خلال برنامج “حوار مع الشباب”؛ بال ثينك تناقش آليات تعزيز القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في المجتمع الفلسطيني
استكمالا لجهودها في تمكين الشباب منذ نشأتها، نفذت مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية الحلقة الإذاعية الرابعة بعنوان “آليات تعزيز القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في المجتمع الفلسطيني” من برنامج “حوار مع الشباب” الذي يُبث عبر إذاعة زمن المحلية ظهر كل أحد، ضمن مشروع “التثقيف المدني” الممول من الصندوق الوطني للديمقراطية “NED”، الذي يهدف إلى تعزيز القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان لدى طلبة الجامعات.
وكان ضيوف الحلقة كل من: المحامي والباحث القانوني عبد الله شرشرة، وعضوتا هيئة التثقيف المدني في “بال ثينك” حنين لولو، وآية أبو حطب التي استهلت حديثها عن طبيعية الهيئة.
وقالت: “تقدمنا في البداية بطلبات للانتساب لهيئة التثقيف في بال ثينك، وخضنا مقابلات شخصية، وتم اختيار 25 شاب/ة. ثم تلقينا تدريبات مكثفة حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والحوكمة والحكم الرشيد، على يد خبراء”.
وأشارت إلى أن المشروع قد أفادها بشكل كبير، إذ كان من مخرجاته عقد سلسة ورش عمل في الجامعات وبعض المؤسسات، “وكانت لأول مرة أقوم فيها بتثقيف أقراني حول مواضيع الديمقراطية والموضوعات التي تدربنا عليها”.
وعن كيفية النهوض بحقوق الإنسان في فلسطين، قالت أبو حطب: “علينا أن نخلق إيمانا عند الأفراد بأهمية حقوق الإنسان. وللأسف لو سألنا الكثير منهم لوجدناهم لا يؤمنون بعمل مؤسسات حقوق الإنسان، فعلينا أن نصحح معتقدات الناس حول حقوق الإنسان، وخلق منظومة فكرية جديدة تعمل على احترام الفرد وحقوقه ومنع الاعتداء على حقوقه بأي شكل، وأن تكون المرجعية السياسية والاقتصادية للجميع أساسها إنساني، وأن نعمل على تدريب الشباب ليشاركوا في الحياة السياسية، وأن نخرجهم من الطاعة العمياء للموروث الثقافي”.
وأضافت: “الشباب هي الفئة المُعول عليها للتغير، فكل حركات التغيير في التاريخ قادها الشباب، فدورهم الأول هو دور توعوي، واكتساب معرفة بالحقوق والواجبات، ثم ينقلوا معرفتهم ومفاهيم حقوق الإنسان لغيرهم”.
وأوضحت أبو حطب أن من أبرز معيقات تطبيق حقوق الإنسان هو قلة الوعي وعدم الايمان بمبادئ حقوق الانسان، بالإضافة إلى الموروث الثقافي في المجتمع، وتأثير الفوارق الطبقية.
من جهتها، استهلت عضوة الهيئة حنين لولو حديثها بشكر “بال ثينك” على إتاحة هذه الفرصة للشباب للتعبير عن أنفسهم دون قيد أو شرط. وقالت: “من أفضل الأمور التي لمستها هي روح العمل كفريق، بجانب إقبال الطلبة، إذ شاهدنا عطشاً للمعرفة عند الطلبة لأن اللقاءات غير قائمة على التلقين، بل على تبادل المعلومات”.
وأضافت: “الهدف الأساسي من تعزيز حقوق الإنسان بين المواطنين هو تشكيل مواطن صالح يشارك في نظام حكم بكل شروطه ومقوماته وهذا من خلال تدريب الشباب على المشاركة الواعية والسلوك الرشيد، ومن خلال تدريب المؤسسات الشباب على قضايا حقوق الإنسان لنشر قيم المواطنة والولاء للوطن”.
وأشارت لولو إلى أن دور الشباب في نشر حقوق الإنسان يكون من خلال التدريب والتعليم والإعلام ونقل المعرفة والمهارات.
بدوره، قال المحامي عبد الله شرشرة إن حقوق الإنسان ببساطة هي كل الأمور التي يشعر أي إنسان أنها من حقه بالفطرة، وتطورها له علاقة بتطور البشرية والعالم، وهي نتاج الكوارث التي عاشها البشر كالحروب العالمية والكوارث وغيرها. مشيراً إلى أن حرمان البشر من حقوقهم يؤدي إلى حروب مدمرة.
وأوضح أن مبادئ حقوق الإنسان هي المبادئ التي تعلم العالم أنها حقوق أساسية يجب أن يتمتع بها الجميع.
“حقوق الإنسان في فلسطين متردية”
وأضاف: “حالة حقوق الإنسان في فلسطين متردية للغاية، وان حقوق الإنسان متصلة ومتكاملة، فمثلا حرماننا من حق الانتخاب هذا يعني أننا محرومون من حقوق كثيرة. أيضا حالة حقوق الإنسان داخليا سيئة، ومن أسبابها تدهور الوضع الاقتصادي الذي يلقي بثقله على حقوق الإنسان. ومن الضروري ذكر أنه لا يوجد شعب فقير ويأخذ حقوقه. فالانتهاكات التي نعيشها مركبة، ونحن من أكثر الشعوب التي تتعرض لضغط وانتهاكات مركبة ومركزة لحقوق الإنسان”.
وأشار شرشرة إلى أن هناك ثلاث محددات رئيسية تحدد وضع حقوق الإنسان في فلسطين: أولاُ الوضع السياسي في فلسطين حيث يوجد الانقسام، ثانياً الوضع الاقتصادي، فالبطالة والفقر مرتفعان، وهذا يعني أن الحق في العيش الملائم والحق في العمل مفقودان، ثالثاً الاحتلال الذي يؤثر على عدة مجالات ومستويات ومنها حقوق الانسان.
طرق التغير
وقال المحامي: “لو أردنا تغيير الواقع، يجب علينا إدراك الواقع، فمعظم الشباب وغيرهم غير مدركين لحقوقهم. فمثلا الحق في العمل، أقل من 4 في المئة من العمال لديهم عقود عمل، حتى الفئات المثقفة كالصحفيين، معظمهم يعملون دون عقود عمل، ويتعرضون لانتهاكات وظيفية. لو نظرنا فقط للتأمين الصحي، لوجدنا أن معظم السكان يعيشون على التأمين الحكومي الذي يقدم خدمات حكومية بسيطة. لو نظرنا مثلا للحق في التعليم، لوجدنا العامين الماضيين فيهما عزوف كبير من الطلبة عن التسجيل الجامعي بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وخاصة بسبب سياسة تقليص موازنة السلطة تجاه قطاع غزة. فمعظم المجتمع لا يدرك أن ما يحدث هو انتهاك لحقوقه”.
وأكد على أن الإنسان يجب أن يطالب بحقوقه من خلال وسائل حضارية إذا أدركها. وهذا ما تفعله هيئة التثقيف في “بال ثينك”، وهو ترسيخ المعرفة حول حقوقهم.
وأوضح شرشرة أن من حق الفلسطيني على الجهات الحكومية التعليم المجاني، والحق في الضمان الاجتماعي والصحة والحياة، وعدم الاعتقال خارج نطاق القانون، والحق في الاختيار والمشاركة السياسية، وحق الأطفال في بيئة خالية من العنف الداخلي.
الشباب هم الأكثر تضررا
وأكد المحامي على أن الشباب هي الفئة الأكثر تضررا لغياب حقوق الإنسان في المجتمع الفلسطيني كونه مجتمع شاب. بالإضافة إلى غياب تدافع الأجيال في فلسطين منذ زمن طويل، وتوقفت تماما منذ بداية الانقسام.
وأشار إلى أن حقوق الإنسان هي الضمان الأهم لعدم تكرار المآسي التي حصلت في الحرب العالمية الثانية. وكلما كانت منظومة حقوق الإنسان لا تعمل ففرص تجدد الحروب والمعاناة كبيرة.
واختتم شرشرة بالقول: “من أهم معيقات حقوق الإنسان هو الانقسام الذي أفرز منظومة سياسية وأمنية تتعامل مع منظمات حقوق الإنسان في العديد من الحالات بعلاقة ندية تعيق أي تغيير. بالإضافة أن الميول الأيدلوجية والفكرية للأنظمة الحاكمة التي قد تتعارض مع بعض الحقوق.