بدعم من الليكود، اليمين يهيمن على الساحة السياسية الإسرائيلية
ﻏﺰﺓ– نظمت مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية جلسة حوارية بعنوان “الانتخابات الإسرائيلية وتداعياتها على القضية الفلسطينية” عبر السكايب مع د.أسعد غـانم، المحاضر في قسم العلوم السياسية ورئيس قسم الحكم والفكر السياسي في جامعة حيفا، وذلك بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية ضمن مشروع “إبقاء القضية الفلسطينية على الأجندة السياسية الإقليمية والدولية”.
ورحب الأستاذ ﻋﻤﺮ ﺷﻌﺒﺎﻥ ﻣﺪﻳﺮ ﺑﺎﻝ ﺛﻴﻨﻚ للدراسات الاستراتيجية بالحضور ﻣﻦ النشطاء ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴن ﻭﺍﻷﻛﺎﺩﻳﻤﻴن وأكد على سعي مؤسسة بال ثينك المستمر في عقد مثل هذه الورشات لإثراء وتحفيز الفكر في المجتمع الفلسطيني. أيضاً نوه شعبان إلى ان الجلسة هي استكمال لسلسلة لقاءات تعقدها بال ثينك بالشراكة مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية، بهدف تعزيز الوعي الفلسطيني، والتغلب الحصار الفكري المفروض على الفلسطينيين في غزة؛ لتكوين فهم علمي وعميق للقضية الفلسطينية. وأشار شعبان الى نشاط د.أسعد غانم على الصعيد المجتمعي وليس فقط الأكاديمي.
وبدوره رحب ﺩ.ﺃﺳﺎﻣﺔ ﻋﻨﺘﺮ “ﻣﺪﻳﺮ برامج ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻓﺮﻳﺪﺭﻳﺶ ﺇﻳﺒﺮﺕ ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻴﺔ” بالحضور ونوه إلى فعّالية الشراكة مع بال ثينك واهمية التعاون لانجاح مثل هذه المشروعات، مشيراً أن السياسات الإسرائيلية هي من تحدد ماذا يأكل الفلسطينيين على طاولة طعامهم غداً؛ السياسية الإسرائيلية تؤثر علينا كفلسطينيين وليس العكس. أن الغالب في اسرائيل في هو الطابع اليميني المتطرف القومي ولا يوجد وسط في إسرائيل. نأمل من خلال مثل هذه الجلسات ان نفهم جيداً البيئة السياسية المحيطة و المؤثرة بنا.
ومن جهته أكد د.أسعد غـانم أن السؤال الدائر هو ليس فقط سؤال سياسي إسرائيلي داخلي؛ بل نحن كفلسطينين نعيش و منذ عام 1967 نتائج ما يحدث في إسرائيل. وتحدث عن مفتاحين مهمين بما يتعلق بسؤال الانتخابات :الأول هو أنه هل نحن أمام حالة سياسية حرجة يعني انتخابات ثورية؟ في الواقع نحن في مرحلة وجود بنيامين نتانياهو الذي يحاول فرض معادلة على الفلسطينيين وهي القبول بتسوية ومصالحة تاريخية والتسليم بوجود إسرائيل بما في ذلك القبول بدولة فلسطينية محدودة، واستمرار توسع المستوطنات، والقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، ومطالبة الفلسطينين بالاعتراف بالحق التاريخي لليهود في فلسطين، تنازل الفلسطينيين عن حق العودة، وتم تعزيز هذا الرأي من خلال وجود كتلة يمينية مانعة مهيمنة، وخاصة كون اليمين بسيطرة الليكود. الثاني هو وجود فكرة الكتلة أو الحزب المهمين، والذي هو اليمين المتطرف، والمحاولة للحصول على أكبر عدد من الأصوات والسعي نحو الهيمنة لبناء جدول الأعمال الخاص بكافة قطاعات الدولة. ان حزب الليكود ومنذ 2009 لم يصل لدرجة الحزب المهيمن؛ لكن منذ رحيل شارون وحزب اليمين هو المسيطر على السياسية الإسرائيلية، يبدو أن الكتلة اليمينة ستنجح في الانتخابات القادمة وتشكل حكومتها. في الواقع أن الليكود هو من يفرض جدول العمل السياسي، واليمين الاسرائيلي يحاول تغيير المشهد الإسرائيلي في كافة القطاعات ليس فقط بالنسبة للقضية الفلسطينية، بل المشهد الثقافي الاجتماعي الاقتصادي محاولاً السيطرة بفرض سياسته على كل القطاعات. الحزب الذي يمثل الشعب في إسرائيل هو الليكود، فهو يحصل ع أصوات الناخبين من كل قطاعات الشعب الإسرائيلي بالتالي يحصل على أصوات متوازية من جميع الطبقات.
هناك العديد من الاسباب التي أدت الى هيمنة وتصاعد اليمين في الساحة السياسية الاسرائيلية: بشكل اساسي منهج السياسات الاثنية في اسرائيل كان ؛ حيث انه منذ أوسلو تحوَل التصويت في الانتخابات على أساس إثني، فيُصوَت العرب للعرب والروس للروس وهكذا؛ مما أدى الى تعميق الهوية الاثنية في اسرائيل بالتالي إلى صعود التيارات السياسية التي كانت في المعارضة سابقاً، ويعتبر هذا تغيير اجتماعي عميق في إسرائيل وسياستها. أيضاً المظاهرة بخفة حدة الصراع الاسرائيلي الفلسطيني في آخر 20 سنة وهذا عملياً غير صحيح؛ بل ان الصراع تعمق اكثر بصعود اليمين ودور منظمة التحرير الفلسطينية، وزيادة قوة حماس في غزة. اضافة لذلك انتهاج سياسات التخويف من الأقليات في اسرائيل بما في ذلك المهاجرين والعرب،وتهويل الشعب الإسرائيلي من الفلسطينيين و استعمال الإسلام لتخويف الإسرائيل، وهذا يشبه منهجية اليمين الشعبوي المتطرف في أوروبا. أضف الى ذلك غياب اليسار الإسرائيلي عن الساحة السياسية خاصة بعد رحيل شخصيات مثل شمعون بيرس و رابي وبالتالي انتهاء اليسار في اسرائيل إلى مدى كبير.
وقد طرح المشاركون الكثير من الأسئلة القيّمة بما في ذلك: ما هو مستقبل دولة 67 في ظل الظروف؟ ما الذي يؤثر على الرأي العام الإسرائيلي؟ لا تعترف الحكومة الإسرائيلية بالكتلة العربية في إسرائيل، هل كتل إسرائيلية تدافع عن الفلسطينيين اجدى منهم؟. ما هو مستقبل العلاقة مع غزة بعد صعود اليمين والجنرالات.؟. في ظل هذا الواقع، استمرار حكومة اليمين، هل السياسة تجاه الحالة الفلسطينية بديلة؟ هل يؤثر التقارب بين إسرائيل و الدول العربية على الانتخابات بمعنى دعمهم لنتنياهو؟هل السياسات الحالية المتطرفة المتهورة ستؤدي لتغيير جذري في السلوك الإسرائيلي؟ ما هي المخاطر المترتبة على حل الدولتين إذا تشكلت حكومة موحدة جديدة؟ ما هي تداعيات تجاهل نتنياهو للسلطة الفلسطينية؟
يمكن تلخيص الوضع القائم في إسرائيل: أن النظام السياسي هو نظام كتل بإسرائيل، هناك نهاية براغماتية للأحزاب، الأحزاب في إسرائيل تسعى لتكوين ائتلافات مع اليمين وأصبحت غير قادرة على المناورة. والليكود هو صاحب القرار في إسرائيل. حكومة نتانياهو كانت الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، والحكومة القادمة أينً كانت ستكون أكثر يميناً. حتى لو صعد اليسار للحكم لن يسعى لإقامة دولة فلسطينية مجاورة، لقد تجاوزنا مسألة حل الدولتين أصلاً! حل الدولة الواحدة هو المشروع الذي يجب التفكير فيه حاليا خاصة في ظل غياب المشروع السياسي الفلسطيني عن الساحة، فلا يوجد سياسة أو دور فلسطيني بالداخل أو الخارج، وفقدان الفلسطينيين الثقة في قدرة القيادة السياسية سواء في الداخل والخارج والعالم العربي، والعالم ككل على إنجاز أي حل للصراع بشكل عادل. ويبقى السؤال الذي علينا أن نسأله جميعا للقيادة الفلسطينية في الـ 48 هو: كيف بإمكانهم قيادة الفلسطينيين في ظل هذا الوضع المتردي خاصة انه هناك الكثير من التكهنات ويبدو أن اليمين هو الكتلة المسيطرة والتي ستهيمن لاحقا؟
أخيراً، من الضروري إعادة بناء القيادة الفلسطينية في الضفة وغزة والـ 48. بالنسبة لحزب اليمين فهو موجود و الليكود مهيمن ومسيطر ولا يبدو ان سيكون هناك تغيرات جذرية في السياسة الإسرائيلية في السنوات القادمة. أما بالنسبة لغزة، أجمل شيء لإسرائيل هو الانقسام الفلسطيني، وهو أكبر هدية لليمين الإسرائيلي وهذا الوضع المثالي. بالنسبة لصفقة القرن الفلسطينيين هم من يقرروا مصيرهم بأنفسهم وليس القيادات.