جلسة بعنوان “موقف الاتحاد الأوروبي تجاه خطة الضم الإسرائيلية”
نظمت بال ثينك للدراسات الاستراتيجية أمس الاثنين وبالشراكة مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية، جلسة حوار بعنوان “موقف الاتحاد الأوروبي تجاه خطة الضم الإسرائيلية”، والتي استضافت فيها عبر برنامج الزوم د. بيث أوبنهايم الخبيرة في السياسية الأوروبية الخارجية، وبحضور نخبة من المثقفين والباحثين والمهتمين، وذلك لتعزيز القضايا التي تهم حاضر ومستقبل الشعب الفلسطيني.
وافتتح الجلسة مدير مؤسسة “بال ثينك” أ. عمر شعبان بالترحيب بضيفة الجلسة وبالحضور الكريم، وقال إن مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية وهي مؤسسة تفاكر وبحث فلسطينية، تواصل عملها في مناقشة القضايا السياسية التي تعني الشأن الفلسطيني والدولي اليوم.
بدوره، تحدث من القدس عبر زووم أ. هانيس ألبين مدير مؤسسة ” فريدريش إيبرت الألمانية” في فلسطين معبراً عن سعادته بالتعاون والشراكة مع “بال ثينك”، وقال: “إننا بحثنا كثيراً في قضية الضم. البعض يقول إنه من الممكن أن يكون هناك ضم لمناطق صغيرة فقط، ولكن هذا أيضا خرق للقانون الدولي”.
وأضاف: “خلال حديثي الواسع مع عدد كبير جدا مع السياسيين في ألمانيا والمنطقة، لاحظت وجود تحول حقيقي في فهم وإدراك القضية الفلسطينية، ولطبيعية الصراع والقرارات الاسرائيلية والأثار المترتبة على عملية الضم. واختتم قائلا: “أعتقد أن هناك تغيرات واضحة المعالم في الفترة الأخيرة على مستوى الوطن العربي وأوروبا، وتغيرات حقيقية على مستوى الساسة الأوروبيين عامة والألمان خاصة تجاه الصراع، وبالطبع نحن ننظر إلى دور فعّال أكثر من الدور الحالي. يوجد تغير حقيقي، لقد أصبحت القضية الفلسطينية قضية أساسية في أوروبا كما كانت القضية السورية والليبية واليمنية في السنوات الماضية”.
من جهتها، أوضحت د. بيث أوبنهايم أنها ليست متفائلة كثيرا حول الموقف الأوروبي، لأنه منقسم حول ذاته في هذه القضية. وقالت: “لا شك أن الاتحاد الأوروبي مناهض للضم لكن موقفه لن يكون حازما، لأن القرار في الاتحاد الأوروبي يستوجب الإجماع بين أعضائه الـ 27. وهناك الكثير من المؤسسات والتكتلات ومراكز اتخاذ القرار في أوروبا. فيمكن للاتحاد الأوروبي أن يجتمع بسهولة على قضية داخلية، لكن عندما يتعلق الأمر بقضية خارجية يصبح الأمر أكثر صعوبة وخاصة عندما يتعلق الأمر بالصراع العربي الإسرائيلي”.
وأضافت: “في الماضي كان الاتحاد الأوروبي يحصل على الإجماع حتى فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط، وسابقا كانت فرنسا وبريطانيا وألمانيا هي الدول ذات التأثير الاكبر على موقف الاتحاد الاوربي، ولكن بعد خروج بريطانيا أصبح هناك دور للدول الصغيرة. وبوضوح، نجحت السياسة الاسرائيلية في تقسيم وشرذمة الاتحاد الأوروبي، لأن هناك دول صغيرة في الاتحاد الأوروبي تتمتع بعلاقات اقتصادية متينة مع إسرائيل، وترى أن علاقتها مع إسرائيل استراتيجية وتمنعها من اتخاذ موقف مناهض لها، وبالتالي أصبح الاتحاد الأوروبي أقل قدرة على اتخاذ القرارات الخارجية”.
وتابعت: “هناك عوامل أخرى تؤثر على قدرة الاتحاد الأوروبي على اتخاذ موقف يُجمَع عليه تجاه إسرائيل، منها موضوع الهولوكست، فهناك دول ما زال يمنعها الماضي من إـتخاذ موقف مناهضة للموقف الاسرائيلي. مثل هنغاريا التي برز فيها اليمين بشكل ملحوظ والذي يدعم السياسة الإسرائيلية. وهناك دول ترفض أن يكون هناك أي إجماع أوروبي على موقف ضد إسرائيل حفاظا على علاقاتها معها لأنها مرتبطة باتفاقات اقتصادية وأمنية إستراتيجية. بالإضافة لوجود عدة تكتلات داخل الاتحاد الأوربي تجاه قضية الضم وهذا سيصعب من الوصول لموقف أوروبي مجمع عليه”.
وأردفت: “طالبت دول أوروبا بتطبيق عقوبات ضد روسيا عندما ضمت جزيرة القرم عام 2014، فهل ستتم المطالبة بمعاقبة إسرائيل على الضم؟ وبالتالي هذا سيحدث شرخا في كيفية تطبيق القانون الدولي.
بعض الدول الاوروبية تعتبر الضم إنتهاكاً للقانون الدولي وكذلك نهاية لحل الدولتين وهو الموقف الذي تبناه الاتحاد الاوروبي منذ ثلاثة عقود. وهناك دول أيضا تخشى من تداعيات الضم على الاستقرار في المنطقة وهذا سيوتر العلاقات في الشرق الأوسط. وأيضا الضم يهدد وحدة أوروبا الشرقية لأن هناك الكثير من الأقليات من الممكن أن تطالب بالاستقلال، أو رغبة بعض الدول في ضم أجزاء أخرى. فالمسألة إذن ليست متعلقة بالشرق الأوسط، إنما تعكس نفسها على الاتحاد الأوروبي”.
وأضافت: “لا نعرف ماذا يدور بعقل نتنياهو، هل سيكون الضم جزئيا أو كليا أو أن يتخلى عنه. ورغم هذا، فإن بعض الدول الأوروبية ترى أن إسرائيل يجب أن تتحمل بعض التبعات على الضم حتى لو كانت على الصعيد التكنلوجي أو الاقتصادي. وبعض الدول قد تتخذ أفعال بشكل منفرد، مثل: تجميد اتفاقية التبادل الحر بين أوروبا وإسرائيل، وتمييز بضاعة المستوطنات أو مقاطعتها. وبما يتعلق بالجانب الفلسطيني، زيادة الدعم للفلسطينيين، وقد يدعم الاتحاد الأوروبي المصالحة الفلسطينية، وتمويل السلطة الفلسطينية وتعزيز دورها. فالدول التي لا تستطيع معاقبة إسرائيل قد تعوض ذلك بدعم السلطة الفلسطينية”.
واختتمت بالقول: “هذا هو الوقت المناسب لأوروبا لأخذ موقف حاسم وتأكيد مصداقيتها، وتعوض التردد في سياستها خلال سنواتها الماضية.