادية والاجتماعية لها وان اهمية المشاركة السياسية للمرأة ومشاركتها في صناعة القرار ينتج عنه مساواة في النوع الاجتماعي، وبالنظر لواقع المشاركة السياسة والتمثيل في المجلس التشريعي فقد ارتفعت نسبة مشاركة المرأة من 5.6 في عام 1996 الى 12.9عام 2006،, لكن النساء المنتخبات في 2006 لم يجدن الاطار الذي يسمح لهن بالضغط نحو ممارسة وتنمية قضايا المرأة وذلك بسبب توقف العمل البرلماني التشريعي في غزة بعد 2006. كما ان العديد من اللجان التي انبثقت عن “المصالحة” المتوقفة لم تكن تشمل النساء ومن ذلك لجان حقوق المرأة والحريات. وخلصت السيدة الزيان الى العديد من التوصيات منها: المصالحة عنصر اساسي في اعادة عجلة التمكين السياسي للمرأة، لابد من وجود رؤية موحدة للأطر والاحزاب النسوية ودعم قيادات الصف الثاني, وكذلك ترجمة القرار الاممي المتعلق بالمرأة بشكل فلسطيني نظري، واعادة هيكلة الاحزاب السياسية بطريقة تدعم المرأة بشكل منطقي.
وفي حديثها عن قضية العنف ضد النساء ذكرت الزيان ان 51 % من النساء المتزوجات في قطاع غزة تعاني من عنف الازواج، مقارنة بالضفة الغربية التي تعاني فيها 29% فقط من المتزوجات من عنف الازواج حسب ما يشير اليه مركز الاحصاء الفلسطيني. هنالك ربط بحثي بين ارتفاع نسبة العنف ضد النساء والاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في تلك المناطق ولكن هذا ليس ربطا شرطيا فليس كل عائلة او شخص فقير هو عنيف، كما ان الاسر الغزية اصبحت مطواعة كثيرا فهي تجد بدائل لكل شيء، وكل طرف سواء الرجل والمرأة يتوقع من الطرف الاخر تولي الاعباء. .04% من النساء يذهبن لمراكز الحماية والدعم و66% يلتزمن الصمت. واوصت الزيان في هذا السياق بدعم المؤسسات التي تعمل على مبدأ ايواء وحماية النساء وتواصل جهود المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية في مناهضة العن , والبدء من المرحلة الاساسية (مرحلة التشكيل). كما وتطرقت للتمكين الاقتصادي للمرأة وأوضحت الى ان السوق في غزة مجندر يحتاج للنساء اكثر من الرجل، وانه ما يزال هنالك فجوة بين الدور الاقتصادي للنساء وحصولهن على حقوقهن الاقتصادية (الوصول للموارد والمصادر)، وانهن ما زلن يفتقرن للقروض والمشاريع الصغيرة. واوصت اخيرا بضرورة وجود برامج التمكين الاقتصادي التي تراعي المرأة كانسان وليس الوضع الاقتصادي لها بحد ذاته.
هذا وقد شهد المؤتمر حضورا كثيفا من ممثلي المجتمع المدني والاكاديمي وقطاع الاعمال والاعلام حيث تم تقديم مداخلات وتعقيبات قيمة من قبل الجمهور .
من الجدير ذكره ان بال ثينك للدراسات الاستراتيجية هي مؤسسة فكرية فلسطينية مسجلة في غزة في مارس 2007 تعمل في مجال تعزيز النقاش العلمي و التفكير المنهجي حول قضايا إستراتيجية تهم الشأن الفلسطيني و الاقليمي .
للاطلاع على ملخصات أوراق العمل: http://palthink.org/?p=248
للاطلاع على النسخة الانجليزية: http://palthink.org/en/?p=745