مؤتمر مانحين لإعادة إعمار قطاع غزة .. التاريخ يعيد نفسه … فهل نتعظ؟
بقلم: عمر شعبان
بعيد الحرب الاسرائيلية الاولى ديسمبر 2008-يناير 2009 على قطاع غزة بما خلفه من دمار و قتل و تشريد ، يتم الدعوة إلى مؤتمر مانحين تحت عنوان ” إعادة إعمار قطاع غزة ” و يعقد في مدينة شرم الشيخ المصرية في الثاني من مارس 2009 يشارك به ممثلي 70 دولة و16 منظمة اقليمية . تقدم فيه الحكومة الفلسطينية في ذلك الوقت التي كان يترأسها و وزير ماليتها أيضا د.سلام فياض خطتها بقيمة 2.8 مليار منها 1326 مليون دولار ” نسبة 48%” لإعادة إعمار غزة في حين خصص 1450 مليون دولار” بنسبة 52 % لدعم موازنة السلطة الفلسطينية وسد العجز المزمن في موازنتها .
أعدت الخطة دون أي مشاركة من مؤسسات في قطاع غزة و إتسعت قاعة المؤتمر لجميع وفود العالم ما عدا ممثلين من قطاع غزة . قدمت الخطة باللغة الانجليزية و لم يتوافر نسخة عربية لها إلا بعد شهور فيما بعد . مما دلل بشكل قاطع على تجاهل الحكومة في ذلك الوقت لمفهوم و أسس الشراكة و التشاور مع المجتمع الفلسطيني و مؤسساته . تعهدت الدول و الجهات المانحة ب4.7 مليار دورلار أي أعلى بنسبة 167% مما طلبته الحكومة الفلسطينية في خطتها . نحن السلطة الوحيدة في العالم التي تعطى أكثر مما تطلب. رغم الحديث الذي أصابنا بصداع شديد عن الشفافية و أن غزة تستحوذ على 56% من الموازنة العامة ، لم يتم لغاية الآن تقديم كشف مفصل عن نتائج مؤتمر شرم الشيخ ، لا يعرف كم هي المبالغ التي دفعت فعلا , و كيف خصصت ! ما لا يعرفه الكثيرون أن هناك أكثر من 500 عائلة من متضرري حرب 2008-2009 مازالوا على قائمة الانتظار رغم الاموال الضخمة التي ضخت بهدف إعادة الإعمار .
بدء الحديث عن مؤتمر مانحين جديد يعقد في بداية سبمتمبر في اسلو عاصمة النرويج بهدف تجنيد أموال لإعادة إعمار قطاع غزة . في حال إنعقاد هذا المؤتمر سيسجل تاريخ البشرية أن قطاع غزة ، وهو البقعة الصغيرة جدا والمليئة بالسكان هي المكان الوحيد الذي تعرض لثلاثة حروب مدمرة و شهد ثلاث مرات إعادة إعمار في سبع سنوات و هي فترة قصيرة جدا في عمر الدول ، خصص خلالها أموالا ضخمة و مازال قطاع غزة يعاني الفقر و البطالة و الانقطاع المتواصل للكهرباء و الفقر الواضح في خدمات البنية التحتية.
وحيث أن التاريخ يعيد نفسه كي نتعظ .. فهل : تتجنب حكومتنا الحالية قصور و تجاهل الحكومات السابقة لقطاع غزة , هل سيتم تقديم الخطة باللغة الانجليزية أم باللغة العربية ، مذكرا الحكومة الفلسطينية ، قد تنفع الذكرى أن اللغة العربية هي اللغة الاولى في فلسطين ، و أن فلسطين عضو في جامعة الدول العربية و ليست عضوا في منظمة الكومونويلث البريطانية . هل ستنتظر آلاف العائلات التي فقدت بيوتها و تعيش في العراء و المدارس سنوات قادمة قبل أن تحصل على حقها في منزل يكفل لها إحترامها و كرامتها . وهل سننتظر في قطاع غزة سنوات كي نستعيد الكهرباء و بعض الكرامة ! إن البطء في تلبية إحتياجات آلاف النازحين سيجعل من قطاع غزة بأكمله مخيم لاجئين هائل تنتشر في أنحائه عشرات آلاف الخيم وهو مايمثل طعنا في كرامة الناس و نكرانا لصمودهم ، كذلك سيخلق أزمات إجتماعية و إنسانية و صحية خطيرة ، و سيستهلك مساحات هائلة من الاراضي الزراعية. إضافة فإن بقاء ملايين الاطنان من المخلفات سيسبب كارثة بيئية و مكرهة صحية.
هل سيتم توظيف معاناة أهلنا في قطاع غزة للحصول على معونات دولية تخصص لسد عجز الموازنة المزمن و الناتج عن سوء إدارة وزارة المالية ! بدلا من دعم أهلنا في قطاع غزة الذين عاشوا أياما و ليال من الرعب في ظل عدوان لم يسبق له مثيل ! يجب أن لا نسمح بذلك و على المؤسسات و القوى السياسية ليس في قطاع غزة فقط بل في محافظات الشمال أيضا وشخصياتها الوطنية و نواب المجلس التشريعي التصدي لكل محاولات تمهيش قطاع غزة و وقف التعاطي بإستخفاف مع معاناتها . قطاع غزة جزء لا يتجزأ من المشروع السياسي الفلسطيني و يجب التعامل معه على قدم المساواة و بشراكة حقيقية فعلية تتجاوز التصريحات المنمقة .
أعيد التذكير بما طلبت به ، في مقال نشر سابقا من الوزير شوقي العيسة , وزير الشؤون الاجتماعية و رئيس لجنة الطورائ المشرفة على المساعدات المخصصة لقطاع غزة
السيد الوزير : بصفتك رئيس لجنة الطوارئ المركزية أدعوكم إلى وضع قائمة تفصيلية تتضمن جميع التبرعات و المساعدات النقدية و العينية التي خصصت لقطاع غزة و كذلك بنود الصرف و آلية الصرف و الجهات التي تم تخويلها بذلك . وذلك من أجل تعزيز الشفافية و الثقة و إسترجاع الوحدة الوجدانية قبل السياسية بين أهلنا في محافظات الشمال و الجنوب و مع السلطة الفلسطينية و شعبها . مع تأكيدي أن الشعب الفلسطيني في محافظات الجنوب و محافظات الشمال موحد و على قلب رجل واحد رغم المحاولات المسمومة ممن إنتهت صلاحيتهم لبث روح الحقد و العنصرية بينهم .