ابداعات شبابية : دور الثقافة في مواجهة العنف المبني على النوع الاجتماعي.
دور الثقافة الفلسطينية في الحد من العنف، وتحدياتها، هذا ما تم مناقشته من قبل الباحث عبد الله أبو شملة والباحثة مي الصوص في ورقتهما البحثية بعنوان “دور الأنشطة الثقافية في مواجهة العنف المبني على النوع الاجتماعي” في الحلقة الاذاعية الثالثة من برنامج ابداعات شبابية وذلك ضمن مشروع “كتابة بحثية في النوع الاجتماعي والنسوي” الذي تنفذه مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية بتمويل من حكومة كندا
وقال الكاتب الفلسطيني يسري الغول في مداخلته في الحلقة: “نؤمن بدور المرأة في المجتمع. المرأة الفلسطينية امرأة مقاومة في العمل وفي البيت وفي كل مكان، لذلك نحن نحترم دورها النضالي والإنساني في المجتمع الفلسطيني. ونحن من خلال ما نكتب نوصل رسالة للعالم أن المرأة الفلسطينية شأنها شأن أي امرأة في العالم، وعليها أن تحصل على كافة حقوقها لذلك نحن مع توجه المؤسسات الداعمة لحقوق المرأة”.
وأضاف: “نحن في قطاع غزة والضفة الغربية نعاني من أزمات ناتجة عن وجود احتلال يرزح على الأرض، ناهيك عن الحصار وقطع رواتب وأزمات أخرى كارتفاع في الأسعار وضيق الأرض، فكل هذه التراكمات تؤثر على الجنسين. أحيانا يقوم الرجل بدور تعسفي ضد المرأة، لذلك نحن بحاجة للوصول إلى حل. نحن ككتاب لا نستطيع أو نملك سوى الكتابة، لكن الاقتصاد هو أساس كل الواقع المرير الذي يعاني منه المواطن الفلسطيني، والمرأة هي الحلقة الأضعف في غزة”.
وأشار الغول إلى أن الأنشطة الثقافية العربية بشكل عام تعاني من قلة التمويل، والمؤسسات الأهلية في قطاع غزة تعاني من ذلك، لذلك من الضروري دعم الثقافة والأنشطة الثقافية، وهناك حاجة ملحة لتقديم المرأة في الواقع الثقافي، لأن الثقافة هي التي تشكل الهوية الجامعة للفلسطينيين.
كما ألقى الكاتب اللوم على الاحتلال بالدرجة الأولى لأنه يمنع الكتاب والفنانين من السفر، ويمنع دخول الكتب إلى قطاع غزة، ويغتال المثقف الفلسطيني كما حصل مع غسان كنفاني.
واختتم بالقول: “الفن المرئي هو أكثر تأثيرا من المسموع الذي هو أكثر تأثيرا من المقروء، لذلك الأفلام والمسلسلات أي السينما والدراما هي الأكثر تأثيرا في المشهد الثقافي”.
من جهتها، قال الباحثة مي الصوص: “ناقشنا في الورقة البحثية مدى مساهمة الانشطة الثقافية في معالجة قضايا العنف المبنية على النوع الاجتماعي في قطاع غزة، في الوقت الذي ارتفعت معدلاته في ظل جائحة كورونا”.
وأشارت إلى أن هدف الورقة هو تعزيز الأنشطة الثقافة في كافة المؤسسات المجتمعية لمعالجة قضايا العنف المبني على النوع الاجتماعي، وزيادة وعي الناس بهذه القضايا وإشراكهم في وضع الحلول لها عن طريق هذه الأنشطة، وتعريف الناس بالأماكن المتخصصة لحلها.
وأضافت الصوص: “ذلك يفيد في إبراز أهمية الأنشطة الثقافية في معالجة قضايا العنف المبني على النوع الاجتماعي، ودعم المشاريع المتعلقة به، والعمل على نشرها للوصول لكافة شرائح المجتمع”.
ونوهت بأن الواقع الثقافي في قطاع غزة يشهد تراجعًا كبيرًا لما يجب أن يكون عليه، إذ بلغ عدد الأنشطة الثقافية في قطاع غزة 953 نشاطا ثقافيا في مختلف المؤسسات حسب الإحصاء المركزي الفلسطيني عام 2019. وهذا يشكل فجوة كبيرة وقصور تحول دون تنفيذ هذه الأنشطة.
كما أجرى الباحثان أ مقابلات مع كُتاب وحكواتي ومخرج، وجميعهم أجمعوا على تدهور الوضع الثقافي في قطاع غزة.
بدوره، أوضح الباحث عبد الله أبو شملة أبرز المعيقات التي تعيق الثقافة الفلسطينية في مواجهة العنف القائم على النوع الاجتماعي، ومنها: ممارسات الاحتلال ، والانقسام والعادات والتقاليد، وعدم وجود استراتيجية منظمة ومخططة من قبل وزارة الثقافة، وضعف التمويل المقدم لهذه الأنشطة، وقلة وجود العاملين في هذه الأنشطة وغياب الرؤية الحقيقية والرسالة من العاملين في الأنشطة الثقافية.
وقال إن أكبر التحديات التي تعاني منها المؤسسات الثقافية هي نقص التمويل والقيود الموضوعة من قبل الحكومة، وعدم وجود تراخيص للمؤسسات الثقافية، وهناك انطباعات اجتماعية معارضة لبعض الأنشطة كالموسيقى ومشاركة المرأة في المسرح.
وبين الباحث أن الورقة البحثية توصلت إلى عدة نتائج، مثل :أهمية الأنشطة الثقافية في معالجة قضايا العنف المبني على النوع الاجتماعي التي تعمل على رفع الوعي تجاه هذه القضايا، وهناك غياب لوزارة الثقافة في غزة ولدورها في نشر الأنشطة الثقافية التوعية في معظم الميادين، ووجود نقص في التمويل الداخلي والخارجي لنشر الأنشطة الثقافية.
وتوصل الباحثان إلى عدة توصيات، وهي: ضرورة التوعية بأهمية الأنشطة الثقافية والعمل على تبني خياراته الواسعة لإيجاد حلول للحد من ظاهرة العنف المبني على النوع الاجتماعي، وتخصيص دعم مادي للأنشطة الثقافية المتعلقة بقضايا العنف المبني على النوع الاجتماعي من قبل وزارة الثقافة، وخلق لوبي ثقافي للعمل على نشر هذه الأنشطة يتضمن ممثلين وكتاب وموسيقيين ورسامين ومن لديه اهتمام في الحد من العنف ضد المرأة، والعمل على وجود حماية للعاملين في الأنشطة الثقافية من تأمين مادي، ومعاملته كأي موظف في القطاع الحكومي.