جلسة حوارية مع جهاد حرب حول البدائل المرحلية لتحقيق الوحدة الوطنية.
نظمت بال ثينك للدراسات الاستراتيجية، جلسة حوارية عبر برنامج الزوم حول ورقة سياساتية بعنوان “بعد ثلاثة عشر عاما على الانقسام: بدائل مرحلية بين الوحدة والانفصال” للباحث جهاد حرب وذلك ضمن برنامج “حوار في مقالة” الذي أطلقته المؤسسة لإثارة النقاش حول قضايا فلسطينية هامة مع مجموعة من المختصين في الشأن السياسي والاقتصادي.
وافتتح الجلسة مدير مؤسسة “بال ثينك” أ. عمر شعبان بالترحيب بالمشاركين، وقال: “متابعة لعمل بال ثينك كمؤسسة بحث وتفاكر فلسطينية تعمل من يناير 2007، نطلق برنامجاً بعنوان حوار في مقالة، لإثراء النقاش حول قضايا تهم الشعب الفلسطيني بشكل خاص، لتسليط الضوء على بعض المقالات النوعية المتميزة التي تمر مرور الكرام دون تسليط الضوء عليها. وستعقد جلسات الحوار كل أسبوعين، وسنستضيف الكاتب أو الباحث لإثارة النقاش مع مجموعة من المختصين في الشأن السياسي والاقتصادي”.
وأضاف: “هذه المقالة حملت جديداً، إذ تقوم على فكرة أن المصالحة الكاملة الموحدة قد لا تتحقق قريباً، ومن المستحيل علينا كفلسطينيين الاستمرار بهذه الحالة (الانقسام). أشار أ. جهاد في مقاله إلى بعض المؤشرات المرعبة التي تظهر حجم الفجوة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والنفسي بين جزئي الوطن. ومن يتنقل بين الضفة والقطاع يشعر بحجم الاختلاف. لذا علينا البحث عن حلول وسطية، لتكون جسراً ينقلنا إلى المستقبل وإلى الوحدة الوطنية الكاملة على المستوى السياسي والاجتماعي”.
الجدير ذكره أن هذه الورقة صدرت عن المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والبحثية وقدمت ثلاثة بدائل وحاكمتهم، بدوره، استهل الباحث جهاد حرب حديثه بشكر “بال ثينك” على جهودها، وقال: “إن المؤتمر الذي عقده كل من: عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” جبريل رجوب، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في الثاني من يوليو2020، أعطى البعض الأمل، لكن في الحقيقية لم يكن الطرفان يحملان أي رؤية حقيقية لإنهاء الانقسام. وتجنبا لأي لبس، فالخيار الرئيس بالنسبة لي هو إنهاء الانقسام وإعادة الوحدة الوطنية وتوحيد مؤسسات وبرامج السلطة الفلسطينية. لكن في ظل الوضع الحالي وعدم وجود آفاق لإنهاء الانقسام، وَضعتُ ثلاثة بدائل وهي: اتحاد كونفدرالي بين الضفة الغربية قطاع غزة، أو اتحاد فيدرالي بينهما، أو اعتماد اللامركزية الإدارية”.
وأضاف: “تستند المفاضلة بين البدائل الثلاثة المؤقتة والمرحلية على أربعة اعتبارات هي: قدرتها على تقصير الفترة الانتقالية لإنهاء الانقسام، وقبول الرأي العام الفلسطيني لها، وإسهامها في رسم مستقبل بناء الدولة، ومدى نجاحها في بناء نظام سياسي ديمقراطي. أما خلفيات هذه الورقة فهي: التشاؤم الشعبي المنتشر بين الفلسطينيين والانقسام، وتأثير الانقسام على الفجوة الاقتصادية بين الضفة والقطاع، ومستقبل الديموقراطية، ومحاور الصراع الإقليمي على حساب الفلسطينيين”.
وتابع: “البديل الأول هو إقامة اتحاد كونفدرالي بين الضفة والقطاع ويستند هذا البديل المؤقت على إقامة كيانين أو “دولتين” منفصلتين، واحدة في قطاع غزة وأخرى في الضفة الغربية، لكنهما ترتبطان بعلاقات اقتصادية مشتركة ومواقفهما السياسية الخارجية موحدان ضمن مجلس مشترك أمام المجتمع الدولي. يتيح هذا البديل إمكانية بناء نظم مؤسساتية منفصلة ومنح شرعية لها من خلال إجراء انتخابات. ويمكن اختيار شكل النظام السياسي وحدوده ونوع النظام الاقتصادي. لكن هذا البديل يزيد من مخاطر الانفصال السياسي بين الضفة والقطاع، وإمكانية عدم تحقيق الوحدة، والخوف من ترويج إسرائيل أن الدولة الفلسطينية قائمة في غزة لتستفرد بالضفة”.
وأردف: “البديل الثاني: تبني النظام الفيدرالي ويتمثل هذا البديل بوجود وحدة لا مركزية سياسية وإدارية؛ بحيث يتولى كل “إقليم” انتهاج ســياســات اقتصــادية ونظام ضــرائبي. كما أن النظام القانوني والتعليمي قد يكونان مختلفان. وتوجد فيه سيطرة للسلطات الإقليمية على قوى الأمن. كما أن الســلطات الإقليمية تســتمد صــلاحيتها السياسية والإدارية من الدستور، فيما تتولى الحكومة المركزية شؤون العلاقات الخارجية وتوقيع الاتفاقيات والدفاع. يُبقي هـذا البـديـل على الوحـدة المركزيـة للفلســـــــطينيين في دولـة واحـدة مع الاخـذ بالاعتبـار الاحتيـاجـات والظروف والقـدرات الاقتصــــــادية والثقافية لســــــكان كل إقليم على حدا. ويتيح إمكانية قيام نظام ديمقراطي في كل إقليم وعلى المســــــتوى الوطني باعتباره مرحلة انتقالية للعودة التدريجية للوحدة الكاملة للإقليمين. لكن يبقي هذا البديل امكانية الانفصـــال قائمة في ظل وجود منظومتين قانونيين مختلفتين يتمســـك كل إقليم بصـــوابية نظامه؛ وقد لا يحقق الوحدة الوطنية”.
وأضاف: “البديل الثالث هو اعتماد الوحدة اللامركزية بوجود ســلطة ســياســية مركزية ولكن مع لامركزية إدارية. يقتضـــي هذا الاقتراح وجود ســـلطتين إقليميتين إداريتين في الضـــفة الغربية وقطاع غزة يتم إنشـــائهما بقرار إداري من الســـلطة المركزية، ويمكن توسـيع أو تقليص صـلاحيات كل منهما، وما تتوليان من تنسـيق خطط وجهود السـلطات المحلية في كل إقليم، حيث أن كل إقليم يتمتع بدرجة من التجانس الاقتصـــادي والإداري الداخلي يمكن معها اعتباره وحدة مســـتقلة. تتولى السـلطة المركزية اتخاذ القرارات الرئيســية وتبني سياسات اقتصــادية واحدة، فيما تتولى الســلطات الإقليمية والمحلية تبني نظام ضــريبي محلي ووجود موازنات محلية مســـتقلة ومختلفة، ووجود عناصـر مشـتركة في النظام القانوني والتعليمي على مســـتوى الدولة وأخرى محلية، وتتشـــارك كل من الســـلطات المركزية والإقليمية والمحلية في الســـيطرة على قوى الأمن وفق قواعد محددة، مما يخفف من قبضـــة الســلطة المركزية على الأجهزة الأمنية ويساهم في تعزيز مهنيّتها”.
واختتم بالقول: “البديل الثالث هو الأكثر قدرة على خلق هذا التوازن في ظل الظروف الراهنة لأنه يوفر آليات وأدوات الانصهار الوطني، ويعزز الوحدة بين الضـــفة الغربية وقطاع غزة، ويراعي الاحتياجات والظروف والقدرات الاقتصـادية والثقافية لســـكان كل إقليم على حدا. كما يتيح تبني التنمية المحلية على أســـاس اللامركزية الإدارية في البلاد، ويمنح إمكانية اجراء الانتخابات العامة لتعزيز مشـروعية النظام السـياسـي ويحد من مخاطر الانتقال الديمقراطي. يحد هذا البديل من مخاطر الانفصـال مسـتقبلا بخلاف البديلين الأخريين، وهو ما ينســـجم مع موقف الأغلبية في الرأي العام الفلســـطيني الرافضة بشـــكل كبير لإمكانية وجود قيام أشـكال أخرى من العلاقة بين جناحي الكيان الفلسـطيني كالكونفدرالية أو الفيدرالية”.
هذا ودارت أسئلة المشاركين حول إمكانية إصلاح منظمة التحرير ودوره في تحقيق الوحدة الوطنية، ومخاطر قيام اتحاد فدرالي أو كونفدرالي تحت الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة، وإمكانية إنهاء الانقسام بالكامل وتطبيق اتفاقيات المصالحة السابقة.
للاطلاع على ورقة الباحث: http://pcpsr.org/ar/node/816