السياسة الأمريكية تجاه فلسطين على مدى مائة عام
نظمت مؤسسة بال ثينك للدراسات الإستراتيجية بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية بمدينة غزة جلسة حوارية حول “السياسة الأمريكية تجاه فلسطين على مدى مائة عام” والتي استضافت عبر السكايب الأستاذ خالد الجندي من واشنطن مؤلف كتاب ” أمريكا والفلسطينيين من بلفور إلى ترامب”.
ورحب الأستاذ عمر شعبان رئيس مجلس إدارة مؤسسة بال ثينك بالحضور مشددا على أهمية هذه الجلسات والحوارات الدورية مع الخبراء حول العالم، وافتتح جلسة الحوار بالتساؤل حول كيفية فهم السياسة الأمريكية ونحن على أعتاب صفقة القرن، وما هي المعايير التي صاغت
العلاقة مع الفلسطينيين منذ وعد بلفور، وكيف يمكن لنا الاستفادة من التاريخ في فهم السياسة الأمريكية. وبدوره رحب د. أسامة عنتر، مدير برامج مؤسسة فريدريش أيبرت في قطاع غزة بالحضور المتنوع من كل الاطياف السياسية والفكرية، وأكد على أهمية تناول هذه المواضيع بعناية وعمق أكبر مما يخدم القضية الفلسطينية.
تحدث أ. خالد الجندي أن السياسة الامريكية تتعاطى مع ملف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية من مبدأ التساوي في ميزان القوى، وتخضع في اغلب الأحيان لتوازنات السياسة الداخلية للإدارة الامريكية والتي تنعكس بشكل عام على مجرى عملية التفاوض، فيما المفاوض السليم يجب أن يميز بين مواقف وقوة الطرفين، ويلاحظ أن الادارة الامريكية تحاول دوما الدخول من بوابة الجانب الانساني والاقتصادي والتغافل عن أصل المشكلة وهو الاحتلال الاسرائيلي.
ويري الجندي أن المسيرة السلمية قامت على فرضيتين: الفرضية الأولى أمن إسرائيل ومطلوب من الفلسطينيين اعطاء ضمانات والانتقال من منظمة التحرير إلي الدولة، إلا أن هذه الفرضية عمليا اعطت إسرائيل المدة الكافية لفرض سياسات امر واقع على الأرض لتحصين احتلالها. أما الفرضية الثانية للمسيرة السلمية هدفت الي جعل السياسة الفلسطينية ذات مصداقية من خلال اتفاق اوسلو وليس من خلال الشعب، وهذا أدي إلى وضع ضغوط على الطرف الضعيف وهذا يتنافى مع الاساس السليم لإدارة المفاوضات، وأدت هذه السياسة الي اضعاف السلطة الفلسطينية وإدامة الانقسام الفلسطيني عن طريق فرض شروط الرباعية الدولية.
ويري الجندي أن السياسة الأمريكية تحكمها ثلاثة مبادئ: 1) وجود لوبي صهيوني قوي 2) وجود كونغرس متعاطف مع إسرائيل 3) التباينات والتناقضات بين مكونات الطبقة التنفيذية في الادارة الامريكية.
ويصف الجندي سياسة ترامب بأنها قائمة على إعادة تشكيل مسيرة السلام مما يتناسب مع المعطيات الجديدة على الارض، ولا يري ترامب أي تناقض في طرحه، فهو ينطلق من الواقع والاعتراف بالموجود، البعض يرى ان ترامب يعيد القضية الي ما قبل أوسلو، ولكن عمليا هو يعيدها الي ما قبل 1967 وهذا كان السبب المباشر لكتابة كتابي الجديد من بلفور الي ترامب.
وفي رده على مداخلات الحضور، يري الجندي أن كل الادارات الامريكية كانت بعيدة عن الواقع ولكن ادارة ترامب بعيدة كل البعد عن الواقعية وقد يزيد الأمر سوءا، ويضيف بأن هناك قوتين في الادارة الامريكية، قوة الخارجية والدبلوماسية الامريكية وقوة المخابرات وأجهزة الامن الذين يسعون الي اتخاذ سياسات تخدم الامن الامريكي اولا فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الامريكية. ويري أن منظور الرؤية للسياسة الخارجية للرئيس ومستشاريه تتأثر بالسياسات الداخلية عكس منظور الخارجية والدبلوماسية الامريكية وهذا يوضح مبدأ التباينات في صناعة السياسة. ويضيف بالقول إنه كلما كان الكونغرس قوي كان له القدرة على الحد من تطلعات الرئيس وكثيرا ما لعب الكونغرس دور المخرب، وبالتالي فالرئيس محكوم بإرضاء الجميع داخل الادارة الامريكية.
وفي رده على تساؤل حول الدور الديني في السياسة الامريكية، يؤكد الجندي أن هناك بيئة ايديولوجية وثقافية تصيغ هذا الدور الديني، فالولايات المتحدة دولة بروتستانتية والدين له دور كبير في السياسة والحياة الامريكية وهذا برز في طريقة تناول الكونغرس حول وعد بلفور والذي يرى الانجيل وثيقة تاريخية تتجاوز السياق الفلسطيني.
وفي بعض المداخلات يرى بعض الحضور بأن ترامب هو أكثر رئيس جاد في ايجاد حل للقضية الفلسطينية بغض النظر إن كان حل عادل أو غير عادل، عكس الادارات السابقة التي كانت تدير الصراع فقط، فيما يرى البعض أن السياسة الامريكية لا يمكن اختزالها في شخص الرئيس الامريكي، بل هي من صناعة دولة المؤسسات الامريكية.
ويختم الجندي بالرد على تساؤل حول التغييرات في الحزب الديمقراطي وإمكانية البناء عليها. بالقول أن هناك تغير ملحوظ في المزاج اليساري الامريكي وإن كان ضعيفا نوعا ما الا أنه يستطيع التأثير على الارض ومن خلال قنواته السياسة في الكونغرس. وفيما يتعلق بانعكاس السياسة الامريكية وقرب طرح ما تعرف بصفقة القرن يرى الجندي أن على الفلسطينيين العمل على ايجاد بدائل وعدم وضع كل الثقل بالسلة الامريكية، والعمل على اصلاح البيت الداخلي والاتفاق على برنامج اجماع وطني.